الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أغرب سبب للصراع.. حرب الصيد بين بريطانيا وفرنسا تشوي أسماك بحر الشمال.. باريس تلوح بعقوبات وتهدد بقطع الكهرباء عن إنجلترا.. ولندن تأسف لغدر الحليف

قوارب صيد فرنسية
قوارب صيد فرنسية في المياه البريطانية

منذ القرن الثالث عشر حتى نهاية الحروب النابليونية في الربع الأول من القرن التاسع عشر، تناطحت بريطانيا وفرنسا في حروب وصراعات يصعب حصرها، دارت كلها حول التوسع الإمبراطوري الاستعماري في أراضي القارة الأوروبية وفيما وراء البحار.

ومؤخرًا، بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، طفت إلى السطح بوادر صراع جديد لأغرب سبب يمكن أن ينشب حوله خلاف بين قوتين عظميين؛ حقوق صيد الأسماك في المناطق الاقتصادية البحرية المتتاخمة للبلدين في بحر الشمال.

قائمة عقوبات فرنسية

وأمس الأربعاء، أصدرت فرنسا قائمة بالعقوبات التي يمكن أن تدخل حيز التنفيذ اعتبارا من الثاني من نوفمبر ما لم يتم إحراز تقدم كاف في الخلاف المتعلق بالصيد مع بريطانيا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، وقالت إنها تعد مجموعة ثانية من العقوبات قد تؤثر على إمدادات الطاقة للمملكة المتحدة.

وفرضت الشرطة البحرية الفرنسية غرامة على سفينتي صيد بريطانيتين خلال عملية تفتيش، الأربعاء، مع اندلاع خلاف جديد بين لندن وباريس بشأن حقوق الصيد بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وقالت وزيرة البحرية الفرنسية، أنيك جيراردين، في تغريدة على "تويتر"، إنه على الرغم من أن الفحوصات على القوارب البريطانية كانت قياسية خلال موسم صيد الأسقلوب (المحار)، فقد تم تشديدها أيضا "على خلفية تشديد الضوابط في القناة، في سياق المناقشات بشأن التراخيص مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والمفوضية الأوروبية".

وقالت وزارتا الشؤون البحرية والأوروبية في بيان مشترك إن فرنسا باستطاعتها تكثيف عمليات التفتيش الحدودية والتفتيش الصحي على البضائع القادمة من بريطانيا بشكل خاص، ومنع قوارب الصيد البريطانية من دخول موانئ فرنسية معينة وتشديد أعمال التفتيش على الشاحنات المتجهة للمملكة المتحدة والمغادرة منها. وقال البيان "يجري إعداد جولة ثانية من الإجراءات. لا تستبعد فرنسا إعادة النظر في إمداداتها من الكهرباء للمملكة المتحدة".

وتأتي هذه الخطوة بعد أن تعهدت فرنسا الشهر الماضي باتخاذ إجراءات ضد رفض المملكة المتحدة منح تصاريح صيد لثلاثة أرباع القوارب الفرنسية الصغيرة التي طلبت الإذن بالصيد في المياه بين البلدين.

وطبقاً للبيان الفرنسي، الذي نشره الوزير الفرنسي للشؤون الأوروبية كليمون بون على حسابه بموقع تويتر، تأتي تلك الإجراءات بعد عدم التزام بريطانيا بتوفير تصاريح الصيد المنصوص على منحها طبقاً للاتفاق الذي وقعته لندن مع الاتحاد الأوروبي لإكمال عملية خروج بريطانيا من التكتل "بريكست" في يناير الماضي.

وأكد البيان أنه تم الاتفاق على تلك الخطوة مع ممثلي الأقاليم الفرنسية الثلاثة المتضررة من عدم حصول صياديها على التصاريح، بالإضافة إلى تضامن 11 دولة بالاتحاد الأوروبي مع مطالب باريس.

أسف بريطاني

وقال ديفيد فروست، الوزير البريطاني المسؤول عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، إنه "من المخيب للآمال للغاية أن فرنسا شعرت بضرورة توجيه تهديدات في وقت متأخر من هذا المساء ضد صناعة صيد الأسماك في المملكة المتحدة والتجار على ما يبدو على نطاق أوسع".

وأضاف: "بما أننا لم نتلق أي اتصال رسمي من الحكومة الفرنسية بشأن هذا الأمر، فإننا سنسعى للحصول على توضيح عاجل لخططهم. وسننظر في الإجراءات الإضافية اللازمة في ضوء ذلك". وقال متحدث باسم الحكومة البريطانية إن الموقف الفرنسي "لم يكن ما نتوقعه من حليف وشريك مقرب".

البريكست المتهم الأول

وظهرت مسألة الصيد مجددا كمحور خلاف في العلاقات الصعبة بين لندن وباريس مطلع الشهر الحالي، عندما منحت بريطانيا عددا ضئيلا من رخص الصيد التي كانت تتوقعها السلطات الفرنسية.

وقدمت حكومة المملكة المتحدة تصاريح لـ 12 فقط من أصل 47 سفينة فرنسية لمياهها الساحلية. وقالت الحكومة البريطانية، إن السفن التي تم رفضها فشلت في تقديم دليل على أنها تعمل في المياه ذات الصلة.

وهدد وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية كليمان بون بأن الاتحاد الأوروبي قد يقطع إمدادات الطاقة عن بريطانيا، بسبب رفض الأخيرة التي تستورد الطاقة أساسا من فرنسا توفير تراخيص صيد كافية للصيادين الفرنسيين. وقال "سنتخذ إجراءات ضغط أوروبية أو وطنية ضد المملكة المتحدة" مهددا على وجه الخصوص استهداف جزر القنال، التي تزودها فرنسا بالكهرباء عن طريق الكابل البحري" وتابع "يعتقد البريطانيون أن بإمكانهم العيش بمفردهم وجلب الضرر لأوروبا.، لكن هذا الأمر غير ذي نجاعة بالنسبة لنا، إنهم يبالغون في المزايدة، لنقل كفى.. حكومتنا تدعم وتدافع عن صيادينا".

وفي مايو الماضي، احتشدت عشرات المراكب الفرنسية المخصصة للصيد في ميناء عاصمة جزيرة جيرسي البريطانية للتنديد بشروط الصيد المفروضة على البحارة الفرنسيين بعد البريكست

وتعد جيرسي أكبر جزر القنال، هي تابعة للتاج البريطاني ويتم الدفاع عنها وتمثيلها دوليا من قبل حكومة المملكة المتحدة. وتقع الجزيرة على بعد 14 ميلا فقط من الساحل الفرنسي، و85 ميلا جنوب الساحل الإنجليزي.

وبموجب اتفاق التجارة الخاص بالبريكست، والذي دخل حيز التنفيذ في 1 يناير، يستمر الصيادون في الاتحاد الأوروبي بالتمتع ببعض الحقوق في الصيد في مياه المملكة المتحدة كجزء من فترة انتقالية حتى عام 2026.

ومع ذلك، فبموجب القواعد الجديدة، يجب أن تحصل قوارب الاتحاد الأوروبي التي ترغب في الصيد على بعد 12 ميلا من ساحل المملكة المتحدة على ترخيص، وإثبات أن لديها تاريخا في الصيد في تلك المياه من أجل الاستمرار في العمل، أي تقديم أدلة على أنشطة الصيد الماضية.

تاريخ من حروب الصيد

وخلال عضوية المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي لمدة 47 عاما، تم تحديد حقوق الصيد كجزء من سياسة صيد الأسماك المشتركة للاتحاد.

وقبل ذلك كان هناك ما كان عرف باسم "حروب القد" بين سفن الصيد الآيسلندية والبريطانية من 1958 إلى 1976. واندلعت اشتباكات بسبب تأكيد آيسلندا سيطرتها على البحار المحيطة بالجزيرة، ورافقت سفن البحرية الملكية مراكب الصيد البريطانية آنذاك.

كذلك اندلعت ما أطلق عليه "حروب الإسكالوب" في صيف 2018، ودار النزاع بين فرنسا وبريطانيا حول حقوق الصيد في خليج "السين" الثري بالثروة السمكية، حيث يسمح للصيادين من البلدين بالصيد فيه، ورغم ذلك اشتعل الخلاف عندما انهار اتفاق سابق يقضي بإبعاد الصيادين من الطرفين عن المنطقة لشهور قليلة كل عام.