الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. غادة جابر تكتب: مقياس القوة الأمريكية بعد صعود الصين

غادة جابر
غادة جابر

في عالم العلاقات الدولية المعقد الذى يشير أحياناً أننا بصدد التحول نحو التعددية القطبية،  فهل يتحقق ذلك في الواقع الذى يتعايش معه العالم الأن، خاصة بعد صعود الصين، وتواجدها بقوة علي الساحة الدولية أقتصادياً وعسكرياً، فميزان القوة يوم بعد يوم يثقل بمكيال الصين، أم أننا بصدد عالم أحادى القطبية تسيطر عليه الولايات المتحدة الأمريكية ؟، أم تأخذنا دراسة العلاقات الدولية أننا بصدد توازن القوى ؟

النظرية التي تقوم علي وجود دول في حالة تكاد تتعادل فيها قوتها العسكرية أمر من شأنه أن يحول دون نشوب النزاع المسلح ، وتسعي الدول الي الحفاظ علي التوازن العسكرى فيما بينها ، وتقول أيضاً إن بإمكان الدولة ضمان وجودها عبر منع أي دولة أخرى من أكتساب قوة عسكرية تمكنها من الهيمنة علي الدول الأخرى .

اذاً ما يقرأه المشهد العالمي الأن هو حالة معقدة بين قوة واحدة مهيمنة بالفعل وأخرى صاعدة سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وثقافياً وتكنولوجياً ،وبقراءة في كتاب جورج فريدمان، عن صراع الولايات المتحدة لقيادة العالم ، لا يمكن أن يتأتي إلا بالسيطرة علي الصين، منفردة بدءاً بعزلها دولياً، ولكن الأربعين عاماً الماضية حقبة في العلاقات الأمريكية الصينية  تخللها العديد من التقلبات، و كانت حقبة من التكامل الاقتصادى المطرد بين البلدين بشكل عام، وقد ساعد هذا التكامل بين البلدين  في دعم أربعة عقود من السلام النسبي بين القوتين العظمتين في العالم.

 وبعد أن أنسحبت الولايات المتحدة من أفغانستان ، بعد عشرون عاماً من المحاولة الفاشلة لبناء دولة ، واصبحت الصين ثابتة وقادمة دون الرجوع الي الوراء كما وصف بعض المحللين السياسيين الولايات المتحدة بالتراجع عشرون عاماً ، باتت المخاوف من الصين صريحة ، واصبحت تفكر أمريكا كيف تدير ملف السياسة الخارجية ، لعزل الصين ،   فأعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن ، أعلان تشكيل تحالف عسكرى كبير في منطقة المحيطين الهندى و الهادى ، وذلك بتعزيز موقعة ، في المنطقة ، وبشكل غير رسمي بأستقباله رؤساء حكومات الهند واليابان وأستراليا ، فيسعي لتشكيل تحالفات في مواجهة نفوذ الصين .

 إحياء هذه الصيغة الدبلوماسية المسماه " كواد " أو " الحوار الأمني الرباعي " ويرى الخبير جوناثان سترومست ، أن الجهد المبذول لإحياء تحالف كواد ، يرمز الي نهج ادارة بايدن حيال الصين التي تقدم علي أنها منافسة عندما يلزم الأمر ، ومتعاونة عندما يكون ذلك ممكناً ، وفي المواجهة حين يلزم ، ويأمل الرئيس الأمريكي الذى ، يريد تجاوز المواجهة المباشرة بين القوتين العظمتين ، إحياء التحالفات وتحفيز شركائة علي أتخاذ مواقف صريحة للتصدى لصعود الصين ، فالرئيس بايدن حافظ علي خط تصدى قوى مشابه لنهج الرئيس دونالد ترامب ، فهو يتعامل بشكل مختلف في مواجهة الصين ، القوة العسكرية و التحالفات اختلافاً عن سلفه بفرض العقوبات الأقتصادية علي الصين.

أيضاً تخوفاً من الصعود وبسط النفوذ الصيني سياسياً وأقتصادياً وعسكرياً وثقافياً ، هل الولايات المتحدة الأمريكية تسعي الي حرب باردة مع الصين ؟ في الواقع العالمي هناك حربا باردة مستمرة بين البلدين ، تسعي أمريكا من خلالها الي تحجيم نفوذ الصين والصعود الصيني ، من خلال التحالفات مع الدول البارزة في النظام الدولي ، أستراليا و اليابان و الهند ، ولكن رغم ذلك فإن الهند لا تريد الدخول في مواجهة أقتصادية مباشرة مع الصين ، وكذلك اليابان ، فالصين أنتزعت منها المرتبة الثانية في أقتصاد العالم ، وأيضاً تخشي تحركات الصين العسكرية في المنطقة ، بالأضافة الي دعم الصين لكوريا الشمالية ، وتحالف بايدن مع الاوروبيين ، لتحجيم الصين يواجه تحديات ، بعد انسحاب امريكا من افغانستان ، وأزمة الأتفاقية الأمنية مع استراليا وبريطانيا ، حيث دفع ذلك الاوروبيين ، خاصة فرنسا و ألمانيا ، فتبنوا سياسة اقتصادية مستقلة عن الولايات المتحدة.

 وتستمر أمريكا في استخدام أوراق الضغط من استخدام أوراق حقوق الانسان والإصلاح السياسي لعزل الصين دولياً ، وهذا أيضاً لا يؤثر علي صعود الصين ، حيث لم تعد هناك مصداقية للولايات المتحدة الأمريكية فيما يتعلق بالديمقراطية ، وتستمر الحرب الباردة بين القوتين الي أن أخذت شكل الحرب البيولوجية عند أتهام الولايات المتحدة للصين أنها سبب تفشي فيروس كورونا ، وترد الصين أن الولايات المتحدة هي التي أرسلت جنود أمريكيين الي مدينة ووهان وكانوا يحملون الفيروس ، والي الأن جارى البحث عن سبب تفشي الفيروش ، ومن أين كان المنشأ ، و الأتهامات قائمة بين القوتين العظمتين ، الولايات المتحدة الأمريكية ، و الصين ، الي أن تنجح الولايات المتحدة في محاولاتها لتحجيم الصعود الصيني أو نصبح في عالم التعددية القطبية .