الحياة النيابية لـ بطل الحرب والسلام.. السادات أول رئيس يتولى رئاسة البرلمان|نوستالجيا

"بطل الحرب والسلام وقائد الانتصار العظيم"، عبارات ظلت راسخة في جميع أذهان المصريين لما تمثله من قيمة تاريخية كبرى لـ الرئيس الراحل أنور السادات، كي يثبت للعالم أن مصر تملك درعًا وسيفًا، تحمل مسئولية تنوء بحملها الجبال.

وكان بقدر ثقة مصر وشعبها فيه، قائدًا وطنيًا ذا عبقرية استراتيجية، وضع مصلحة بلده وشعبه فوق أي اعتبار آخر، وعبر بها بر الأمان والسلام، إنه الشهيد محمد أنور السادات، قائد ملحمة العبور في 6 أكتوبر عام 1973، والذى أبهر العالم بحرب من أعظم حروب القرن العشرين، و أعاد الحياة لقناة السويس من جديد، وكـ ثاقب للرؤية، اتخذ قرار السلام، زار القدس فى مفاجأة أذهلت العالم، ودعا لإنهاء مرحلة الحروب، ومن ثم هرولت العديد من الدول العربية لـ الالتحاق بركب السلام الذى أرسى هو قاعدته الأولى.

ولد محمد أنور السادات في الخامس والعشرين من ديسمبر عام 1918، لأب مصري وأم من ذوي أصول سودانية، في قرية "ميت أبو الكوم"، بمحافظة المنوفية، وبدأ حياته في كتَّاب القرية ومكث به قرابة 6 سنوات استطاع خلالها أن يحفظ القرآن كاملا، ومن الكتّاب انتقل إلى مدرسة الأقباط الإبتدائية بقرية طوخ دلكا المجاورة لقريته، حيث لم يكن بقريته آنذاك أية مدارس للتعليم الابتدائي وحصل منها على الشهادة الابتدائية.

لكن في واقع الأمر ، هناك وجه نيابي آخر للزعيم الراحل، حيث لم يكن هذا الدور مجرد "تسجيل حضور" فقط، بل كان ذو مكانة مؤثرة تحت قبة مجلس النواب المعروف بـ "مجلس الأمة " آنذاك.

 

عرض السادات خدماته على أبناء دائرته بـ " محافظة المنوفية" على مدار ثلاث دورات تشريعية، في الفترة من 57 إلى 68 من منتصف القرن الماضي، واستطاع أن يفوز بها كلها، غير أنه لم يكتف بأن يكون عضوا عاديا، فقد آثر أن تكون له الكلمة الأولى كعادته، داخل المجلس.
 

فمنذ أن تولى الرئيس أنور السادات الحكم، بدأ في اتخاذ عدة قرارات بدأت تتقلص فيها سلطة الرئيس وتتعاظم معها سلطة المؤسسات السياسية وزيادة قدرتها على التأثير والمشاركة السياسية وإكساب المواطنين مزيدًا من الحقوق والحريات.

واكتملت منظومة السياسية بدعوة مجلس الأمة في 20 مايو 1971 بإعداد دستور جمهورية مصر العربية الدائم وعرضه على الشعب في الاستفتاء.

برلمان الوحدة

كان برلمان الوحدة الذي تأسس بناءً على اتفاقية بين مصر وسوريا، بعد صدور قرار بحل مجلس الأمة المصري ومجلس النواب السوري، فى عام 1960م، هو أول عهد السادات بكرسي الرجل الأول، بعد توليه رئاسته، بالتزكية.

وكان برلمان الوحدة، الذي أصدر عبد الناصر قرارا بإصداره، يتكون من 600 عضو، منهم 400 عضو مصري والباقي سوري.

رئاسة مجلس الأمة

واصل السادات نبوغه في الحياة النيابية، بتولىه رئاسة مجلس الأمة في الفترة من 1964 إلى 1968، ومرت هذه الفترة بظروف عصيبة على الشعب المصري والقيادة السياسية، إذ تخللها مجموعة من الأحداث التي أثرت في تاريخ مصر، على رأسها نكسة 67، وتراجع عبد الناصر عن انسحابه من رئاسة الجمهورية، والتي عرضها على السادات.

 

الحياة النيابية لـ بطل الحرب والسلام

نتيجة لحنكة محمد أنور السادات السياسية والنيابية، فقد حصل على ثقة الراحل جمال عبد الناصر، ليكون نائبا له، ليترك الحياة النيابية، إلى السلطة التنفيذية، لتكون بادرة وبداية طريق لتوليه الرئاسة بعده مباشرة.

و تم انتخاب السادات رئيسا لأول مجلس نيابي بعد قيام الثورة في عهد الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، فترتين متواليتين، عن عمر ناهز 43 عاما، ليكون أول رئيس مصري يتولى رئاسة البرلمان.

واستمرت الفترة الأولى عاما واحدا، من 21 يوليو 1960 إلى 27 سبتمبر 1961، ثم تكرر الأمر عام 1964، إذ اعتلى نائب دائرة تلا بالمنوفية، كرسي رئاسة المجلس لمدة 4 سنوات بدأت في 26 مارس 1964 وانتهت في 12 نوفمبر 1968.

وشهدت فترة رئاسة السادات لمجلس الشعب آنذاك تطورات سياسية وعسكرية هامة، على رأسها حرب 1967، والمعروفة إعلاميًا بـ “النكسة”، حيث كان للمجلس أهمية كبيرة في القرارات التي كانت تتخذها الإدارة السياسية في ذلك الوقت، إذ كان من اختصاصه إصدار قرارات تسليح الجيش وتوفير الاحتياطات التموينية وتنظيم صفوف القوات على الجبهة، وشهدت هذه الفترة إعادة تسليح الجيش، وغيرها من القرارات التي تختص بحرب الاستنزاف، وعقب انتهائها، جاء السادات رئيسًا مرة ثانية ولكن تلك المرة معتليًا كرسي رئاسة الجمهورية.

وجاء نص خطابه الشهير أمام مجلس الأمة عقب توليه رئاسة الجمهورية بعد استفتاء الشعب خلفا للرئيس عبد الناصر، والذي قال فيه: "إنني أعدكم أنني سأكون للجميع.. للذين قالوا نعم والذين قالوا لا، إن الوطن للجميع والمسئول فيه مؤتمن على الكل بغير استثناء.. لقد شرفني أن يقول أكثر من 6 ملايين رأيهم بـ نعم واعتبرت ذلك حسن ظن مسبق أعتز به وأرجو الله أن يمنحني القدرة على أن أكون أهلا له وجديرا به".

وواصل الرئيس خطابه، متابعا حديثه على النحو الآتي: "لقد شرفني في نفس الوقت أن يقول أكثر من سبعمائة ألف رأيهم بـ لا ولم أعتبر ذلك رفضا وإنما أعتبره حكما مؤجلا.. وأرجو الله أن يمنحني القدرة على ان أصل بالأمانة إلى حيث يجب أن تصل الأمانة وأن يجيء الحكم المؤجل قبولا حسنا، ورضا من الناس، والله في نهاية المطاف ضد كل قوى الظلم والعدوان".

ويعد محمد أنور السادات ثالث رئيس لجمهورية مصر العربية، خلال الفترة من عام 1970 حتى عام 1981، وواحدا من أهم الزعماء المصريين والعرب في التاريخ المعاصر، كان أحد ضباط الجيش المصري وأحد المساهمين في  ثورة يوليو 1952، كما قاد حركة 15 مايو 1971 م، وقاد مصر والعرب نحو تحقيق نصر أكتوبر 1973 م.