الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الساحرة فيروز

مني احمد
مني احمد

فيروز هي لبنان الحلم كما وصفها الرئيس الفرنسي ماكرون والذي حرص علي أن يكون منزلها هو اول مكان تطئه قدمه في بداية زيارته الاولي للبنان في دلالة واضحة علي مكانة جارة القمر  والتي يترافق يوم ميلادها مع عيد الاستقلال الوطني للبلد الجميل فقد شكلت جزء من هويته ووجدان شعبه ويعتبرها اللبنانيين حضن الوطن فقد وحدتهم موهبتها رغم انقسامهم المذهبي والسياسي فلا قاسما مشتركاً يجمع بين اللبنانيين اكثر من صوت فيروز. 

تجاوزت موهبتها الحدود الجغرافية كما تجاوزت الخصومات السياسية من المحيط للخليج فلم تغني فيروز لوطنها الام لبنان فقط بل غنت لمصر والشام وبغداد وعمان وفلسطين ومكة وهو ما حمل لها مكان خاصة ما زالت ترافق  قلوب محبيها العريض في مختلف أنحاء العالم. 

كان لقاؤها بعاصي الرحباني وزواجها منه المنعطف الكبير في مسيرتها فقد أعاد اكتشاف صوتها وقدراته وفهم أغواره  وتفاصيله وطبقاته فطوع جمله اللحنية لتلك الطاقة الصوتية الجبارة في مجموعة من الروائع التي تنوعت بين الأغاني والقصائد والمسرحيات الغنائية والموشحات فاجتمعت العذوبة الفيروزية بإبداع الرحبانية لتشكل مدرسة فريدة في الغناء العربي تم فيها المزج بين أنماط شرقية والوان لبنانية في الموسيقى والغناء وحالة متفردة من الإبداع. 

وتتمكن فيروز على يد الأخوين عاصي ومنصور الرحباني من التحول من صوت مغرد إلى أيقونة  قلما يجود الزمان بمثلها فصوت فيروز كان الطائر الذي يحلق حاملا معه التراث الغنائي اللبناني والفلكلور المحلي وحياة الضيعة  الي العالم العربي فكانت بحق سفيرة لبنان للعالم كله.

وجاء المزج الرحباني الفيروزي ليضيف لكلاهما  بين الحان الاخوين رحباني التي  صيغت لتناسب مقام صوت الست فيروز  الذي ينطلق مغرد بألحانهما  علي طريقتها الفيروزية  مدموغا ببصمة صوتها الذي لا تخطئه اذن فتتشكل تلاوينه اللحنية في قالب ساحر لم يتكرر حتي الآن.

بالرغم من تعاونها مع الموسيقار محمد عبد الوهاب وغنائها لخالد الذكر سيد درويش الا ان تعاونها مع الأخوين رحباني  شكل مرحلة هامة في تاريخها الفني وفي تاريخ الرحبانية  جاء في قالب ابداعي وكان مزجا عبقريا بين الصوت واللحن والكلمة.

وكان للكلمة أهمية خاصة فكانت تحرص علي انتقاء الكلمات بعناية فغنت فيروز لكثير من الشعراء العرب القدامى والمحدثين بداية من قصائد الأخطل الصغير وقيس بن الملوح  وأبي نواس وصولا إلى إيليا أبو ماضي وجبران خليل جبران ونزار قباني.

ومن الأخوين رحباني انتقلت فيروز إلى جيل آخر والحان زياد الرحباني  الذي كانت هويته الموسيقية مختلفة تماما عن والده وعمه فقد اتجه للمزج بين الموسيقى الغربية والشرقية وظهر ذلك جليا  مع اول لحن له سالوني الناس وكان عمره وقتها  لم يتجاوز ال18  فاستعان بالآت غربية وتوزيع غير مالوف وفصل جديد في مسيرة الارزة  فيروز.

صوتا من أرق الأصوات يأتي عابرا من زمن الفن الجميل مخترقا جميع الحواجز ليلامس شغاف القلب فيأخذك صوتها الساحر الي مشاعر تتأرجح تارة بين البكاء وتارة أخري يحمل إليك السعادة متدرجا رقراقاً بين الشجن والفرح فلصوتها قدرة خارقة على إعادة صياغة المشاعر. 

أغنياتها كانت  أحد أهم أسباب رواج اللهجة اللبنانية على مستوى العالم العربي  حصدت فيروز على مدار حياتها الفنية العديد من الجوائز والأوسمة حيث حصلت على وسام الاستحقاق  تقديرا لما قدمته على مدار نصف قرن أو يزيد لكن يبقي خلودها في وجدان محبيها هو أغلي الأوسمة كل سنة وجارة القمر حاضرة بصوتها محلقة بأعمالها رفيقة الأوقات الحلوة والصعبة.