الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

فضل سورة العلق .. أسرار لا تعرفها عن صاحبة القراءتين

فضل سورة العلق
فضل سورة العلق

فضل سورة العلق.. لسور القرآن الكريم أسرار ومعاني وخواطر وفضائل لا تحصى ولا تعلم، فقد ورد في كتاب الله تبارك وتعالى العجز التام عن الإحاطة بهذا الكتاب المعجز يقول تعالى:" وما يعلم تأويله إلا الله"، ومن هذه الأمور فضل سورة العلق، أو صاحبة القراءتين كما تعرف.

وفي السطور التالية نستعرض بعضاً مما ورد في فضل سورة العلق.

فضل سورة العلق

سورة العلق هي أول ما نزل من القرآن الكريم على خاتم رسل الله تبارك وتعالى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وهي مكية يبلغ عدد آياتها 19 آية، تبدأ بقوله تبارك وتعالى :"اقرأ".

يقول الإمام ابن كثير في تفسيره، وهي أول شيء نزل من القرآن، قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر، عن الزهري، عن عروة عن عائشة قالت: أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم ، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح. ثم حبب إليه الخلاء، فكان يأتي حراء فيتحنث فيه - وهو : التعبد - الليالي ذوات العدد، ويتزود لذلك ثم يرجع إلى خديجة فتزود لمثلها حتى فجأه الحق وهو في غار حراء ، فجاءه الملك فيه فقال: اقرأ . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فقلت: ما أنا بقارئ". قال: " فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني، فقال: اقرأ. فقلت : ما أنا بقارئ. فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال : اقرأ . فقلت: ما أنا بقارئ. فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: (اقرأ باسم ربك الذي خلق) حتى بلغ : (ما لم يعلم) قال: فرجع بها ترجف بوادره حتى دخل على خديجة فقال: "زملوني زملوني". فزملوه حتى ذهب عنه الروع … إلى آخر الحديث

ويرى العلماء أن الخمس آيات الأولى من سورة العلق «اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ»، هي أول ما نزل من القرآن وليست السورة كاملة، وأن بقية سورة «العلق» الـ 14 آية نزلت بعد 3 سنوات أو أكثر من نزول الخمس آيات الأولى.

والآيات الخمس الأولى التي نزلت من القرآن كانت تتحدث عن الرسول- صلى الله عليه وسلم- وتأمره بالقراءة، هي: «اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ».

فضل سورة العلق

ويذكرالدكتور علي جمعة، مفتى الجمهورية السابق، في فضل سورة العلق أن العلماء تدبروا فى قوله تعالى «اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ{1} خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ{2} اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ» وفهموا من الآية أن هناك قراءتين وليس قراءة واحدة.

وأضاف "جمعة" فى لقائه على فضائية "سى بى سى"، أن القراءة الأولى فى كتاب الله المنظور وهو الكون وهنا بدأ الله به فى الآية وبذلك تكون مختصة بالأكوان، أما القراءة الثانية تكون مختصة بكلام الرحمن، والقارئ فى الحالتين هو الإنسان.

وأشار إلى أن الأزهر الشريف كان يدرس به سبعون علما من أجل علوم الكون؛ لأن الكون أصبح مصدراً للمعرفة حتى فى الفقه.

فضل سورة العلق

ويذكر الشيخ محمد متولي الشعراوي وزير الأوقاف الأسبق في خواطره حول القرآن الكريم، وبيان سورة العلق، أن القرآن الكريم منذ اللحظة التي نزل فيها نزل مقروناً بسم الله سبحانه وتعالى ـ ولذلك حينما نتلوه فإننا نبدأ نفس البداية التي أرادها الله تبارك وتعالى ـ وهي أن تكون البداية بسم الله، موضحاً أن أول الكلمات التي نطق بها الوحي لمحمد صلى الله عليه وسلم كانت { ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ }، وهكذا كانت بداية نزول القرآن الكريم ليمارس مهمته في الكون هي بسم الله، ونحن الآن حينما نقرأ القرآن نبدأ نفس البداية.

وتابع: "لقد كان محمد عليه الصلاة والسلام في غار حراء حينما جاءه جبريل وكان أول لقاء بين الملك الذي يحمل الوحي بالقرآن، وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم قول الحق تبارك وتعالى: { ٱقْرَأْ }، واقرأ تتطلب أن يكون الإنسان، إما حافظاً لشيء يحفظه، أو أمامه شيء مكتوب ليقرأه، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان حافظاً لشيء يقرؤه، وما كان أمامه كتاب ليقرأ منه، وحتى لو كان أمامه كتاب فهو أميّ لا يقرأ ولا يكتب.

ويكمل الشيخ "الشعراوي" حديثه قائلاً:"عندما قال جبريل: { ٱقْرَأْ } قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أنا بقارئ، وكان الرسول عليه الصلاة والسلام منطقيا مع قدراته، وتردد القول ثلاث مرات، جبريل عليه السلام بوحي من الله سبحانه وتعالى يقول للرسول { ٱقْرَأْ } ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما أنا بقارئ.

فضل سورة العلق

وفي بيان شبهة كيف يقول الله لرسوله اقرأ ويرد الرسول ما أنا بقارئ؟، قال إن الله تبارك وتعالى، كان يتحدث بقدراته التي تقول للشيء كن فيكون، بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتحدث ببشريته التي تقول إنه لا يستطيع أن يقرأ كلمة واحدة، ولكن قدرة الله هي التي ستأخذ هذا النبي الذي لا يقرأ ولا يكتب لتجعله معلما للبشرية كلها إلى يوم القيامة، لأن كل البشر يعلمهم بشر، ولكن محمد صلى الله عليه وسلم سيعلمه الله سبحانه وتعالى. ليكون معلما لأكبر علماء البشر.. يأخذون عنه العلم والمعرفة، لذلك جاء الجواب من الله سبحانه وتعالى: { ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ ٱلإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ }[العلق: 1-2]، أي أن الله سبحانه وتعالى الذي خلق من عدم سيجعلك تقرأ على الناس ما يعجز علماء الدنيا وحضارات الدنيا على أن يأتوا بمثله، وسيكون ما تقرؤه وأنت النبي الأميّ إعجازاً، ليس لهؤلاء الذين سيسمعونه منك فقط لحظة نزوله، ولكن للدنيا كلها وليس في الوقت الذي ينزل فيه فقط، ولكن حتى قيام الساعة، ولذلك قال جل جلاله:{ ٱقْرَأْ وَرَبُّكَ ٱلأَكْرَمُ * ٱلَّذِى عَلَّمَ بِٱلْقَلَمِ }[العلق: 3-4]. أي أن الذي ستقرؤه يا محمد سيظل معلماً للإنسانية كلها إلى نهاية الدنيا على الأرض، ولأن المعلم هو الله سبحانه وتعالى قال: { ٱقْرَأْ وَرَبُّكَ ٱلأَكْرَمُ } مستخدما صيغة المبالغة، فهناك كريم وأكرم، فأنت حين تتعلم من بشر فهذا دليل على كرم الله جل جلاله، لأنه يسر لك العلم على يد بشر مثلك، أما إذا كان الله هو الذي سيعلمك، يكون "أكرم"، لأن ربك قد رفعك درجة عالية ليعلمك هو سبحانه وتعالى.

وأكد أن الحق سبحانه وتعالى يريد أن يلفتنا إلى أن محمداً عليه الصلاة والسلام لا يقرأ القرآن لأنه تعلم القراءة، ولكنه يقرؤه باسم الله، ومادام "بسم الله" فلا يهم أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم تعلم من بشر أو لم يتعلم، لأن الذي علمه هو الله، وعلمه فوق مستوى البشرية كلها.

وشدد على أننا نبدأ أيضاً تلاوة القرآن بسم الله، لأن الله تبارك وتعالى هو الذي أنزله لنا، ويسر لنا أن نعرفه ونتلوه، فالأمر لله علما وقدرة ومعرفة، ومنه قول الحق سبحانه وتعالى: {قُل لَّوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ}، لذلك أنت تقرأ القرآن باسم الله، لأنه جل جلاله هو الذي يسره لك كلاماً وتنزيلاً وقراءة، مستطرداً: لكن هل نحن مطالبون أن نبدأ فقط تلاوة القرآن بسم الله؟، موضحاً أننا مطالبون أن نبدأ كل عمل باسم الله، لأننا لابد أن نحترم عطاء الله في كونه، فحين نزرع الأرض مثلاً، لابد أن نبدأ بسم الله، لأننا لم نخلق الأرض التي نحرثها، ولا خلقنا البذرة التي نبذرها، ولا أنزلنا الماء من السماء لينمو الزرع.