الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ذكرى إعدام الزعيم صدام حسين.. غدر به أحد أقاربه.. وحاز على جائزة اليونسكو

الزعيم الراحل صدام
الزعيم الراحل صدام حسين

تحل اليوم، الخميس 30 ديسمبر، ذكرى إعدام الزعيم الراحل صدام حسين، رئيس جمهورية العراق، في بغداد بعد القبض عليه بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003.

ويعتبر صدام حسين أحد الزعماء العرب الذى كان مؤمنا بفكرة القومية العربية التي دعا إليها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وكان ونائب رئيس جمهورية العراق عضو القيادة القطرية ورئيس مكتب الأمن القومي العراقي بحزب البعث العربي الاشتراكي بين 1975 و1979 قبل توليه الحكم العراق، خامس رئيس لجمهورية العراق والأمين القطري لحزب البعث العربي الاشتراكي والقائد الأعلى للقوات المسلحة العراقية في الفترة ما بين عام 1979م وحتى 9 أبريل عام 2003م.

وفيما يلي يلقى "صدى البلد" الضوء على أهم مراحل حياة الزعيم العربي الراحل "صدام حسين".

الزعيم الراحل صدام حسين

حياته ونشأته

ولد صدام حسين مجيدَ عبدَ الغفور سليمان عبدَ القادر بن عمر الثاني الرفاعي، أمير تكريت، الذي يعود نسبه إلى علي بن أبي طالب، في قرية العوجة التي تبعد 23 كم عن مدينة تكريت الواقعة شمال غرب بغداد التابعة لمحافظة صلاح الدين، والذي ينتمي إلى عشيرة البيجات الرفاعية لعائلة تمتهن الزراعة.

توفي والده قبل ولادته بستة أشهر وتعددت الأقاويل التي فسرت سبب وفاته ما بين وفاة لأسباب طبيعية أو مقتله على أيدي قطاع الطرق، وبعدها بفترة قصيرة توفي الأخ الأكبر لصدام، وهو في الثالثة عشرة بعد إصابته بالسرطان.

صدام حسين في صغرة

وكان حسين المجيد والد صدام رجلًا فقيرًا عاش يتيم الأبوين وكان يعمل حارسًا وفلاحًا، وتزوج من صبحة وهي إحدى قريباته وأنجبا طفلًا مات بعد أربعة أشهر من ولادته بسبب المرض ثم حملت بعد ذلك، مات حسين المجيد قبل ولادة صدام بثلاثة أشهر، وأقام له صدام لاحقًا ضريحًا فخمًا في تكريت.

وينتسب صدام إلى عشيرة البيكات التي اُشتهر منها مسئولون في الحكومة العراقية في عهد أحمد حسن البكر ثم صدام.

تعليم صدام حسين

كانت عائلة  صدام حسين تريد منه أن يصبح مزارعًا على أساس أنه لا فائدة من التعليم، لكن صدام أصبح مهتمًا بفكرة التحصيل العلمي والذهاب إلى المدرسة بعد أن التقى بابن خاله عدنان خير الله الذي أبلغه كيف أنه يتعلم القراءة والكتابة والحساب وقد أصبح عدنان أعز أصدقاء الطفولة لصدام.

ذهب صدام مع ابن خالته إلى كريت للالتحاق بالمدرسة، وأكمل صدام دراسته الابتدائية عام 1955م في تكريت وانتقل مع عدنان خير الله إلى بغداد، حيث التحق الصبيان بمدرسة الكرخ الثانوية، وكان من المتفوقين في دراسته المتوسطة والثانوية.

صدام حسين في شبابه

وبعد أن تخرج صدام من المدرسة الثانوية التحق بأكاديمية بغداد العسكرية للخدمة في القوات المسلحة العراقية، ولكنه لم ينجح في اختبارات القبول بالأكاديمية، وبعدها التحق بكلية الحقوق جامعة القاهرة.

حياته السياسية

كان الحس الثوري القومي هو الطابع لتلك الفترة من الخمسينات، والذي انتشر مده عبر الوطن العربي والعراق. 

بالإضافة إلى ذلك، كانت القومية العربية التي دعا إليها جمال عبد الناصر في مصر دافعًا وحافزًا للبعثيين الشباب مثل صدام. 

ألهم عبد الناصر الوطنيين في أرجاء الوطن العربي لمحاربة الاستعمار وتوحيد العرب، وقد كان هذا سببًا في العديد من الثورات بعد مصر في كل من العراق وليبيا وسوريا واليمن.

وفي بغداد وفي أواخر الخمسينيات، كان صدام حسين عضوًا في الفتوة وهي منظمة شبيبة شبه عسكرية، والتي شكلت أثناء حكم الملك غازي في الثلاثينيات كانت أهداف الفتوة تدعو إلى أن يعمل العراق على توحيد العرب.

 

صدام حسين مع زملائة في الدراسة

ذهب صدام إلى القاهرة ومنها بدأت حياته السياسية في الظهور، حيث التحق بالصف الخامس الإعدادي بمدرسة قصر النيل لإكمال دراسته الثانوية والحصول على شهادة التوجيهية وسكن مع عدد من رفاقه في حي الدقي وارتقى في صفوف القيادة الطلابية لحزب البعث حتى أصبح مسئولًا عن الطلاب المنتمين للحزب لفرع مصر.

في عام 1961 وخلال وجوده في القاهرة كان يتردد على نادي الجزيرة حاله كحال اللاجئين السياسيين العرب في تلك الفترة، وكان له لقاء بجمال عبد الناصر والذي قدم له بعض النصائح في العمل السياسي القومي، وأيضا تعرف على عبد الله الريماوي وعلي أبو نوار وسعيد السبع وبسام الشكعة وهم أعضاء قيادة التنظيم البعثي الأردني.

وفي العام 1963 م، سافر صدام إلى دمشق والتقى بمؤسس حزب البعث ميشيل عفلق وتباحثا في الاضطرابات والانشقاقات التي شهدها جناح الحزب في العراق، وقد عاد من هذه الرحلة بعد أن حقق عدة مكاسب سياسية منها تعيينه عضوًا في القيادة القومية لحزب البعث وتوثيق صلته بقيادة الحزب في سوريا. 

وبعد سقوط حكم عبد السلام عارف في العراق تم تعيين أحمد حسن البكر رئيسًا للجمهورية الذى كلف صدام بمسئولية الأمن القومي، وكان صدام مناسبًا لتسلم هذا الموقع لسابق تجربته للإقامة جهاز حنين، والذي حل بعد تسلم البعثيين السلطة لتحل محلة مؤسسات أمنية رسمية وكان عمر صدام حسين وقتها 31 عامًا.

الطريق إلى الرئاسة

تولى صدام حسين رسميًا منصب نائب رئيس مجلس قيادة الثورة في سبتمبر عام 1968 م، ومن ذلك الحين تم وصف صدام باسم السيد النائب.

وأجرى صدام حسين بصفته نائبًا للرئيس أحمد حسن البكر إصلاحات واسعة النطاق، وأقام أجهزة أمنية صارمة وقد أثارت سياسيات كل من صدام والبكر قلقًا في الغرب، ففي عام 1978 م وفي أوج الحرب الباردة عقد العراق معاهدة التعاون والصداقة مدتها 15 سنة مع الاتحاد السوفييتي، كما أمم شركة النفط الوطنية التي تأسست في ظل الإدارة البريطانية والتي كانت تصدر النفط الرخيص إلى الغرب، وقد استثمرت بعض أموال النفط عقب الفورة النفطية التي أعقبت أزمة عام 1973 م في الصناعة والتعليم والعناية الصحية، مما رفع المستوى المعيشي في العراق إلى أعلى مستوى في العالم العربي.

صدام حسين في الحكم

إنجازات صدام حسين 

وبعد أن تسلم حزب البعث السلطة في العراق عام 1968م، ركز صدام على تحقيق الاستقرار في وطن مزقته الصراعات العويصة في وجود الانقسامات والصراعات الاجتماعية والعقائدية والدينية ما بين السنة والشيعة وبين العرب والأكراد وغيرها.

وقام صدام بتعزيز الاقتصاد العراقي بجانب بناء جهاز أمني قوي لمنع الانقلابات والتمرد داخل وخارج حزب البعث. 

لم يهتم صدام بتوسعة قاعدة المؤيدين له بين مختلف الفئات في المجتمع العراقي، فقد كان كل اهتمامه منصب في إقامة دولة مستقرة وتطوير برامج التنمية.

وكان أكبر اهتمامات صدام هو النفط العراقي، ففي عام 1973م ارتفعت أسعار النفط بشكل كبير نتيجة للأزمة النفطية وقد مكن ذلك الارتفاع صدام من توسيع نطاق جدول أعماله. 

وفي خلال أعوام كان العراق يقدم خدمات اجتماعية لم يسبق لها مثيل بين دول الشرق الأوسط. 

قام صدام بإنشاء وإدارة الحملة الوطنية لمحو الأمية وحملة التعليم الإلزامي المجاني في العراق، وقد قامت الحكومة العراقية بتعليم مئات الآلاف في خلال عدة سنوات من بداية هذه الحملة.

كما قامت الحكومة بدعم أسر الجنود، كما قدمت رعاية صحية مجانية للجميع بالإضافة إلى تقديم أراضٍ زراعية مجانية للفلاحين. 

وقام العراق بإنشاء واحدة من أحدث أنظمة الرعاية الصحية في الشرق الأوسط، وكان ذلك سببًا لمنح صدام جائزة من منظمة اليونسكو.

توليه السلطة

عند تولي صدام حسين السلطة كان يعمل من 14 إلى 16 ساعة يوميًا، ومن بين أهم الأعمال التي لاقت ترحيبًا من العامة والتي قام بها صدام في بداية توليه السلطة الإفراج عن الآلاف المعتقلين، وقال كلمة صاحبت هذا الحدث جاء فيها: "إن القانون فوق الجميع وأن اعتقال الناس دون إعمال القانون لن يحدث ثانية أبدًا".

صدام حسين في الحكم

ليس هذا فحسب بل عمد صدام إلى التقرب إلى الشعب العراقي وللمواطن البسيط حتى وصفه أحد المعارضين الكبار بقوله: "لقد أبدى صدام تفهمًا حقيقيًا لأحوال الناس البسطاء أكثر من أي زعيم آخر في تاريخ العراق".

سياسة صدام الخارجية

سعى صدام حسين لأجل أن يلعب العراق دورًا رياديًا في الشرق الأوسط فوقع العراق اتفاقية تعاون مع الاتحاد السوفييتي عام 1972م وأرسل للعراق أسلحة وعدة آلاف من الخبراء، ولكن الإعدام الجماعي للشيوعيين العراقيين عام 1978م وتحول العلاقات التجارية إلى الغرب وتر العلاقات مع الاتحاد السوفيتي واتخذ العراق منحى أقرب إلى الغرب، لا سيما فرنسا.

قام صدام بزيارة إلى فرنسا عام 1976م مؤسسًا لعلاقات اقتصادية وطيدة مع فرنسا ومع الدوائر السياسية المحافظة هناك. 

وقاد صدام المعارضة العربية لتفاهمات كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل عام 1979م. 

صدام حسين مع الرئيس الجزائري

وفي عام 1975م، تفاوض على تفاهمات مع إيران اشتملت على تنازلات بخصوص الخلاف الحدودي، وبالمقابل وافقت إيران على التوقف عن دعم المعارضة الكردية المسلحة في شمال العراق.

أما بالنسبة لعلاقته برؤساء وملوك الدول العربية والمجاورة فكانت تتسم بالشد والجذب من حين لآخر، خاصة مع الدول الخليجية والتي كانت تدعمه أثناء حربه ضد إيران في ثمانينات القرن الفائت، إلا أن هذه العلاقة بدأ يشوبها التوتر إلى أن وصلت إلى حد القطيعة، خاصة بعد إقدامه على غزو الكويت عام 1990 م. 

وبذلك قام صدام بقطع العلاقة مع معظم الأنظمة في الدول العربية، فضلًا عن الدول الغربية وغيرها.

صدام حسين مع حافظ الأسد

في مقابل ذلك، احتفظ صدام بعد حرب الخليج الثانية بعلاقات جيدة ومتوازنة مع بعض الحكام العرب والأجانب مثل الملك حسين بن طلال والرئيس علي عبد الله صالح - اللذان أسسا معه والرئيس المصري حسني مبارك حلفا عربيا هو مجلس التعاون العربي في عام 1989 م، لكن لم يدم سوى لأشهر - كما كانت علاقته وطيدة بالعقيد معمر القذافي والرئيس ياسر عرفات والرئيس الفنزويلي هوغو شافيز - الذي زار بغداد في عام 2002 م، حيث كان أول زعيم يتحدى حظر الطيران المفروض على العراق منذ بداية التسعينات.

الحرب العراقية الإيرانية

في عام 1979م، قامت الثورة الإسلامية في إيران وإطيح بنظام الشاه محمد رضا بهلوي، وأقام الإسلاميون في إيران جمهورية إسلامية بقيادة الخميني. 

وفي أثناء ذلك تصاعدت الخلافات العراقية الإيرانية وتبادل البلدان طرد السفراء وبدأت الاشتباكات الحدودية بين البلدين لعشرة أشهر حول الأحقية بمعبر شط العرب المائي المختلف عليه، حيث ألغت العراق من طرف واحد عام 1980 اتفاقية الجزائر المعقودة مع شاه إيران عام 1975 م حول شط العرب، وأعلن صدام حسين سيادة العراق عن كامل أراضيه ومياهه.

الحرب العراقية الإيرانية

ومع اشتداد الاشتباكات الحدودية قامت إيران بعدة هجمات على القرى الحدودية بين الفترة من 13 يونيو عام 1979 وحتى آخر هجوم بالطيران يوم 4 سبتمبر عام 1980، فما كان من العراق بعد تدارس الوضع ومراسلة مجلس الأمن الدولي، إلى أن قام باسترجاع القرى التي احتلتها إيران في 17 سبتمبر 1980.

وبعدها تصاعد القصف الإيراني ليطال مدنا بأكملها، فكان الرد العراقي يوم 22 سبتمبر 1980 والذي يفصل بين البلدين، فقصفت الطائرات العراقية مطار مهر آباد قرب طهران ودخلت القوات العراقية إلى المنطقة خوزستان الإيرانية الغنية بالنفط في 22 سبتمبر عام 1980.

انتهت الحرب عام 1988 بخسائر مادية وبشرية فادحة للطرفين ولعل مجموع القتلى وصل إلى مليون قتيل من الطرفين، بالإضافة إلى الأسرى والجرحى من الجانبين، وقدرت الخسائر الاقتصادية لكلا البلدين بمئات المليارات.

الصراع العراقية الأمريكية

بقيت العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية والعراق متوترة بعد حرب الخليج الثانية. 

ونتيجة للحرب فقد فرض مجلس الأمن حصارًا اقتصاديًا شاملًا على العراق وعانى العراقيون من أقسى فترات الحياة من نقص المواد الأساسية الغذائية والمستلزمات الصحية.

وفي عام 1997م ونتيجة للحصار الاقتصادي الخانق على العراق، بدأ صدام حسين ببيع النفط مقابل الغذاء والدواء وفق قرار مجلس الأمن 986 لكن هذا لم يكن ليشكل سوى 10 إلى 40% من إنتاج العراق النفطي الحقيقي. 

وفي 16 ديسمبر عام 1998م، شنت الولايات المتحدة مع بريطانيا عملية "ثعلب الصحراء" متذرعة برفض الحكومة العراقية الاستجابة لقرارات الشرعية الدولية ولطرد العراق مفتشي أسلحة الدمار الشامل.

غزو العراق

في عام 1998م، أقر الكونجرس الأمريكي بشن هجوم عسكري على العراق لكونه يملك أسلحة الدمار الشامل ولكونه يشكل خطرًا على المنطقة. 

القوات الأمريكية في العراق

وبعد تولي الرئيس السابق جورج بوش الرئاسة فقد بدأ عندها عهد جديد تحولت فيه السياسة الأمريكية من المساعدة المادية والدعم اللوجستي للقوى المعارضة العراقية إلى التدخل العسكري المباشر متحالفة مع بريطانيا.

ولكن أحداث 11 سبتمبر كانت قد دشنت عهدًا جديدًا في أمريكا، وأصرت الإدارة الأمريكية على إسقاط نظام صدام وفي 20 مارس عام 2003م تحركت القوات الأمريكية البريطانية في سعيها نحو ما تم تسميته بحرية العراق 9 أبريل عام 2003م.

القبض على صدام

بعد سقوط نظام صدام حسين على يد القوات الأمريكية، ظلت أخبار صدام مجهولة في الأسابيع الأولى بعد سقوط النظام وانتهاء العمليات الرئيسية للحرب، ولكن في 6 ديسمبر عام 2003م أعلن الحاكم المدني في العراق بول بريمر بالقبض على صدام حسين في مزرعة قرب تكريت فى العملية المسماة "الفجر الأحمر" بعد أن أبلغ عنه أحد أقربائه.

صدام حسين أثناء القبض عليه

محاكمته

حوكم صدام وبعض اعوانه بتهمة الإبادة الجماعية في قضية الدجيل، ودافع عن صدام كل من نجيب النعيمي، وزير عدل دولة قطر السابق، ورمزي كلارك، وزير عدل الولايات المتحدة السابق، والمحامي العراقي خليل الدليمي، والمحامية اللبنانية بشرى الخليل، والمحامي الأردني عصام الغزاوي.

وفي يوم الأحد 5 نوفمبر عام 2006م، حكم على صدام حضوريًا في قضية الدجيل بالإعدام شنقًا حتى الموت بتهمة ارتكابه جرائم ضد الإنسانية، وتمت محاكمته أيضا وعدد آخر من أعوانه في قضية أخرى هي تخطيط وتنفيذ حملة الأنفال التي راح ضحيتها الآلاف من الأكراد.

أثناء محاكمة صدام حسين

إعدامه

نفذ حكم الإعدام فجر يوم السبت الموافق 30 ديسمبر 2006م في بغداد الموافق العاشر من ذي الحجة الموافق لأول أيام عيد الأضحى، ولقد تمت عملية الإعدام في مقر الشعبة الخامسة في منطقة الكاظمية.