الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بالأرقام.. ننشر مستقبل التكتلات الاقتصادية الأفريقية فى ظل جائحة كورونا

صدى البلد

تعود العلاقات المصرية الأفريقية إلى عقود ممتدة عززتها الروابط الثقافية والتاريخية والجغرافية الوثيقة التي جعلت أفريقيا جزءاً من التاريخ المصري، وأحد أهم دوائر سياسة مصر الخارجية؛ فمنذ عام 2014، سجلت مصر حضوراً نشطاً في القارة على كافة المستويات استعادت من خلاله دورها القيادي في أفريقيا، كما فَعلت مصر من علاقاتها النوعية بالدول الأفريقية في كافة المجالات، لاسيما فيما يتعلق بحاجة دولها إلى تعزيز القدرات الاقتصادية، وتنمية آليات الشراكة التجارية، وتحقيق التنمية المنشودة.

ولقد شَغلت ملفات التعاون الاقتصادي والتنموي حيزاً كبيراً من العلاقات المصرية الأفريقية حرصت من خلالها القاهرة على استعادة مكانتها في القارة عقب غياب شبه تام على مدار ثلاثة عقود.

 

التكتلات الاقتصادية الافريقية ومصر


وتعد التكتلات الاقتصادية الافريقية التى مصر عضوا فيها مثل الكوميسا وسادك واتفاقية القارة الافريقية الحرة من اهم التكتلات القارية التى نسعى الى الاستفادة من موارد الدول الافريقية واحداث التكامل فيما بينها

وتتمثل منافع التكامل في زيادة التنافس وكبر حجم السوق، والذي يسمح بدوره في التوسع في حجم الاستثمارات، وهو ما رصدة " صدى البلد" فى الآتى :


• تسمح زيادة استثمارات الدول الأعضاء بتقليل التشوهات وزيادة المصداقية، وتعمل على زيادة حجم السوق الذي يؤدى بدوره إلى زيادة الجدوى الاقتصادية، وتقليل الشكوك الاقتصادية والسياسية.

• التكامل الإقليمي يمكنه العمل على زيادة الائتمان، وتأمين استمرار الإصلاح الاقتصادي والسياسي.

• زيادة القوة التفاوضية: فتجمع الدول الأعضاء معًا يجعلها أكثر قوة من ناحية التفاوض الاقتصادي الدولي، وتعود الفائدة بصفة خاصة على الدول الصغيرة من خلال المفاوضات التجارية.

• زيادة التعاون: حيث تستطيع الدول الصغيرة ومنخفضة الدخل الاستفادة من التعاون.

• زيادة معدلات النمو الاقتصادي: فقد وجدت معظم الدراسات علاقة موجبة بين النمو والتجارة، بمعنى أن التكامل الإقليمي يؤدي إلى زيادة النمو عن طريق زيادة حجم التجارة الدولية.

ومن خلال الاتحاد الافريقي برئاسة مصر سابق كان من   المتوقع أن تشمل تعزيز التجارة بين البلدان الإفريقية بأكثر من 50% وتصل مكاسب الرفاهية 16 مليار دولار، ذلك إذا كان تيسير التجارة والإصلاحات تجريان في الوقت نفسه، ستكون الفوائد الاقتصادية أكبر.

رفع التجارة البينية ل12٪ ضرورة

 

ومن أجل تحقيق الأهداف المأمولة يجب أن يعمل الأفارقة جميعًا للوصول إلى الهدف الطموح الذي قررته الدول الإفريقية وهو رفع نسبة التجارة الإفريقية البينية من 12% في عام 2013 إلى 50% في 2045، وتحسين حصة إفريقيا في التجارة الدولية من 2% إلى 12%. ومن خلال رسم رؤية آفاق زمنية مرحلية لتحقيق التكامل والوحدة الاقتصادية، ومن ذلك إقامة منطقة تجارة حرة قارية، وبرنامج للتجارة الإفريقية البينية المتبادلة خلال العام الجارى 2022،

وهذا يتطلب دعم الموقف الإفريقي في مفاوضات التجارة العالمية، وإقامة مؤسسات تمويلية، مثل: بنك للاستثمار الإفريقي، وسوق للأسهم الإفريقية، وصندوق للنقد الإفريقي، وبنك مركزي إفريقي عام 2028.


وشكَّلت التجارة البينية بين البلدان الإفريقية حصة صغيرة فقط من إجمالي صادرات وواردات إفريقيا خلال عام 2010، حيث تداولت القارة أكثر مع العالم الخارجي عنها في الداخل، خاصة مع الاتحاد الأوروبي الذي استحوذ على الحصة الكبرى من تجارة إفريقيا، حيث تصل نسبته من الصادرات الإفريقية 30%.

ويرجع السبب في انخفاض التجارة البينية بين دول القارة لعدة أسباب، أهمها: ضعف البنية التحتية خاصة الطرق والنقل، ومن ثمّ كان التركيز في الآونة الأخيرة على المشروعات المشتركة، مثل الطرق الحديدية


البنية التحتية وتحدياتها...


وتشير بيانات بنك التنمية الإفريقي إلى تقدير متطلبات البنية التحتية لإفريقيا في 130-170 مليار دولار في السنة، وتصبح الفجوة التمويلية تتراوح بين 68 و108 مليارات دولار، الأمر الذي يسببه هذا العجز في إعاقة التجارة البينية عن طريق الحد من التنقل والانتقالات بين الدول، ومن ثمّ أصبح تحسين البنية التحتية يمكن البلدان الإفريقية من المشاركة بشكل كامل في التجارة وجني الفوائد الاقتصادية الإقليمية.

و كانت مصر من بين الدول الرائدة في تصدير خدمات التعهيد وتكنولوجيا المعلومات في عامي 2016 و2017، وفي الوقت نفسه تم دعم المرحلة الثانية من مشروع تمديد البنية التحتية للألياف البصرية في كينيا بمبلغ 107 ملايين دولار من التمويل الصيني، وهذا المشروع سيوفر 1600 كيلومتر من الألياف التي تربط جميع المقاطعات الـ 47

وتجدر الإشارة إلى أن منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية من المحتمل أن يكون لها تأثير محدود في العديد من البلدان، خاصة في شرق وجنوب إفريقيا، التي تستورد حاليًا نسبة صغيرة فقط من الواردات الإفريقية التي لا تشارك في ترتيبات اتفاقية التجارة الحرة معها بسبب تداخل وازدواجية ترتيبات التداول في إفريقيا، وتعقُّد الإجراءات الجمركية في الإدارات الجمركية، الأمر الذي يعوق النهوض بأي تكامل اقتصادي قاري


، لهذه الأسباب وغيرها يتمثل الهدف الواضح لاتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية في "حل مشكلة تحديات العضوية المتعددة والمتداخلة والتعجيل الإقليمي والقاري بعمليات التكامل"، ويتطلب تحقيق ذلك دمج وتوحيد ترتيبات التداول في إفريقيا.

وفي هذا الإطار، حقَّقت بعض اتفاقيات التجارة الحرة للتجمعات الاقتصادية الإقليمية مستويات أعلى من التكامل عن اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية عندما دخلت حيز التنفيذ، خاصة جماعة شرق إفريقيا والجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، والتي وصلت إلى مرحلة الاتحاد الجمركي مع تحريرها التجارة بالكامل، أما اتفاقية التجارة الحرة التي أنشأتها كل من اتفاقية أغادير والكوميسا، فقد حققت تحريرًا كاملًا.

ويتطلب التغلب على عوائق تحقيق التكامل الإقليمي في إفريقيا التنسيق بين الأنظمة الحاكمة، سواء الاقتصادية أو المالية، والتنسيق بينها، وحتى يتم الوصول إلى السوق الإفريقية الموحدة بشكل تدريجي يستلزم ذلك إجراء جولات من المفاوضات المتعاقبة لتحرير التجارة، والتي من خلالها يمكن لمنطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية توحيد الأنظمة التجارية المجزأة في إفريقيا في نظام قاري متماسك.

وفي إطار الاهتمام المصري بتعميق الروابط، وتعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي في منطقة الغرب الإفريقي، انضمت مصر إلى الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) كعضو مراقب في نهاية ديسمبر2004، وتم الإعلان عن ذلك في قمة الاتحاد الإفريقي بأبوجا 2005.


منطقة التجارة الحرة الأفريقية..


في مارس 2018 تم إطلاق منطقة التجارة الحرة القارية بعد توقيع مصر وانضمامها إلى 43 دولة، ودخلت حيز التنفيذ عام 2019، وتُعَدُّ هذه خطوة مهمة لتحقيق النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة، خاصة بعد إزالة القيود الجمركية بين الدول الأعضاء، فما زالت التجارة البينية لا تتجاوز 16% من إجمالي حجم تجارتها مع العالم، ويتوقع أن تزيد بنسبة 33%، بينما تصل هذه النسبة إلى 68% في الاتحاد الأوربي.

إذا نجحت هذه الاتفاقية فإنها ستعمل على توحيد 1.3 مليار شخص، وخلق تكتل اقتصادي بقيمة 3.4 تريليون دولار، ودخول القارة الإفريقية في عصر جديد من التنمية، وإذا التزم الأعضاء بإلغاء التعريفات الجمركية على معظم السلع فستزداد التجارة في المنطقة بنسبة 25٪ على المدى المتوسط، وقد تتضاعف هذه النسبة إذا تم التعامل مع القضايا الأخرى، خاصة ما يتعلق بالتوافق حول النقاط العالقة لقواعد المنشأ، بماِ لا يتجاوز نهاية يونيو ٢٠٢١ من العام الماضي


هذا وتعد مصر من أوائل الدول الموقعة والمصدقة على الاتفاقية، وذلك في ظل الدور المحوري للاتفاقية في دعم جهود التنمية في القارة، وذلك من خلال ربط الأسواق الإفريقية بعضها البعض، بما ينعش القطاعات الصناعية والزراعية، وإذا انضمت الدول الإفريقية كلها إلى اتفاقية التجارة الحرة القارية فستكون أكبر تكامل إقليمي من حيث الحجم في العالم عام 2030، وبالتالي سيضم حجم السوق 1.7 مليار نسمة، ويصبح إنفاق المستهلكين والإنفاق الاستثماري 6.7 تريليونات دولار.


مستقبل الاتفاقية الحرة الافريقية...


تطمح منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية إلى تعميق تكامل القارة الإفريقية، وتجاوز إنشاء منطقة تجارة حرة، في ظل السعي لإنشاء سوق محررة، من خلال جولات متتالية من المفاوضات من أجل وضع أساس لإنشاء اتحاد جمركي قاري والمساهمة في تسهيل حركة رأس المال والأشخاص الطبيعيين.

وحتى تتم الاستفادة الكاملة من منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، يجب على البلدان دعم التنفيذ مع التدابير التكميلية في الاستثمار والإنتاج وتيسير التجارة والبنية

ولتقدير مستقبل التكتلات الاقتصادية الافريقية فان هناك 5 مشروعات للنقل من المقرر اقامتها وهى " كايرو كيب الواصل من شمال القارة إلى جنوبها (حيث تصل نسبة الطرق الممهدة في إفريقيا إلى 25% من إجمالي الطرق في القارة، بينما المتوسط العالمي يصل إلى 50%)، أما الطرق الحديدية فهناك خط حديدي يصل مصر بالسودان (900 كم)، إلى جانب قطار فائق السرعة قاري لعموم إفريقيا، مخطط له في أجندة 2063، يهدف إلى ربط عواصم إفريقيا والمدن الكبرى، بما في ذلك المحاور التجارية والمناطق الاقتصادية والسياحية.

كذلك مشروع لامو بورت للنقل الذي يربط بين جنوب السودان وكينيا وإثيوبيا، ويتكون هذا المشروع الضخم من 7 مشروعات بنية تحتية رئيسة: ميناء 32 رصيفًا جديدًا في لامو (كينيا)، والطريق السريع بين الذي يربط بين المناطق في كل من إثيوبيا وكينيا وجنوب السودان، ويمر عبرها خط أنابيب للنفط الخام للدول الثلاث، وخط أنابيب النفط المنتج من كينيا إلى إثيوبيا، و1500 كيلومتر إلى جانب خطوط السكك الحديدية القياسية عبر البلدان الثلاثة، و3 مطارات دولية، إلى جانب المنتجعات السياحية في كل بلد كذلك سد الشلالات الضخمة متعدد الأغراض على طول نهر تانا.

وفي هذا الإطار، يجب على البلدان الإفريقية معالجة أزمة التنفيذ، وترجمة الوعود على المستويين القاري والإقليمي إلى خطة عمل تشمل تنفيذ منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، والتنسيق بين الخطوط الجوية الإفريقية الموحدة "سماء واحدة" متماسك.


خطوات مصرية جادة نحو افريقيا...


ومن جانبة اكد الدكتور شريف الجبلى رئيس لجنة افريقيا باتحاد الصناعات أنه ومنذ عام 2015، تبلور الاهتمام المصري بتعزيز التعاون مع القارة الأفريقية، لاسيما عبر البوابة الاقتصادية في ظل ما يتمتع به السوق الأفريقي من مزايا منحت للمنتجات المصرية ميزة "سهولة النفاذ"، مقارنة بغيرها من الأسواق؛ وذلك من خلال تعزيز الشراكة التجارية مع عدد من الدول الأفريقية مثل تونس والسودان وجنوب أفريقيا ودول حوض النيل، إلى جانب الانخراط المصري في التكتلات الإقليمية الاقتصادية المنتشرة في ربوع القارة مثل "الكوميسا" و"السادك".

وأضاف الجبلى فى تصريحات خاصة ل" صدى البلد" انه على الرغم مما اتخذته مصر من خطوات جادة وفعالة لتعزيز التعاون المصري الأفريقي في مختلف المجالات كإنشاء صندوق دعم مخاطر الاستثمار في أفريقيا، وإنشاء المركز الأفريقي لمكافحة الإرهاب لمجموعة دول الساحل والصحراء، إلا أن ما يطرأ على الساحة الأفريقية من تحولات وتغيرات متعددة الأبعاد، تشير إلى أن هناك حاجة لصياغة استراتيجية مصرية جديدة لإدارة العلاقات مع دول القارة تتسق مع ما تشهده من تحولات، وتدفع عجلة التعاون المصري الأفريقي.    

ولفت الى أن هناك فرص مهدرة في مجال التجارة بين البلدان الأفريقية في العديد من المنتجات، خاصة الزراعية والغذائية.

ونوة الى انه رغم المعوقات التجارية الا ان حجم التبادل التجاري بين مصر ودول القارة فى زيادة متصاعدة خلال السنوات الأخيرة، إلا أنه وفقا لمؤشر قياس كثافة التجارة المصرية الأفريقية، فإن العلاقات التجارية بين مصر والدول الأفريقية غير العربية تتسم بالضعف، مقارنة بنظيرتها مع العالم الخارجي.


تصدر مصر المشهد بالقارة السمراء


ومن جانبة اكد محمد حربى عضو مجلس الاعمال المصرى السودانى ان هناك نمو فى حجم الاستثمار المصري في القارة خلال السنوات الماضية، وصنفت مصر على إثره بالمستثمر الأكبر في أفريقيا، في ظل ما تبذله مصر من جهود لتعزيز آلية الاستثمار مع دول القارة كإطلاق العديد من المشاريع الاستثمارية ذات الأهداف التنموية، وذلك بالشراكة مع القطاع الخاص كمشاريع بناء سدود ومحطات لتوليد الكهرباء والطاقة الشمسية، والتى تعكف على تنفيذها عدد من الشركات المصرية

وأضاف حربى فى تصريحات خاصة ل"صدى البلد" ان تولى مصر رئاسة الكوميسا ومن قبله الاتحاد الأفريقي يعكس تصدر مصر المشهد الإفريقى على كل المستويات، بعدما أصبحت محور ارتكاز فى كل جهود التنمية بدول القارة، وجسر الثقة والتواصل بين إفريقيا والعالم.

وأضاف تحاول مصر من خلال رئاستها للكوميسا تقوية ودعم جهود التعاون التجارى والاقتصادى بين دول التجمع، كما تمتلك خططا طموحة لتطوير آليات العمل داخل التجمع، وتطوير مستوى العلاقات التجارية والاستثمار، مستندة فى ذلك على خبرات عظيمة فى إدارة ملفات التعاون المشترك والاتفاقيات الدولية الكبرى».

وتابع قائلا ": انه تواجهه الدول الإفريقية من تحديات اقتصادية بعد أزمة كورونا، ومع ظهور بوادر أزمات اقتصادية عالمية، وتمثل الكوميسا إطار تعاون دولى كبير، وهناك بنود داخل اتفاقاته تعمل مصر على تطويرها، مثل المادة رقم ١٥٨، التى تراعى دعم جهود وجذب الاستثمار القارى المحلى والدولى، والمادة رقم ١٦٤ الخاصة بتجارة الخدمات

وأشار إلى أن المنتجات المصرية للقارة الإفريقية ومنطقة الكوميسا تتطور وتخرج من حاجز المنتجات تامة الصنع فقط إلى غيرها من السلع الوسيطة وعوامل الإنتاج، بالإضافة إلى برامج الذكاء الاصطناعى والخدمات الرقمية والاستشارات المالية والفنية

ولفت إلى أن مصر تحاول رفع القيمة المضافة لواردات السلع من الدول الإفريقية عبر إجراء عمليات تصنيعية وتحويلية وإعادة التصدير لدول خارج القارة.