الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كيف بدأت مراحل استطلاع هلال رمضان.. وأول من تحراه في مصر؟

صدى البلد

اختلفت طرق رصد هلال رمضان عبر توالي العصور، وتنوعت أساليب التحري وفقا لتطور العصر من حيث الأدوات والوسائل الفلكية المختلفة، حيث يحرص المسلمون على تحري رؤية هلال شهر رمضان الفضيل، منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، حتى اليوم، ولم يأمر النبي بصيام شهر رمضان إلا بعد رؤية الهلال محققًا، أو بشهادة العدول من الناس، بقوله صلى الله عليه وسلم، صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، ويتم ذلك عبر أجهزة فلكية حديثة.

صاحب أول تحري للهلال في مصر

اختلف المؤرخون حول أول من خرج لتحري هلال شهر رمضان من قضاة مصر، فمنهم من ذكر أن أول من خرج إلى تحري الهلال بمصر هو القاضي «غوث بن سليمان»، وقيل إن أول من خرج لتحري الهلال كان القاضي «إبراهيم بن محمد بن عبدالله»، وقيل هو «أبو عبدالرحمن بن عبدالله بن لهيعة»، الذي تولى قضاء مصر عام 155هـ.

مكان تحري الهلال

ذكر المؤرخون أن أول مكان لتحري الهلال كان من أعلى المسجد العتيق "مسجد عمرو بن العاص"، ثم تم نقل مكان الرؤية إلى الجيزة، ثم تم نقل مكان تحري الهلال إلى جبل المقطم، فعلى هذا الجبل أُعدت "دكة خشبية" عرفت باسم "دكة القضاة"، وكانت تلك الدكة ترتفع عن المساجد، من أجل الجلوس عليها عند استطلاع الأهلة.

جوهر الصقلي يبطل مبدأ الرؤية

وظل المصريون منذ عهد الخليفة عمر بن الخطاب، ومن جاء بعده من الأئمة الراشدين حتى نهاية عصر الولاة يصومون رمضان على مذهب أهل السنة، إذ كان صيامهم يبدأ بمجرد رؤية الهلال، سواء كان شهر شعبان 29يومًا أم 30، فلما آلت مصر لحكم الفاطميين لم يرتضوا هذه الطريقة، التي لا تتفق في نظرهم مع أحوال المذهب الشيعي، فقام «جوهر الصقلي» سنة 358هـ، الذي كان ينوب آنذاك عن الخليفة الفاطمي المعز لدين الله في حكم مصر، بإبطال مبدأ الرؤية، جاعًلا الشهور الرمضانية شهرًا تسعة وعشرين يومًا، وشهرًا ثلاثين، فإذا وقع رمضان في أحدهما أمضوه كما هو.

وأصبح موكب الخليفة وخروجه في شوارع القاهرة أول رمضان، مقام الرؤية عند أهل السنة، فيصدر أمره بتوفير اللباس والآلات والأسلحة والعرض، ويسير في موكبه هذا بوسط شوارع القاهرة، ويكتب إلى الولاة والنواب والأعمال يذكر فيها «ركوب الخليفة» ما يعني حلول رمضان. 

المصريون يرفضون التشيع

لكن المصريين عارضوا هذا المبدأ الفاطمي الشيعي، وتمسكوا بمبدأ أهل السنة في إثبات دخول شهر رمضان بالرؤية، ومن ذلك أمر جوهر الصقلي بإبطال الصوم بعد اليوم التاسع والعشرين من رمضان، وأقام العيد قبل رؤية هلال شوال، فثار أهل مصر والمغرب واعترضوا على ذلك بأن صاموا اليوم الثلاثين من رمضان، حسب أصول المذهب السني، ثم جعلوا العيد بعد ثبوت رؤية هلال شوال، واتبعوا في ذلك فتوى قاضيهم المصري "أبي الطاهر السني"، الذي بحث عن الهلال بنفسه جريًا على هذه العادة، حيث تحراه من فوق جامع عمرو بن العاص، فلما بلغ ذلك إلى جوهر الصقلي هدد القاضي المصري بالعزل. 

طرائف عهد السلطان برقوق

في عام 796 هـ وقع حدث غريب في عهد السلطان الظاهر برقوق، في ليلة الثلاثاء الثلاثين من شعبان، توجه الناس لرؤية هلال رمضان، فلم ير أحد الهلال مع كثرة عددهم، فأجمع الناس على أنه آخر شعبان، وأكلوا إلى الظهر، فقدم الخبر بأن الهلال رؤي في بلبيس، فنودي بالإمساك قبيل العصر.

تثبيت مكان استطلاع الهلال في العصر العثماني

ظل المصريين يستطلعون هلال شهر رمضان من فوق مأذنة جامع عمرو بن العاص تارة، ومن فوق جبل المقطم تارة أخرى، إلى أن جاء العصر العثماني، فثبتوا موضع استطلاع الهلال بجبل المقطم، فكان يجتمع القضاة الأربعة وبعض الفقهاء والمحتسب بالمدرسة المنصورية في «بين القصرين»، ثم يركبون جميعًا يتبعهم أرباب الحرف وبعض دراويش الصوفية إلى موضع مرتفع بجبل المقطم، حيث يترقبون الهلال، واستمر الأمر هكذا حتى أمر الخديوى عباس حلمى الثانى بنقل مكان إثبات رؤية الهلال إلى المحكمة الشرعية بباب الخلق.

وفى أواخر القرن الـ19، ومع إنشاء دار الإفتاء المصرية، أوكلت إليها مهمة استطلاع هلال رمضان، كل عام بعد غروب شمس يوم التاسع والعشرين من شهر شعبان، وتعلن الدار نتيجة الاستطلاع فى احتفال يحضره كبار رجال الدين والقضاء بالدولة، فى سرادق بجوار دار القضاء العالى ـ عندما كان مقر دار الإفتاء فيها ـ ثم استقلت الدار بمبناها الحالى بالدراسة.