الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الكبير أوي .. أحمد مكي

صدى البلد

نجوم الكوميديا الذين حفروا أسمائهم من دهب في عالم الفن الكوميدي كانت لهم مواصفات حتي وإن اعتزلوا أو رحلوا عن عالمنا وهو عالم يملؤه تحديات وصعوبات لا يراها جماهيره على الشاشة الذين يسعون لمشاهدة منتج فني خفيف على القلب يهون عليهم ثقل الأيام.

 

تكمن الصعوبة الأولى لفناني الكوميديا في محاولة صنع نمط موحد للتمثيل الكوميدي أو البراعة في تجسيد الأدوار بطريقة منفردة للتمثيل. فالارتباط بالممثل الكوميدي لا يكمن في تعددية أو تنوع أدواره ولكن في بعض الأحيان بالطريقة التي يؤدي بها أدواره ومن أشهر الأمثلة لنجوم عالم الكوميديا العالميين النجم الأمريكي جيم كاري الذي تعددت أدواره في أفلام كوميدية كثيرة ولكنه أبقى على طريقة تمثيل واحدة ظل يجتذب بها جمهوره. والحقيقة أن في هذا المنهج تتعلق معظم الجماهير بطريقة تمثيل النجم قبل الدور ولنا نموذج مصري تاريخي أيضاً هو الفنان العملاق اسماعيل يس. تعددت أدواره ولكن تعلق الجماهير بطريقة تمثيله. خلق طريقة لاسلوب تمثيله واستمر بها وحقق نجاحاً به في عالم الكبار والصغار. النجاح في صنع نمط له قبول حد ذاته تحدي كبير وهو  عكس التحدي الذي يواجهه الممثل الدرامي الذي عليه أن يبرع في العديد من الأدوار لينجح ويثبت نفسه وقد يكون منها الكوميدي.

 

وأما التحدي الثاني لمن تربعوا على عرش الكوميديا يكمن أيضاً في اختيار الفنان الكوميدي شخصية بعينها وتجسيدها لفترة طويلة والبقاء على نفس المستوى من النجاح لسنوات وربما عليه مخاطبة أجيال مختلفة متعاقبة مع الاحتفاظ بنفس النجاح والاستمرارية وهو استثمار في مجهود قد يستمر لسنوات وسنوات سواء في السينما أو التليفزيون أو الدمج بينهما. وفي هذا المنهج خروج الممثل من عباءة الشخصية وتوقفها لا ينهي وجودها على العكس مثل هذه الشخصيات تُخلد في ذاكرة الفن والأمثلة عديدة المهم الاتساق والاستمرارية. وأتذكر هنا عالمياً في عالم السينما الممثل الكندي مايك مايرز في ثلاثية أفلامه اوستن باورز المأخوذة بشكل هزلي عن شخصية جيمس بوند. بالرغم من إنه قام بأدواره أخرى إلا إن شخصية باورز وأفلام أوستن باورز علامة في عالم الكوميديا. أما في عالم التليفزيون والسينما معاً نتذكر شخصية مستر بين التي جسدها الفنان الإنجليزي روان اتكنسن والتي استمرت ما يقرب من ١٧ عاماً على شاشات التليفزيون وانتقلت إلى السينما في عملين حديثاً. وفي تاريخ الكوميديا المصرية نتذكر الفنان الكبير علي الكسار وشخصية عثمان عبد الباسط وقد يختلط الأمر على البعض في أن عثمان عبد الباسط هو نفسه على الكسار من حنكة وبراعة تجسيده للشخصية وارتباطه بها شكلاً ومضموناً. كذلك نتذكر ارتباط الفنان الكبير سمير غانم بشخصية سمورة وفطوطة والتي استمرت ثلاث سنوات على الشاشة ولكنها حُفرت من ذهب في تاريخ الفن الكوميدي المصري والعربي.

 

وحديثاً عن عالم الكوميديا الآن في مصر، يدفعني النجاح الجماهيري الذي حققه مسلسل الكبير أوي بطولة النجم أحمد مكي وإخراج المخرج الموهوب أحمد الجندي في الجزء السادس للمسلسل وهو من فئة الست كوم والذي بدأ انتاجه عام ٢٠١٠  إلى الحديث عن تصنيف جديد لهذا العمل والإشادة بهذا المُنتج الكوميدي الفاخر مصري الصنع والذي يضع نفسه كأحد محطات الأعمال الكوميدية الهامة في تاريخ الكوميديا المصرية وأبطالها ولأسباب كثيرة. من المؤكد أن هذا العالم الخيالي الذي يسمى المزاريطة وعمدته الكبير أوي الذي يقوم بتجسيده الفنان أحمد مكي ورائه مجهود كبير كي يستمر كل هذه السنوات بهذا النجاح والأهم بهذا الاتساق والاحتفاظ بقوام وتماسك الشخصيات لسنوات. أدى هذا الاتساق إلى يكون منهج مسلسل الكبير أوي هو منهج مسلسل مستر بين في التنقيذ لكن بالمصري مع فرق الشخصيات إلا إنهما يتفقان في إنهما شخصيتان محليتان من بيئتهم المحلية ومكوناتها. وهي شخصيات ثابتة الملامح حفرت وجودها على ساحة الأعمال الكوميدية بنجاح.

 

معظم الفنانين يتحدثون عن هروبهم من حبس أنفسهم في تجسيد شخصية واحدة لها ملامح محددة ولكن هذا الهروب لا يصنع اسماء بثقل اسماعيل يس أو على الكسار أو سمير غانم في سماء فن الكوميديا وهو من أصعب أنواع الفنون بالمناسبة والآن نستطيع الحديث عن أحمد مكي كفنان كوميدي كبير احتذى بمدارس فنية كوميدية مصرية أو مناهج عالمية للكوميديا. نفتخر بمجهوده ووقته الذي استثمره في شخصية الكبير أوي على مدار ١٢ سنة وهي شخصية مصرية صعيدية قريبة من القلب عنده مبادئ يعبر عنها في قالب كوميدي ويصطدم بها مع باقي شخصيات العمل، له عائلة ممتدة ومجتمع كبير في المزاريطة على نفس القدر من الجوانب الكوميدية الممتعة. أحيي مجهود السنوات والايمان بالكوميديا التي تهون الكثير على الكثيرين والأفكار المتجددة والجرئية التي لا تنضب كذلك براعة إحتواء المواهب الكبيرة والصغيرة بشكل مستمر. أحيي فنان مصري اسمه أحمد مكي عاش معنا رمضان وراء رمضان وهو يؤمن أنه لا يحبس نفسه في تجسيد دور الكبير أوى بل على العكس يفتح لنا باباً من الترفيه الكوميدي يحتاجة الملايين في مصر والعالم العربي. أحيي مجتمع المزاريطة وكل أبطاله الذين يفتحون لنا أبواباً من بهجة السهل الممتنع والتي تحتاج كثير الجهد لتخترق حواجز جدران القلب. 


وأختم مقالتي بموقف عائلي، تعرض أخي لحادث أدى إلى أجازة مرضية تقتضي مكوثه في المنزل على الأقل شهر ونصف وكل مرة أذهب لزيارته أجده يشاهد أجزاء من الكبير أوي السابقة. يقضي ساعات يومه الطويل مع مجتمع المزاريظة المبهج وشخصياته المبهجة. كل الشكر لصناع هذا العمل. فالبهجة بتهون الأيام في كل الأوقات. تحية للمبهجين.