لا داعي للقلق.. تأثيرات القرار الأمريكي برفع الفائدة على مصر والعالم

شهد مساء أمس، الأربعاء، اضطرابات ضربت الاقتصاد العالمي، إثر ما قرره البنك الفيدرالي الأمريكي، برفع أسعار الفائدة الأمريكية بـ 50 نقطة أساس، لتصل إلى 1%، وما أكده رئيسه جيروم باول، خلال مؤتمر، أن البنك ينوي رفع أسعار الفائدة في الاجتماعات القادمة بـ 50 نقطة أساس، مستبعدا الرفع بـ 75 نقطة أساس.

وبمجرد اتخاذ القرار، حدث اضطراب في أسواق المال العالمية، واتخذت بعض البنوك قرارات فورية برفع الفائدة بنفس القيمة، كما اضطربت أسعار صرف العملات ما بين الارتفاع والانخفاض إلى جانب أسعار النفط والذهب.

البنوك العربية ترفع الفائدة

وتخفيفا لتداعيات قرار الفيدرالي الأمريكي، قرر البنك المركزي الكويتي رفع سعر الخصم بمقدار 25 نقطة أساس إلى 2%، كما قررت كل من البنوك المركزية البحريني، والإماراتي والسعودي، والقطري، رفع أسعار الفائدة بواقع نصف نقطة مئوية.

ومن ضمن تداعيات القرار الأمريكي، أغلقت عقود خام برنت أمس، محققة ارتفاعا 5.17 دولار، وسجلت 110.14 دولار للبرميل، بالتزامن مع اقتراب الاتحاد الأوروبي من حظر النفط الروسي، وفي مستهل التعاملات الآسيوية، اليوم الخميس، واصلت أسعار النفط مكاسبها، بعد اقتراح الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة على روسيا تشمل حظر النفط الروسي في غضون ستة أشهر.

ارتفاع أسعار النفط والذهب

وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 22 سنتا إلى 110.36 دولار للبرميل بحلول الساعة 0:02 بتوقيت جرينتش، وزادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط 15 سنتا إلى 107.96 دولار للبرميل، وفقًا لوكالة "رويترز".

أما الذهب، فقد ارتفع سعره عالميا بنسبة 0.8% إلى 1884 دولارا للأوقية، وارتفع في مصر إلى 1160 جنيها مقابل 1090 جنيها أمس الأول، الثلاثاء، بزيادة نحو 70 جنيها.

الدولار يسقط أمام الروبل

أما عن قيمة الدولار، فقد سقط واقترب من خسارة 1% من قيمته، وسجل 102.53 أمام مجموعة العملات الأجنبية، أما الروبل الروسي، فواصل تعزيز مكاسبه أمام الدولار واليورو، وتم تداول الدولار دون مستوى 67 روبل في تعاملات أمس.

ويرجع ارتفاع الروبل أمام الدولار، إلى إجراءات المركزي الروسي، لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والمالي، من خلال مجموعة إجراءات أبرزها القيود على التحويل وإلزام المصدرين في روسيا بيع 80% من عائدات النقد الأجنبي في بورصة موسكو، مما أدى إلى زيادة مستمرة في المعروض من العملات الأجنبية في السوق المحلية.

الشائعات أخطر من قرارات البنوك

وفي تحليل للموقف وتداعيات القرار الأمريكي على الاقتصاد العالمي، طالب الدكتور كريم العمدة، أستاذ الاقتصاد، والقيادي في حزب مصر الحديثة، بعدم الاهتمام بمثل هذه القصص التي تثير البلبلة لأن بها كلام غير صحيح، ويثير الخوف دون حقيقة تخوفات، مؤكدا أن الأزمة العالمية تأتي نتيجة المتغيرات السياسية وليست متغيرات اقتصادية.

وأوضح الدكتور كريم العمدة، في تصريحات خاصة لـ "صدى البلد"، أن “الاقتصاديين لن يطلعوا على الغيب ولا يمكن تأكيد ما إذا كان الدولار سيرتفع أو لا، لأن الأمور مختلفة لأن العالم في حالة حرب، ولا نتكلم هنا عن حجم إيرادات وواردات، وإنما متغيرات سياسية لا ثواب فيها، وبالتالي لا يمكن تأكيد ارتفاع الدولار”.

وشدد على أن نظرة التخوف من المستقبل والشائعات هي سياسة خاطئة، تمثل ضررا أكبر على الاقتصاد المصري من قرارات رفع الفائدة، لأنها قد تتسبب في مضاربات على الدولار فيرتفع سعره نتيجة زيادة الطلب، وبالتالي تكون الأزمة خلقت من الشائعة وليس قرار الفيدرالي الأمريكي.

رفع الفائدة.. ليست المرة الأولى

وأكد العمدة أن هذه ليست المرة الأولى التي يرفع فيها الفيدرالي الأمريكي سعر الفائدة، لأن ذلك يرجع إلى نظرية اقتصادية مفادها أنه في حال زاد التضخم، تزيد الفائدة، وقد حدث ذلك عام 2018، وتسببت في أزمة الأسواق الناشئة وخرجت الأموال الساخنة من هذه الأسواق، ودخلت أمريكا في استثمارات الدين، وانخفضت وقتها الأصول الدولارية في مصر وكانت بالسالب، ولكن الأزمة مرت على مصر دول ضرر.

وطمأن المواطنين، بأنه ليس من الضروري عندما يرفع الفيدرالي الأمريكي الفائدة، أن ينخفض الدولار في مصر وترتفع الأسعار، خاصة لأننا اتخذنا مجموعة من التدابير مثل شهادات الاستثمارات بفائدة 18%، وما زالت متاحة، موضحا أن الفيدرالي الأمريكي سيرفع الفائدة مرة أخرى وأعلن عن ذلك وسوف تصل إلى 2% خلال عام 2022، ما يعني ارتفاعها 4 مرات، وليس من المنطق أن ترفع البنوك الفائدة هي الأخرى كل مرة.

أسعار الذهب واستقرار الروبل

وأشار إلى أن الشائعات والتخويف، قد تخلق مضاربات على الدولار بسبب كلام غير المختصين، وقد تتسبب في مضاربات عليه، بما يضر بالأسواق الناشئة مثل مصر وتركيا والأرجنتين وإندونيسيا.

وأوضح أستاذ الاقتصاد، الدكتور كريم العمدة، أن الذهب، تشهد أسعاره ارتفاعا، وقد يتوقف هذا الارتفاع، لأنه قد يتوجه من يتحوط بالذهب إلى الدولار بعد رفع الفائدة، وبالتالي تنخفض أسعار الذهب.

أما عن الروبل الروسي وارتفاعه أمام الدولار، فهذا بسبب قرار روسيا وبوتين ببيع الغاز والنفط الروسي بالروبل، وكل دول أوروبا وافقت، وكسب بوتين الرهان.

التخلي عن هيمنة الدولار

ودعا العمدة، دول العالم لتتحرر من سيطرة وهيمنة الدولار، لأننا لا نريد أن نظل تحت طائلة المركزي الأمريكي، الذي يحل مشكلاته على حساب دول العالم، ودعا دول الخليج أيضا إلى فك ارتباط النفط بالدولار والتعامل بالعملات المحلية، و الصفقات المتكافئة مثل السلع والبضائع مقابل النفط، أما مصر، فعليها التوجه إلى زيادة الإنتاج والاعتماد على العلم والتكنولوجيا لتحقيق اكتفاء، وترشيد الاستهلاك، وعدم الاعتماد على الدولار في سداد مشتريات.