الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

شهود عيان يروون لحظات رعب عاشها الأمريكيون في المجمع التجاري.. متطرف يقتل بدمٍ بارد 10 أشخاص بدوافع عرقية عنصرية.. واشنطن لم تتخلص من أمراضها القديمة والحادث خير دليل

عملية اعتقال المجرم
عملية اعتقال المجرم القاتل في المول التجاري

- الجريمة الإرهابية في المول التجاري أسفرت عن مقتل 10 ضحايا

- شهود عيان يتحدوثون عن اللحظات الحرجة التي عاشوها.. "أمر مروع لايصدقه أحد"

- الرئيس الأميركي يعزي ضحايا المجزرة.. ويطالب بإنهاء كافة أشكال العبث

 

وصف شهود عيان أهوال ما رأوه في حادثة إطلاق النار الجماعي التي وقعت في سوبر ماركت بافلو في الولايات المتحدة الأمريكية، وهي الحادثة المروعة التي أسفرت عن مقتل 10 أشخاص، فيما تواصل السلطات تحقيقاتها، وتقول إن دوافع المهاجم الإرهابي المتطرف، عنصرية ومتحيزة للعرقية البيضاء، بما يرسخ للمرض الذي تعاني منه أمريكا من العنصرية ضد الملونيين.

شهادات الشهود

ووفق ما ذكر تقرير لشبكة سي إن إن الأميركية، فقد قال لويس –أحد شهود العيان -، واصفًا اللحظات الحرجة التي قضاها الناس في فزع وعمليات ركض عشوائية هروبًا من مطلق النار الإرهابي المراهق "خرج المجرم ووضع البندقية على رأسه وذقنه، فاضطر من الخوف إلى أمام المهاجم الذي كان يرتدي سترتة واقية من الرصاص، إلى إن يجثو على يديه وركبتيه ويضع يديه خلف ظهره". 

وحدثت حالة من القلق والهرج والمرج في أنحاء المجمع التجاري بعدما عمد المهاجم الإرهابي على اصطياد وقتل الملونيين من غير العرقية البيضاء في المول التجاري المسمى بافلو.

وبعد حادثة القتل وإبلاغ السلطات بالواقعة تحركت قوات الأمن والمباحث الفيدرالية بشكل فوري، لتدخل وتشتبك مع الإرهابي، وتنجح في أن تقبض عليه.

وحول هذا قال شهود عيان لسي إن إن الإخبارية الأميركية "اعتقدنا أن الشرطة ستبادر إلى إن تطلق النار عليه لكنها لم تطلق النار عليه وأجبرته على الإستسلام".

وقال شاهد آخر "ما زلت لا أصدق حتى أنه حدث ... أن يذهب شخص إلى سوبر ماركت مليء بالناس ويقتلهم.. هذا أمر مروع ".

أخبرت إحدى النساء محرري ومراسلي سي إن إن، بأنها تلقت مكالمة هاتفية مؤلمة من حفيدتها التي كانت تحدثها وهي "خائفة وتتكلم بشكل هستيري" -تبلغ من العمر 19 عامًا- والتي كانت في السوبر ماركت وسمعت طلقات النار، فما كان منها (الجدة) إلى إن هرعت إلى مكان الحادث ووجدت حفيدتها خارج المتجر لم تقتل وبحالة نفسية يرثى لها.

قالت المرأة "لا أستطيع حتى أن أشرح ذلك، كم أنا ممتنة لله لأنها بخير لأنها يمكن أن تكون واحدة من الأشخاص الذين قتلوا".

وذكر متحدث باسم مركز مقاطعة إيري الطبية لشبكة سي إن إن، إن شخصين ما زالا في المستشفى في حالة مستقرة ، وخرج مصاب ثالث.

وأوضح جوزيف جراماجليا مفوض شرطة بوفالو إن من بين الضحايا الـ 13، كان 11 من السود واثنان من البيض.

ولفت ممثلو الادعاء إلى إن "الإرهابي"، بايتون س، يحاول التملص من جريمته المروعة التي يعتبر مرتكبها لكنه لم يدن بعد.

 وقال كريج هانا رئيس محكمة مدينة بوفالو لشبكة سي إن إن، "إنه دفع بأنه غير مذنب في المحكمة ليلة السبت".

تطرف وعنصرية وكراهية مع عدم تصريحٍ رسمي بالإرهاب

 وتحقق وزارة العدل الأمريكية في إطلاق النار "باعتباره جريمة كراهية وعملاً من أعمال التطرف العنيف بدوافع عنصرية"، وذلك وفقًا لبيان صادر عن المدعي العام الأمريكي ميريك جارلاند. وقال البيان إن مكتب التحقيقات الفيدرالي ينسق مع سلطات إنفاذ القانون المحلية في تحقيقاتها.

وأخبر قائد شرطة مقاطعة إيري، جون سي جارسيا يوم أمس السبت إن إطلاق النار كان "جريمة كراهية عنصرية مباشرة من شخص خارج مجتمعنا"، واصفًا الأمر بأن شر خالص.

كيف حدث إطلاق النار

في حوالي الساعة 2:30 مساءً بتوقيت الولايات المتحدة ،ذكرت السلطات أن المشتبه به - الذي ينحدر من بلدة كونكلين، على بعد ثلاث ساعات ونصف الساعة بالسيارة من بوفالو في غرب نيويورك - توجه إلى أسواق توب فريندلي بالقرب من مناطق ماستن بارك وكينحسلي ، وهما من الأحياء ذات الأغلبية السوداء.

ارتدى المجرم به عتادًا تكتيكيًا ومسلحًا بـ "سلاح هجومي" ، وعند وصوله للمجمع التجاري أطلق النار وقتل ثلاثة أشخاص في ساحة انتظار السيارات وأصاب رابعًا ، وفقًا لبيان صادر عن المدعي العام لمقاطعة إيري جون جي فلين.

وقال البيان إن المشتبه به دخل المول بعد ذلك وتبادل إطلاق النار مع حارس أمن مسلح كان عضوا متقاعدا من شرطة بوفالو.

مكان المول الذي حدثت به المجزرة

وذكرت الشرطة إن القاتل كان يرتدي معدات تكتيكية ثقيلة، ولم يكن لرصاص الحارس أي تأثير.

وقال مفوض الشرطة "كان مدججا بالسلاح. كان يرتدي معدات تكتيكية ، وكان يرتدي خوذة تكتيكية ، وكان لديه كاميرا كان يبث عليه ما يفعله".

وفي داخل المول، أطلق الإرهابي –الذي لم يتم إطلاق هذه الصفة عليه رسميًا في أمريكا- على تسعة أشخاص قبل أن يتم القبض عليه به من قبل الشرطة، لكن مات الحارس وستة آخرين متأثرين بجراحهم ، وفقًا لبيان المدعي العام.

في بيان أرسل إلى سي إن إن ، أكدت خدمة البث المباشر تويتش أن إطلاق النار تم بثه عليها وقالت إن المستخدم "تم تعليق حسابه إلى أجل غير مسمى من خدمتها ، ونحن نتخذ جميع الإجراءات المناسبة ، بما في ذلك مراقبة أي حسابات تعيد بث هذا المحتوى".

حصلت سي إن إن  على جزء من البث المباشر الذي أظهر وصول القاتل به إلى السوبر ماركت بسيارته.

السلطات تحقق في إطلاق النار على أنه جريمة كراهية

وقال سي إن إن الأميركية، إن المحققين حصلوا بعد إطلاق النار على "بعض الأدلة" التي "تشير إلى العداء العنصري " الذي ينتهجه القاتل، بينما قال مصدران فيدراليان إن المحققين يراجعون بيانًا  مؤلفًا من 180 صفحة نُشر على الإنترنت فيما يتعلق بإطلاق النار.

القاتل بعد القبض عليه

يُزعم أن البيان ، الذي حصلت عليه سي إن إن بشكل مستقل بعد وقت قصير من الهجوم وقبل أن تفرج السلطات عن اسم المشتبه به، كتبه شخص يدعي أنه "بايتون جندرون" ويعترف فيه بالهجوم.

يقول كاتب البيان إنه اشترى الذخيرة لكنه لم يكن جادًا بشأن التخطيط للهجوم حتى يناير، ويتابع بأن تصوراته عن الحجم المتناقص للسكان البيض وادعاءات انتهاء العرق والثقافة للبيض هما ما حركانه، واصفًا نفسه بأنه فاشي ، ومتفوق أبيض ومعاد للسامية.

وذكت سي إن إن ، إنه وفق المحققين فإنه قد يتم توجيه تهم إضافية إلى جانب تهمة القتل العمد من الدرجة الأولى للمجرم، حيث يواجه المشتبه به عقوبة بالسجن مدى الحياة دون الإفراج المشروط إذا تمت إدانته.

أمريكا تعيش المآساة 

وأدان الرئيس الامريكي جو بايدن حادثة إطلاق النار في بيان مساء السبت وقال إنه حزين على أسر المفقودين، ذاكرًا :"ما زلنا بحاجة إلى معرفة المزيد عن الدافع وراء إطلاق النار في الوقت الذي تقوم الجهات المختصة بعملها، لكننا لسنا بحاجة إلى أي شيء آخر لذكر حقيقة أخلاقية واضحة: جريمة الكراهية بدوافع عنصرية أمر مقيت بالنسبة إلى نسيج هذه الأمة. الكراهية لا يجب أن يكون لها ملاذ آمن ووجود".

وقال بيرون براون رئيس بلدية بوفالو "هذا هو أسوأ كابوس يمكن أن يواجهه أي مجتمع ونحن نتأذى ونحن نشعر بالغضب الآن كمجتمع. عمق الألم الذي تشعر به العائلات والذي نشعر به جميعًا الآن لا يمكن حتى تفسيره".

في حديثه عن دافع المشتبه به لإطلاق النار ، أخبر داريوس جي بريدجن - رئيس مجلس مدينة بافالو والقسيس الأكبر في كنيسة ترو بيثيل المعمدانية – صحفية ومذيعة  قناة سي إن إن " باميلا براون " :"أنه يأمل أن يكون مفهوماً أن العلاقات العرقية في المدينة لايجب أن يكون مصيرها القتل بإطلاق نار  مرعب وشرير من خارج قيم المجتمع".

وأضاف "بنفس الطريقة التي لا أريد أن أرى بها أشخاصًا سود يرسمون بفرشاة عبارات مؤذية فأنا لا أريد أن أرى نفس الشيء يحدث في مجتمعنا بين علاقات الأسود والأبيض "، والتي تتأثر كثيرًا بهذه الحوداث ولاتساعد في الشفاء من مرض العنصرية.

وعاشت أمريكا عقودًا طويلة وقرون من العنصرية التي وصلت لحد العبودية من قبل البيض ضد السود، الذين جاؤوا من أفريقيا، حيث كان يحرم على السود الجلوس في أماكن البيض أو الاكل من طعامهم او ركوب حافلاتهم أو التواجد في مناسبات معهم، فيما يشبه في الأساطير القديمة طبقة من الأسياد وأخرى من العبيد، وفي الستينيات من القرن الماضي حصد الأميركيون السود بعض حقوقهم، لتأكيد آدميتهم وحقهم في العيش كمواطنين كاملي الأهلية في المساواة مع البيض، لكن من وقتٍ لآخر تحدث فظائع تقول بعدم تخلص أمريكا من مرضها القديم، وإن أمامها الكثير حتى تتعافى منه.