الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

العنف الأسري وأسبابه وعلاجه.. الأزهر يكشف عنه

العنف الأسري
العنف الأسري

العنف الأسري .. أسبابه وعلاجه ، عزَّزَ الإسلام من قيمة الرحمة، وأمَر بنشرها في العالمين، وأرسلَ اللهُ رسولَه صلى الله عليه وسلم بالرحمة الشاملة التي تصل بالأمم والمجتمعات إلى بَرِّ الأمن والأمان؛ قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}[الأنبياء: 107].

العنف الأسري
 

وانطلاقًا من هذا المبدأ الإسلاميِّ الأصيل فإن الإسلام لا يُقِرُّ التعاملَ بطريق العُنفِ بينَ الناسِ عامَّةً، وبينَ أفراد الأسرةِ الواحدةِ خاصَّةً؛ مُؤَكِّدًا على أن العنف لا يصلح أن يكون علاجًا لمشكلة، أو وسيلةً لإصلاح، بل إن وُجِد في أسرة فهو خطر يهدد تماسكها، وسلامة أطفالها، ويضر بصحة أفرادها البدنية والنفسية.

ولك أن ترى هذا واضحًا في نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية المُطهرة، فقد رغب رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الإنسانَ في التحلي بالرفق في جميع أحواله، فقال: «إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ». أخرجه مسلمٌ.

هذا في العموم، أما فيما يخص الأسرة فقد جعل الله عز وجل الزواج آية من آياته، وجعل دفء الأسرة والسكون إليها أهم مقاصد إقامتها، فقال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً…}[الروم:21].


كما أمر سبحانه الرجالَ بحسن عشرةِ النساءِ، فقال: {…وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ…}[النساء:14]، وجعل صلى الله عليه وسلم حسنَ عشرةِ الرجلِ أهلَه معيارًا من معايير التفاضل والخيرية، فقال: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي». أخرجه ابن ماجه والترمذي وغيرُهما، وهو ما يتنافى مع العنف واستخدامه في مواجهة المشكلات.

 

أسباب العنف الأسري


وقال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إن انتشار حوادث العنف الأسريّ في المجتمع -لا سيما إن وصل الأمر للتعذيب أو التشفِّي- ليؤذن بخطر داهم، لا بد أن ينتبه له الجميع، ورَأيُ الشرع الإسلامي في هذا الشأن واضح لا تهاون فيه، فقد «نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النُّهْبَى وَالمُثْلَةِ» أخرجه البخاري، والمُثْلَة هي: التنكيل والتشويه، وهي جريمة وحشية حرمها الإِسلام أشد التحريم لما فيها من عنفٍ وقسوةٍ وإهدارٍ لكرامة الإِنسان، قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ يُعَذِّبُ الَّذِينَ يُعَذِّبُونَ النَّاسَ فِي الدُّنْيَا» أخرجه مُسلم. 

أنواع العنف الأسري


وللعنف الأُسَرِيِّ أنواعٌ، أهمها:
1- العنف المتبادل بين الزوجين، والذي تقع النساء ضحيته في أغلب الأحيان، مخالفةً لما أمر به الإسلام من صيانة المرأة وإكرامها، قال صلى الله عليه وسلم: «واسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا». أخرجه البخاري.
2- العنف ضد الأولاد؛ وهو من الأسباب الكبرى لفساد المجتمع.
3- العنف المالي ضد أفراد الأسرة من قِبَلِ ربِّ البيت، المتحكم في مقدَّراتهم، وصاحب القوامة عليهم.

 

أسباب العنف الأسري

 

وتعددت أسبابُ العنفِ داخل الأُسر على اختلاف بيئاتها ومستوياتها، ويمكن تلخيص أهمها في النقاط الآتية:
1- العواملُ النفسيةُ التي ترجع إلى الشخص ذاته كالإحباط، وضعف الثقة بالنفس، وعدم القدرة على مواجهة الصعاب، ونحو ذلك من العوامل.
2- سوء تنشئة الزوج أو الزوجة، كنشأتهما في بيئة تلجأ إلى العنف وتستخدمه، فالعنف يُنْتِجُ العنف، والاضطراب يورث انعدامَ التوازن في التفكير والسلوك.
3- تعاطي المواد المخدِّرةِ التي تُفقِدُ الإنسان عقله، وتحكمه في تصرفاته، وتُودي به إلى ارتكابِ أعمالِ عُنْفٍ في محيط أسرته ومجتمعه.
4- الأنا وحب الذات، هذه الصفة التي تدفع صاحبَها إلى حب التملُّكِ والسيطرة؛ وبالتالي يستخدم شتى الأساليب في سبيل تحقيق رغبته ولو وصل الأمر إلى العنف.
5- ضعف الوازع الديني، والبعد عن الأخلاقِ الحميدة التي حثَّ الإسلامُ أتباعَه على الاتصاف بها، ومنها الرحمة والرفق والحلم. 
6- غياب القدوة المنضبطة في سلوكها وتفكيرها مما فتح المجال لانتشار المفاهيم والتصرفات الخاطئة.
7- انتشار الموادِّ التي تحضُّ على العنف في وسائل الإعلام المختلفة بل والألعاب الترفيهية الإلكترونية.


وأمَّا مظاهرُ العنف الأُسَرِيِّ في المجتمعات المسلمة، فمن أهمها:


1- التعدي على أحد أفراد الأسرة بالضرب، كضرب الزوجِ زوجَتَه، مما يسبب الإضرار البدني والنفسيَّ بل وأحيانًا يصل الأمر إلى ارتكاب جريمة القتل.
2- عقوق الأبناء لآبائهم.
3- التفكك الأسَرِيُّ، وفقدان لغة الحوار، واتساع الفجوة بين أفراد الأسرة الواحدة. 
4- ارتفاع نِسَبِ الطلاق.
5- تشريد الأطفال، وارتفاع ظاهرة أطفال الشوارع.
6- انعدام الأخلاق الإسلامية في التعامل بين أفراد الأسرة.

وبعد هذا العرض الموجز لأنواع العنف، وأسبابه، ومظاهره يمكن اقتراح علاج لهذه الظاهرة؛ من خلال مراعاة الآتي:
1- تقوى الله عز وجل، والالتزام بأوامره، والانتهاء عن نواهيه؛ ففي ذلك سعادة الدنيا والآخرة.
2- نشر توعية مجتمعية تحذر من العنف الأسري وتبين خطورته على النشء، وتماسك الأسرة والمجتمع؛ من خلال المؤسسات التعليمية والإرشادية.
3- اهتمام وسائل الإعلام المختلفة بمشكلة العنف الأسري، وإصدار مواد تعالج هذه الظاهرة.
4- تفعيل قانون تجريم العنف الأسري حتى يلقى كل مخطئ جزاءه.