الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هل دخل العراق نفقا مظلما سياسياً|قراءة في استقالة قيادات التيار الصدري بالبرلمان

استقالة جماعية لأعضاء
استقالة جماعية لأعضاء التيار الصدري

وصلت الأزمة السياسية في العراق حدتها، خاصة بعد استقالة نواب كتلة التيار الصدري في البرلمان، مما يعني ترك العراق في حالة من الفراغ السياسي الكامل.

ماذا يحدث داخل البرلمان العراقي

بدأ الأمر بطلب  مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري، من نواب كتلته في البرلمان كتابة استقالاتهم، وقال: "ما طلبت إلا كشف كل فاسد بغي، واسترجاع حق الشعب"، مشددًا على أن إصلاح البلد لن يكون إلا بحكومة أغلبية وطنية وأن كل نواب الكتلة مستعدون للاستقالة "هذان خياران إما المعارضة وإما الانسحاب".

وأضاف الصدر، أن العراق ليس بحاجة إلى مطلق الحكومة، بل إلى الحكومة المطلقة ذات أغلبية تخدم شعبها وترجع هيبته، موجهًا نواب الكتلة الصدرية بكتابة استقالاتهم من مجلس النواب استعدادًا لتقديمها إلى رئاسة البرلمان.

وقال الصدر فى رسالة خطية: “على رئيس الكتلة الصدرية حسن العذارى أن يقدم استقالات نواب الكتلة إلى رئيس مجلس النواب، مع فائق الشكر لهم لما قدموه فى هذه الفترة القصيرة، كما أن الشكر موصول لحلفائنا فى تحالف إنقاذ وطن لما أبدوه من وطنية وثبات”، وتابع: "هذه الخطوة تعتبر تضحية من أجل الوطن والشعب لتخليصه من المصير المجهول، كما ضحينا سابقاً من أجل تحرير العراق وسيادته وأمنه وازدهاره واستقراره".

التيار الصدري

ووافق محمد الحلبوسى، رئيس البرلمان العراقي، على استقالات جماعية للتيار الصدرى، وقال الحلبوسى على "تويتر" إنه قبل على مضض استقالات الشركاء فى الكتلة الصدرية، وإنه بذل جهودا كبيرة لإقناع زعيم التيار الصدرى مقتدى الصدر بالعدول عن استقالات الكتلة الصدرية، وأضاف أن الصدر فضل أن يكون مضحيا من أجل العراق وليس سبباً معطِّلاً.

وكان العراق أجرى انتخابات برلمانية في أكتوبر الماضي، وأسفرت حينها عن حصول التيار الصدري على الحصة الأكبر من مقاعد البرلمان، وتراجع قوى ما تعرف بالإطار التنسيقي الموالية لإيران.

وتصدرت الكتلة الصدرية الانتخابات البرلمانية، في أكتوبر 2021، بـ73 مقعدًا من أصل 329، واتحدت مع “تحالف السيادة” السني صاحب الـ71 مقعدًا، والحزب الديمقراطي الكردستاني، ولكن قوى الإطار التنسيقي المقربة من إيران رفضت تشكيل التحالف الثلاثي للحكومة.

وأبرز أسباب هذه الاستقالة فشل التيار في تشكيل الحكومة طوال 8 أشهر، أو تحقيق وعوده التي وعدها حاضنته الشعبية.

خلاف حول شخص رئيس الوزراء 

كما أن هناك خلافا حول أحقية أي طرف بإختيار شخصية رئيس الوزراء، فضلا عن الخلاف بين الصدر وزعيم ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، الذي ينتمي إلى الإطار التنسيقي.

وبالتوازي مع الاستقالات الجماعية لأعضاء التيار الصدري، أعلن مرشح التيار لمنصب رئيس الوزراء، محمد جعفر الصدر، انسحابه، وكتب عبر حسابه على “تويتر”: “كنت قبلت ترشيح السيد الصدر دعمًا لمشروعه الوطنيّ الإصلاحيّ، وقد حان الآن وقت الاعتذار والانسحاب، شكرًا لسماحته ولتحالف إنقاذ الوطن على ثقتهم”.

رائد العزاوي

من جانبه، قال الدكتور رائد العزاوي، أستاذ العلاقات الدولية، ورئيس مركز الأمصار للدراسات، إنه بعد حالة الانسداد السياسي وعدم قدرة الكيان الصدري وكان هو الكتلة الأكبر حيث مثل 73 مقعدا، فشلت هذه الكتلة السياسية وفشل الكيان الصدري في تشكيل حكومة وحدة وطنية وقت الائتلافية بينه وبين الأكراد وبين السنة وعرقلة القوى السياسية الموالية لإيران في البرلمان، مما أدى في نهاية المطاف إلى فشله.

وأضاف العزاوي، في تصريحات لـ “صدى البلد”، أن السيد مقتدى الصدر في تشكيله للحكومة أدى بذلك إلى استقالة أعضاء مجلس النواب من التيار الصدري.

وأكد العزاوي، أن العراق يتجه في المرحلة القادمة إلى أربع سيناريوهات، السيناريو الأول هو أن تظل الأمور كما هي، والسيناريو الثاني هو أن نذهب إلى انتخابات مبكرة وهذا ليس مستبعدا، والسيناريو الثالث أن تحدث توافقات ويتراجع أعضاء التيار الصدري عن الاستقالة ويعاد مرة أخرى كتابة عقد وطني سياسي جديد تشكل بموجبه حكومة يقودها تيار سياسي، والسيناريو الرابع أن يكون هناك تدخل دولي وإقليمي لحل الأزمة، وعدا ذلك فالأمور تتجه إلى الفوضى.  

واختتم العزاوي، أن هذه لعبة سياسية ومحسوبات، فالأمور لا تتجه بمن هو الأفضل بل تتجه حسب التوافقية، فالعراق دولة توافقية بنيت العملية السياسية فيها منذ عام 2003 على التوافقية فهي لم تبنَ على الأغلبية.

مبدأ تشكيل الحكومات العراقية

ومنذ عام 2003، تتشكل الحكومات العراقية وفق مبدأ "التوافق"، إذ تحصل جميع الكتل البرلمانية على وزراء في الحكومة، فضلا عن عشرات المناصب الإدارية الوسطى.

وتعنى استقالة أعضاء التيار الصدري، انتهاء تحالف “إنقاذ الوطن” الذى تشكل بتحالف الصدر مع حزب رئيس البرلمان محمد الحلبوسى، ورئيس الحزب الديمقراطى الكردستانى مسعود بارزانى، وسط مخاوف من أن تؤدى خطوة التيار الصدرى إلى احتجاجات وتزيد المخاوف من عنف سياسى فى بلد تملك فيه غالبية الأحزاب السياسية فصائل مسلحة، وينص قانون الانتخابات العراقى على أنه عند استقالة نائب، يتولى منصب النائب المستقيل صاحب ثانى أكبر عدد من الأصوات فى دائرته.

محمود جابر

من جانب آخر، قال محمود جابر، الباحث في الشأن العراقي، إنه قبل أربعة أيام قدّم نواب الكتلة الصدرية بزعامة مقتدى الصدر استقالاتهم من البرلمان العراقي، بعد أيّام من تهديد الصدر بالقيام بهذه الخطوة وسط أزمة سياسية متواصلة منذ الانتخابات التشريعية المبكرة في أكتوبر 2021، مضيفا أن هذه الخطوة من شانها أن تصيب العملية السياسية وتشكيل الحكومة بشلل تام، فالعملية السياسية في العراق لم تتحرّك منذ ثمانية أشهر، وسط استحقاقات عديدة تواجه البلاد، لا سيما على المستويات الاجتماعية والاقتصادية.

وأضاف جابر، في تصريحات لـ “صدى البلد”، أنه بعد تقديم الاستقالة أعلن محمد الحلبوسى، رئيس البرلمان العراقى، قبول استقالة الكتلة الصدرية، وفي تغريدة قال: “قبلنا على مضض طلبات إخواننا وأخواتنا نواب الكتلة الصدرية بالاستقالة من مجلس النواب العراقي”.

ولفت إلى أن عدد الأعضاء الذين تقدموا بالاستقالة هم 73 عضوا، مشيرا إلى أنه من الواضح أن الصدر سوف يتبع سياسة التظاهرات من أجل الدفع إلى انتخابات برلمانية مبكرة بعد أن يضع الشارع فى يده مرة أخرى وفى وجه كتلة الإطار - التابعة لإيران - والتى يترأسها رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، كما أن خطوة إغلاق جميع مؤسسات الكتلة الصدرية تعنى خروجهم من المشهد السياسى حتى لا يكون عليهم أى تبعية سياسية قادرة، ويضع المالكى وتحالفه فى وجه الناس.

وأوضح جابر أن نور المالكى لن يستطيع تشكيل حكومة، حيث إن الحكومة لا بد أن تتم الموافقة عليها من نصف البرلمان بالإضافة لواحد، منوها إلى أن تحالف المالكى يضم حوالى 138 عضوا، ونصف البرلمان البالغ عدده 168 من جملة عدد البرلمان البالغ 329، وبذلك سوف يقلب مقتدى الصدر الطاولة على المالكى وحلفائه ولكن بطريقة أكثر خشونة وأكثر صخبا.