الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إصلاح الجذور وليس قص الفروع!

عبدالمعطي احمد
عبدالمعطي احمد

حتى أوائل ثمانينيات القرن الماضي لم نكن ننعم بأفضل نظام تعليمى فى العالم، لكنه كان دون شك أفضل مليون مرة مما آلت إليه أوضاعه فى السنوات التالية, وانهيار منظومة التعليم وتهلهلها وتحللها لم تتمثل فقط فى تدنى مستوى الطلاب التعليمى والمعرفى، بل فى كل ما يختص بكلمتى "تعليم" و"تربية"K والدليل هو ما وصل إليه حال المجتمع السلوكى اليوم.

 

فالقيم الملتبسة التى تختلط فيها مظاهر التدين الشديد بالانفلات الشديد التى تعترى جيل الوسط دالة – وعلى سبيل المثال لا الحصر – الاتقان شبه منعدم, والضمير فى شبه غيبوبة, والمنطق شبه غائب, ومبدأ احترام القانون خرج ولم يعد, ولأن منظومة المدرسة ليست تلقينا وحفظا فقط أو مصدرا لتوريد الرؤوس لمراكز الدروس الخصوصية (السناتر), لكنها فى الأصل مكان للتربية والتنشئة والتقويم واكتشاف المواهب وتنمية القدرات والمهارات, فقد أدى تحللها على مدار ما يزيد على ثلاثة عقود إلى ما نحن عليه من انفلات سلوكى مغلف فى "سلوفان" التدين المظهرى واللفظى.

 

ولوحظ أن جزءا من تحلل التعليم وتهلهله عبر عن نفسه فى "تقفيل الدرجات" واحراز رابع وخامس وسادس المستحيلات ألا وهو نسب مئوية تفوق المائة فى المائة! ونضيف إلى ذلك الطالب الذى كان يحرز 97 فى المائة ويتمكن من الالتحاق بكلية الطب مايعنى أن قدرة الكلية على استيعاب الطلاب اكتفت بمن أحرزوا مجاميع أعلى من 97 فى المائة, لكن جمهورية مصر العربية لن يستوى حالها وتتعدل أمورها إلا إذا تم إصلاح جذور التعليم، وليس قص الأفرع الفاسدة, ودور الأهل و"جروبات" الماميز مهم دون شك فى النقاش المجتمعى حول مستقبل الأبناء والبنات، لكن أى مستقبل هذا الذى ينتظرهم إذا كان هم بعض الأهل إعادة الاعوجاج إلى سابق حاله؟!.والمقصود هنا هومقاومة التعديل والتطهير والتمسك بتلابيب "هذا ماوجدنا عليه آباءنا".

 

إن نظرة سريعة إلى هذه الملايين من شباب وشابات مصر من الحاصلين على درجات جامعية فى الاقتصاد والعلوم السياسية، والآداب قسم تاريخ, والتجارة قسم محاسبة, والحاسبات والمعلومات ما ظهر منها وما خفى, والسياحة والفنادق, والخدمة الاجتماعية, والحقوق, وغيرها الكثير أين هم الآن؟وما نسبة من يعمل منهم فى تخصصه؟ وهل هو متخصص بالفعل؟ وهل يعملون أصلا؟! لماذا لا يجرى أحدهم مسحا على خريجى كليات الإعلام من كل الجامعات المصرية على مدار السنوات الخمس الماضية ؟وأين هم الآن؟ مع العلم - وعن تجربة - أن نسبة ليست قليلة من طلاب الإعلام لا تطلع على الأخبار ولا تحب، وعلى الأرجح لا تعرف الكتابة.

 

إن التعديل والتطهير سيستغرقان سنوات، وسيعتريهما أخطاء، لكن الإبقاء على القديم المتحلل المتهلهل سيمعن في دفعنا نحو المزيد من الهاوية.

خواطر

• فى بعض الأحيان، ورغم كوننا فى الألفية الثالثة تعتبر مجتمعاتنا العربية حرية النساء عيبا، ففى الماضى القريب كان المجتمع المصرى يحظر رياضة قيادة الدراجات على الفتيات والنساء مستخدما فزاعته الشهيرة التى تزعم أن "العجل" يهدد عذرية الفتيات، إلاأن العديد منهن تمردن على هذا التابوه الاجتماعي ضاربين بعرض الحائط تلك الادعاءات الواهية حتى أصبح استخدامهن "العجل" مظهرا شبه متعارف عليه فى الشارع المصرى بين الفتيات والنساء بمختلف أعمارهن والطبقات الاجتماعية التى ينتمين إليها، وتجد بعض الفتيات والنساء فى قيادة الدراجات التى طالما حظرت عليهن سابقا مآرب أخرى، كأن يبعثن من خلاله برسائلهن للمجتمع المصري ليحترم حريتهن ويقدر حقوقهن.

• هل تعلم أن أول وجبة جافة تناولها الرواد بالفضاء تم إعدادها في أمريكا عام 1962؟ وهل تعلم أن العلماء أثبتوا أن مخ الطفل الرضيع مجهز لينظر تلقائيا في وجوه المحيطين به؟ وهل تعلم أيضا أن مسدس الصوت العملاق اخترعه مهندس بوكالة ناسا اسمه دكتور لونى جونسون؟!وهل تعلم أن أكبر ورقة عملة يتم تداولها بأمريكا هي ورقة العشرة آلاف دولار.!

• علمتنى الحياة أن الزمان قد يغير سلوك الناس, لكنه لا يغير معادنهم، فالأصيل يبقى أصيلا ولو نام على الحصير، والحقير يبقى حقيرا ولو التحف بالحرير!، وعلمتني الحياة أيضا أنها تشبه صالات المطارات الضخمة فد نجتمع بها ولكن فى النهاية لكل منا رحلته.