صدى البلد في مكة.. أكثر من مليون حاج يرمون جمرة العقبة بعد نجاح تصعيد عرفات

يبدأ حجاج بيت الله الحرام، اليوم السبت، رمى جمرة العقبة الكبرى فى منى، غداة أدائهم الركن الأعظم للحج، بالوقوف على جبل عرفات، الذى استقر على صعيده أمس الجمعة ما يقرب من مليون حاج، وهو العدد الأكبر منذ تفشى عدوى فيروس كورونا المستجد «كوفيد ــ 19» قبل عامين.

وفي مشهد مهيب ، وجمع مبارك يرجو رحمة ربه توافد حجاج بيت الله الحرام منذ الساعات الأولى من صباح أمس الجمعة، إلى جبل عرفات الطاهر يرددون بقلوب خاشعة وأعين دامعة "لبيك اللهم لبيك – لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك"، ويتضرعون بالدعاء والذكر إلى  الله أن يغفر لهم ويتقبل منهم، وذلك حتى غروب الشمس فى يوم من خير أيام الدنيا، وأفضل يوم طلعت عليه الشمس، مصداقا لقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، كما روى جابر رضي الله عنه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم " ما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا فيباهي بأهل الأرض أهل السماء فيقول انظروا إلى عبادي جاؤوني شعثًا غبرًا ضاحين جاؤوا من كل فج عميق يرجون رحمتي ولم يروا عذابي فلم ير يوم أكثر عتقًا من النار من يوم عرفة".

وواكب قوافل ضيوف الرحمن إلى مشعر عرفات الطاهر متابعة أمنية مباشرة يقوم بها أفراد مختلف القطاعات الأمنية التي أحاطت طرق المركبات ودروب المشاة لتنظيمهم حسب خطط تصعيد وتفويج الحجيج إلى جانب إرشادهم وتأمين السلامة اللازمة لهم، وعلى امتداد الطرقات الموصلة بعرفات انتشر رجال المرور يساندهم أفراد الأمن والكشافة باذلين قصار جهدهم لتأمين الانسيابية والمرونة بالحركة.

ومع غروب شمس هذا اليوم تبدأ جموع الحجيج نفرتها إلى مزدلفة ويصلون فيها المغرب والعشاء ويقفون فيها حتى فجر غد العاشر من شهر ذي الحجة لأن المبيت بمزدلفة واجب حيث بات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيها وصلى بها الفجر، ويقوم ضيوف الرحمن اليوم السبت، أول أيام عيد الأضحى، برمى جمرة العقبة الكبرى فى منى.

ومنذ اليوم الأول لوصول الحجاج المصريين، فتحت العيادات الطبية في كافة الفنادق التي يقيم بها ضيوف الرحمن أبوابها، لفحصهم وصرف الأدوية لبعض الحالات، خاصة الأشخاص الذين يعانوا الإرهاق، مع تقديم نصائح بعدم التعرض لأشعة الشمس لوقت طويل، وفحص كبار السن والأشخاص الذين يعانون من الأمراض المزمنة باستمرار.

كما حرص علماء الدين على التواجد بين الحجاج المصريين وشرح المناسك لهم، وحثهم على الالتزام بقواعد وآداب الحج، والأخذ بالأيسر في كافة الأمور، وعدم التزاحم والتدافع، بينما ظهرت الواعظات بين السيدات للإجابة عن الأسئلة، والاستفسارات الخاصة بالسيدات، وشرح مناسك الحج لهن.

أما رجال الشرطة فقدموا جهودا كبيرة في مساعدة الحجاج وضيوف الرحمن وإرشادهم والتواصل معهم ميدانياً على أرض الواقع، في الوقت الذي تتابع فيه غرف العمليات الحجاج المصريين بشكل دوري.

وتسلمت البعثة الرسمية للحج، الخيم الخاصة بمنى وعرفات، بعد استيفاء المطلوب من قبل البعثة؛ حيث أجرت البعثة على مدار الأيام الماضية مجهودات مكثفة وحثيثة مع السلطات السعودية، لضمان توفير كافة الخدمات والتسهيلات لضيوف الرحمن على جبل عرفة، كما تم تشكيل  لجنة للتفاوض ومتابعة الاستعدادات الخاصة بالخيم داخل عرفة ومنى، وتحديد الخدمات المطلوب توفيرها خلال التواجد بالمشاعر المقدسة، وعقدت اللجنة عدة لقاءات مع مسئولي الجمعيات الأهلية لشركة الطوافة لمنى وعرفات، وأجرت 4 زيارات ميدانية، ووضعت عدة ملحوظات، ثم قامت بالتنسيق الكامل مع الجهات المعنية لتلافي أي ملحوظات موجودة قبل الاستلام النهائي للخيم، حيث جري التعاقد في منى وعرفات علي خيم مكيفة فريون بعد أن كانت بتكييفات صحراوية سابقا، وتوفير "صوفا بيد" لكل حاج سواء في منى أو عرفات، بجانب تواجد حمامات إضافية غير الحمامات الموجودة بالمشاعر، والتعاقد مع شركة تغذية لتقديم وجبات إفطار وغداء للبعثة المصرية، وعدد كبير من المياه والمرطبات، مع  التنسيق الكامل مع وزارة الصحة المصرية والسعودية لمتابعة كافة الإجراءات الصحية والاحترازية لموسم الحج هذا العام؛ حيث سيتم توفير عيادة طبية، وتوفير مخيم للعزل للحالات المشتبه في إصابتها بفيروس كورونا أثناء التواجد في المشاعر المقدسة.

وبدأت خطة التصعيد  للحجاج من عصر الخميس 8 ذي الحجة، من خلال 70 أتوبيسا موديلات حديثة، ويتم تقسيم كل 45 حاجا في أتوبيس بمشرف، وتم التحرك من بعد عصر الخميس إلى بعد العشاء، لضمان عدم وجود زحام بين الحجاج، وقت المغادرة والوصول.

كما تم تقسيم البعثة إلى جزئين؛ جزء في مكان المغادرة لضمان إتمام التفويج وعدم وجود أي مشكلات، والنصف الآخر في مقر الوصول للمشاعر المقدسة، لتسكين الحجيج، والتأكد من تمام الوصول.

وقامت بعثة الحج بنشر إرشادات عامة فى وسط الخيام المخصصة للمصريين للحيلولة دون فقدان الحاج لطريقه وسط الزحام والتكدس، ووضع كشوف بأسماء الحجاج فى فنادقهم وفى حافلاتهم فضلا عن التنسيق مع الجانب السعودى على تأجير سيارات لمساعدة الحالات الانسانية المرضية على أداء مناسكهم وأنه تم تكثيف الندوات الدينية من قبل الوعاظ الدينيين لتوعية الحجاج بكيفية أداء المناسك، كما تم التنسيق علي تقديم وجبات ساخنة لحجاج القرعة يوميا خلال تواجد الحجاج  بمشعر "منى".
ومن جانبه تفقد اللواء علاء الأحمدى مساعد وزير الداخلية لقطاع الشئون الإدارية رئيس بعثة الحج المصرية، التجهيزات الداخلية للمخيمات، والتي تتميز بقربها من جسر الجمرات، حيث لأول مرة هذا العام، تمكنت بعثة القرعة، في إطار التسيير على الحجاج والعمل على راحتهم، من زيادة المساحة المخصصة لكل حاج بمشعر بمنى، من 92 سم إلى 106 سم لكل حاج.

وطالب الأحمدى حجاج بيت الله الحرام بارتداء كارت البيانات، وإسورة المعصم خلال عملية التصعيد إلى جبل عرفات وعدم اصطحاب الحجاج لأى أشخاص داخل مخيماتهم بعرفات ومنى لمحدودية المكان وعدم وجود فراغات، مما سيؤثر السلب على اتاحة أماكن لباقى الحجاج، بالإضافة إلى عدم حملهم لأى أمتعة كبيرة أثناء الإقامة بمنطقة المشاعر المقدسة، لشغلها مساحة من المخيمات، والتأثير على المساحة المخصصة لكل حاج.

كما طالب الحجيج بعدم التدافع والتزاحم على الحافلات، نظرا لأن كل حاج لديه مقعد مخصص له فى كل حافلة، إضافة إلى تخليهم عن التصرفات والسلوكيات التى لا تتناسب مع قدسية الأماكن الشريفة، والتى قد تسيء للحجاج المصريين، وتخضع مرتكبها إلى المساءلة القانونية.

من جهته، كشف الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس نجاح مشروع الترجمة الفورية لخطبة عرفة بأربع عشرة لغة عالمية وتحقيق أكثر من (200) مليون مستفيد حول العالم وذلك لأول مرة في تاريخ المشروع.

وأعلن الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، نجاح المرحلة الأولى من خطة الرئاسة لحج هذا العام، دون حصول أي حوادث بين قاصدي الحرمين الشريفين ولله الحمد والمنة، مؤكدا أن الخطة التي ارتكزت على عديد من المحاور التشغيلية الهادفة لخدمة ضيوف الرحمن وفق أعلى المستويات قد حققت أهدافها ولله الحمد والمنة.

وبين أن التعاون المثمر مع كافة الجهات العاملة في خدمة ضيوف الرحمن قد أدى بفضل الله لتكامل الجهود وتناغم الأعمال وتحقيق المنشود، مبينًا أن العمل لا يزال مستمرًا لتوفير بيئة آمنة وصحية في الحرمين الشريفين، لخدمة ضيوف الرحمن ولإبراز الصورة العالمية المشرقة للحرمين الشريفين، وإظهار قيم الإسلام والمسلمين الحقيقية، وتحقيق تطلعات القيادة الرشيدة.

ودعا الشيخ السديس الله عز وجل أن يعين حجاج بيت الله الحرام وأن يتقبل منهم حجهم وعبادتهم وأن يعيدهم إلى بلادهم سالمين غانمين، منوها بما توليه حكومة المملكة للحرمين الشريفين وحجاج بيت الله الحرام من رعاية واهتمام.

كما أعلنت وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، نجاحها في تنظيم دخول حجاج بيت الله الحرام لمسجد نمرة في مشعر عرفات، وسط تنظيم وإجراءات وخدمات متكاملة عملت على تنفيذها مختلف اللجان العاملة بالمسجد، بالتعاون مع مختلف أجهزة الدولة تماشيا مع توجيهات القيادة الرشيدة.

وشهدت أروقة المسجد حركة انسيابية خلال دخول الحجاج وخروجهم، واستماعهم للخطبة، وتأديتهم لصلاتي الظهر والعصر جمعا وقصرا اقتداء بهدي النبي صلى الله عليه وسلم.

وبينت الوزارة أنها أكملت الاستعدادات اللازمة كافة عبر شركات الصيانة والتشغيل والنظافة التي أتمت العمل على تجهيزه بكل ما يحتاجه من متطلبات من الفرش الجديد والتكييف والصيانة على مدار الساعة وتوفير المعقمات والكمامات، تحقيقاً لتوجيهات القيادة الرشيدة والتي تؤكد دائماً على توفير كافة السبل والإمكانات ليؤدي ضيوف الرحمن نسكهم بكل راحة واطمئنان وسط أجواء إيمانية.
وهيأت وزارة الشؤون الإسلامية مسجد نمرة وبشكل مبكر منذ بدء موسم الحج حيث تبلغ مساحته 149500 ألف متر مربع ويتسع لـ 145000 ألف مصلي حيث نفذت فيه عدداً من الخدمات والمشاريع التطويرية.

ويعد مسجد نَمِرة من أهم المعالم في مشعر عرفات، وبه يصلي الآلاف من ضيوف الرحمن صلاتي الظهر والعصر في يوم عرفة جمعاً وقصراً اقتداء بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، ويعد ثاني أكبر مسجد بمنطقة مكة المكرمة من ناحية المساحة بعد المسجد الحرام.

وأكدت وزارة الصحة السعودية أن هناك 50 مستشفى ومركزاً صحياً في المشاعر المقدسة يقدمون الخدمة الطبية والعلاجية لضيوف الرحمن خلال وقوفهم على صعيد عرفات الطاهر، مشيرة إلى أن خدماتها موزعة على كامل المشاعر وبها كافة التجهيزات اللازمة من أسرة للعناية، وللطوارئ، وغرف العزل ، وغرف للعمليات ، وأسرة لضربات الشمس.

ودعا الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي عضو هيئة كبار العلماء، الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى في خطبة عرفة التي ألقاها اليوم في مسجد نمرة بمشعر عرفات إلى حمد الله والثناء عليه، وحث إلى تقوى الله وامتثال أوامره لنيل الفوز والنجاة والسعادة في الدنيا والآخرة.

وقال إن شهادة التوحيد لله مع شهادة الرسالة لمحمد صلى الله عليه وسلم هي سبب تحصيل رضا الله وسبب النجاة يوم المعاد ومن مدلول شهادة الرسالة تصديق محمد صلى الله عليه وسلم في أخباره وطاعته في أوامره وعبادة الله بما جاء به".

وأوصى حجاج بيت الله، والمسلمون في كل مكان، بتقوى الله تعالى فإنها خير الزاد، والمسارعة في فعل الخير، واعلموا عباد الله أن من المسارعة في الخير الحرص على امتثال قيم الإسلام التي صاغت سلوك المسلم فهذبته خير تهذيب، وكان بها نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم على ما وصفه ربه جل وعلا: ( وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ) وهو عليه الصلاة والسلام القائل: (إن من أحبكم إليَّ وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً).