الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان.. العلاقات المسمومة تهدم المجتمع وتخلق جيلا مشوها

أرشيفية
أرشيفية

يعاني المجتمع من العلاقات المسمومة التي تنخر في قوامه كالسوس، وتساهم في خلق جيلا مشوها من الأبناء، كاره لكل ما حوله بفضل التأثير السلبي لتلك العلاقات.

تأثيرات العلاقات المسمومة 

العلاقات المسمومة.. كشفت بعض حالات الطلاق عن ظاهرة لم تكن موجودة وتبدو غريبة على مجتمعنا، وهي دخول الزوجان قبل الانفصال أو بعده في حالة تناحر وسباب ويتبارى كل منهما في فضح الآخر مستخدما في ذلك كل لديه من طاقة، متناسيا سنوات جمعتهما سويا وكان بها حب ومودة.

ويتحول الزوجان إلى عدوان، ويتحول الخصام بينهما خاصة بعد الطلاق إلى فجور، وحرب يدفع ثمنها الأبناء وحدهم دون غيرهم، ويتناسى الزوجان قبل الانفصال وبعده قوله تعالى: "فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان"، وهي آية من أبلغ الآيات التي تحدثت عن العلاقة الزوجية وعن حق المرأة في حال الانفصال، الذي غالبا ما يكون سببا في حالة التناحر فيما بعد.

وتقول الدكتورة هناء ممدوح استشاري نفسي بمستشفى الصحة النفسية بالعباسية، وأستاذ العلاقات الأسرية، إن السلوك الخاطئ للوالدين ونزاعهما أمام أطفالهما واضطراب الأسرة، وضعف الأواصر بين الزوجين يدفع الطفل إلى الشعور بفقدان الأمن، لينظر إلى الحياة نظرة متشائمة.

وأضافت "ممدوح" - في تصريحات لـ"صدى البلد"، أنه يتصف الأطفال الذين ينمون ويترعرعون في ظل هذه الأسرة بالهزال، واصفرار البشرة وانهيار المعنويات، وكذلك الإصابة بتخلف دراسي، والتخلف بسلوك سيئ في التعامل مع الآخرين.

العلاقات المسمومة .. ولفتت أنه من خلال واقع تعاملها مع الأطفال، أصبحت تستطيع التفريق بين الطفل المستقر وغير المستقر، حيث إن الأطفال الذين يعيشون في بيئة متزعزعة نجدهم لا يشعرون بالحيوية أبداً، ولا ينامون نوماً مريحاً، وتنعدم رغبتهم في الكلام، بل سيصابون بتأخر في النطق.

ويرى الدكتور علي شوشان الاستشاري النفسي، أن سبب الخلافات الزوجية ومشكلات الطلاق وعدم حفظ المودة بين الزوجين وتحولهما إلى معسكرين من الأعداء يعود إلى ظهور جمعيات تطالب بما يسمى حقوق المرأة تحت زعم التمكين، الأمر الذي خلق نوع من التمرد لدى بعض الزوجات، فأصبحنا يتعاملان بندية شديدة مع الزوجة، متناسية مشاعر المحبة والألفة بينهما.

العلاقات المسمومة والأبناء 

وأضاف شوشان - في تصريحات لـ"صدى البلد": للأسف الشديد أغلب النساء فى مصر لا يجيدن فن إدارة الخلافات بل يعتقدن أنه طالما اختلفنا في شيء ما لا بد أن نتحول إلى أعداء ونتبارز بكل الأشكال، فالخلافات الزوجية تبدأ بسيطة، إلاّ أنهما لا يدركان خطورة تراكمها فترات طويلة، أو تكرارها واستمرارها، لأنها بعد فترة ستتحول إلى مشاكل حقيقية مركبة ومعقدة، مما يترك أثرا سلبيا على الزوجين أنفسهما ثم على الأبناء.

وقال إن ما يجهله بعض الوالدين تأثير ذلك على نفسية الأبناء، خاصة أنهم يحتاجون إلى الاستقرار النفسي والمعنوي الذي يشعرهم بالأمان والاحتواء، مبينا أن وجود المشاكل الأسرية تخلق في نفسية الأبناء التوتر والقلق الدائم وعدم الشعور بالطمأنينة، بل وعدم الشعور بالأمان، مما يؤثر عليهم سلوكيا فيما بعد، فتظهر بعضها كالأحلام المزعجة أو التبول اللاإرادي أو إهمال الدراسة أو الانطواء والعزلة أو العدوانية، أو تفريغ هذا الغضب على الآخرين.

وأشار علي شوشان الاستشاري النفسي - إلى أنه قد يستمر هذا التأثير إلى مدى العمر، خاصةً عندما تتشكل لديهم الصورة السلبية للحياة الزوجية فيمارسون ما شاهدوه وتعلموه.

ويأسف شوشان لجهل الوالدين في كيفية توصيل الحب والاستماع للأبناء، بل وجعلهم يشاهدون تلك الصراعات والمشكلات أمامهم، مما يصنع حاجزا كبيرا بين أفراد الأسرة، مما يجعل أحد الوالدين يستغل ذلك في استمالة أحد الأبناء له ضد الطرف الآخر، وهو ما يخلق بعد فترة أحزابا داخل الأسرة، هناك من يختار الأم، وهناك من يختار الأب.

وأشار الدكتور هشام رمضان أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة، إلى أنه أحيانا يغضب أحد الوالدين من الأبناء لعدم تدخلهم أو وقوفهم بحيادية، ويجبرونهم على الاختيار بطرق ملتوية كالإغراء بالهدايا أو النواحي المادية أو المدح والتشجيع في استمالة أحد الأبناء ضد أحد الوالدين.

وأضاف رمضان - في تصريحات لـ"صدى البلد"، أنه نجد الأب يحاول أن يكون الأبناء بصفه وأيضاً الأم تحاول ذلك، وربما يلجؤون إلى تشويه صورة أحدهما كي ينفر منه الأبناء، وعندما يحاول الأبناء الحيادية وعدم التدخل يغضب أحد الوالدين أو كلاهما، فيشعر بأن أحد صغاره ضده أو لا يحبه، أو عدوّه أو عدوتها، وهذا طبعاً غير صحيح.

توقف عملية نمو الطفل

وشدد على أهمية إدراك الوالدين مسؤولية عظيمة لما تحويه من أدوار رئيسة في حياة الأبناء، فمن خلال الأسرة يحيا مجتمع كامل، إن نجحت في ذلك أنتجت أفرادا منتجين وواعين والعكس صحيح، وعندما تجهل دورها الأساسي يفقد المجتمع أهم أفراده، مما يخلق بيئة مفككة وغير ناضجة وغير منتجة.

وأشارت بعض الدراسات العلمية في مجالي علم النفس والاجتماع إلى أن نزاع الوالدين في محيط الأسرة يؤدي إلى توقف عملية نمو الطفل وظهور مشاكل جدية في هذا المجال، وقد تقل شهية الطفل للطعام أو يحصل تباطؤ في عملية الهضم بسبب حدوث خلل في إفرازات بعض الغدد، وهذا كله بسبب شعور الطفل بالملل والحزن.

يؤدي نزاع الوالدين أيضاً في حال مرض الطفل إلى تباطؤ علمية شفائه واستعادته لصحته وسلامته، أو قد يؤدي إلى مضاعفة المرض بسبب ازدياد حزنه.