الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الحوار الوطني.. عندما انتصر العقل على القتل

اسلام عوض
اسلام عوض

ليس ثمة شك في أن تسارع وتيرة العمل لإنجاز الحوار الوطني أسقط كل الرهانات التي روج لها الغافلون والمتآمرون، والتي كانت تصب في خانة التوقعات بفشل هذا الإنجاز التاريخي،  كما أن المقدمات والمعطيات تؤشر إلى أن هذا الحوار الذي يترقبه الشارع المصري، سوف يخرج بنتائج حاسمة تمثل خارطة طريق للدولة المصرية في مختلف المجالات محل النقاش سياسياً واقتصادياً ومجتمعيا، الأمر الذي يمثل انتصارا حاسماً للتفكير والعقل على العنف ولغة الدم والقتل .


فالداعي إلى الحوار وصاحب المبادرة التي تلقفها الجميع، هو قائد من طراز فريد، كثيراً ما طرح رؤيته الشاملة الداعية إلى البحث عن المشتركات وتوسيع دوائر الاتفاق، والابتعاد تماماً عن كل ما يعرقل البناء في الدولة الوطنية الحديثة التي أرسى قواعدها رغم كل التحديات، مؤكداً في أكثر من مناسبة.

 
"إن الوطن يتسع للجميع، وأن الاختلاف فى الرأى لا يفسد للوطن قضية"، وهي رسالة واضحة لا تقبل التشكيك بأنه يجب طرح مختلف الآراء والمواقف وتقريب وجهات النظر، وصولاً إلى توافق بشأن القضايا العالقة والخلافية.


ولعل عملية بسيطة لتحليل المضمون لتصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي التي قال فيها( آخر ما قمت به في 3 يوليو، هو أنني طرحت عليهم " يقصد الإخوان "تصورا يمكن من خلاله أن نتجاوز أزمتنا، عبر إجراء إنتخابات رئاسية مبكرة بعد أن خرج الشعب في الشارع لإعطائه حقه بالتعبير عن رأيه (وقلت لهم): أنتم تقولون إن لديكم مؤيدين وهذه مؤامرة، فلنكتشف المؤامرة ولنجري إنتخابات رئاسية مبكرة فإذا فزتم (تستمرون) ولكن إذا لم ينتخبوكم تكونون جزءًا من العملية السياسية في مصر".


وتابع : "لم يحصل ذلك وقالوا: لا بل نقاتل... وبما أنهم قاتلوا فالأرضية المشتركة من الحوار والنقاش غير موجودة لأنني أتحدث عن الحوار وهم يتحدثون عن القتل هذا أولاً وثانيا لو اتبعوا طريقتهم وانتصروا لم يكونوا ليقبلوا بالحوار معي وكانوا سيقولون: أنا انتصرت عليك بالقتال والقتل ولن أحاورك ) ، قراءة متأنية لتلك التصريحات توضح منطق القائد الحريص على الإصلاح والبناء وعدم انفلات الأمور، ومنطق تنظيم الإخوان وقادته الذين لا يعرفون لغة الحوار والعقل ويستبدلونها بلغة الدم والقتل، لذلك فإن هؤلاء المتآمرين لا يمكنهم رؤية ما تم إنجازه على صعيد إكتمال رؤية الرئيس السيسي بشأن إنجاز الحوار الوطني.

 رغم كل ما أعلنه المسئولون عن هذا الحوار وتصريحات مختلف القوى السياسية بشأن الاتفاق على مئات النقاط ومعالجة أهم الملفات، حيث يزعم هؤلاء عبر أبواقهم الإعلامية أنه لا أمل في نجاح الحوار الوطني بسبب ما يصفونه بعدم وضوح تفاصيل ذلك الحوار وأولوياته مع انطلاقته الأولى، الأمر الذي يترجم صعوبات من المتوقع أن يواجها، لأن ما يطلقون عليها "قوى الموالاة" ( لم تعتد على الدخول في نقاشات سياسية مع أقطاب المعارضة ولديها براجماتية تدفعها لتصدير أهدافها لتكون على رأس الحوار، إلى جانب ضعف وترهل المعارضة غير القادرة على أن تكون نداً قوياً للحكومة وأذرعها السياسية )، وهي قعقعه بلا طحين تريد فقط تشويه هذا الإنجاز التاريخي، وتفويت الفرصة على المصريين الذين يترقبون مخرجات هذا الحوار الوطني المثمر . 


إن نجاح الحوار الوطني وتنفيذ رؤية القائد والزعيم الرئيس عبد الفتاح السيسي التي تكرس لمبدأ " إنتصار العقل على القتل "، هي مسئولية جميع القوى السياسية، كما أنها مسئولية مجتمعية باعتبار أن الإنسان والمواطن المصري هو أول المستفيدين من نجاح تلك الرؤية، التي سيتم ترجمتها على الأرض من خلال تسريع عجلة النمو وتدعيم قيم الدولة الحديثة وتعظيم العوائد من الإستثمار الأمن، الذي يجذب رؤوس الأموال ويزيد من فرص العمل ومن ثم تحسين جودة الحياة لكل المصريين، باعتبار ذلك حصد لثمار الإصلاح الإقتصادي وتطبيق خطط التنمية المستدامة .


ومن هذا المنطلق فإن البحث عن القواسم المشتركة بين مختلف الأطياف، والعمل على إعلاء المصلحة العليا على حساب المصالح الحزبية الضيقة لم تعد رفاهية، وما تشهده قاعات المناقشات بين ممثلي القوى السياسية واعضاء مجلس أمناء الحوار الوطني خير دليل على ذلك،  بالإضافة إلى أهمية المشاركة الفاعلة والنشطة مع عدم تفجير أي مشكلة دون وضع حلول واقعية وبدائل أمام صانع القرار .
إن قيام الأحزاب السياسية بتحديد أجندة للقضايا ذات  الأولوية والعمل على تدشين حوار بشأنها، والخروج بورقة سياسات تحدد سبل التعاطى الجاد مع تلك القضايا، يعتبر نموذجاً يحتذى وتكريساً لرؤية القائد والزعيم الذي تحمل المسئولية في وقت كانت الغلبة فيه لمنطق العنف والقتل في ظل تغييب كامل لمنطق الحوار والعقل، حتى نجح في تصحيح المعادلة المدعومة بثوابت الشعب المصري المحب للحياة، حتى أصبحت مصر بفضل قياداتها الحكيمة ملهمة تؤكد دائماً أنها ترعى الإنسان وحقوقه، وتؤمن بأهمية الرأى والراي الآخر ، لذلك دائماً ما يكون الإنتصار فيه للعقل على القتل .