الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الضمير وجوع الغاز.. لماذا يجاهد ماكرون لمحو تاريخ فرنسا الاستعماري في الجزائر؟

الرئيس الفرنسي إيمانويل
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون

وصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الجزائر، أمس الخميس، في زيارة رسمية تستغرق 3 أيام، يجري خلالها مباحثات مع نظيره الجزائري عبد المجيد تبون ويستكشف إمكانيات تعزيز العلاقات بين البلدين المرتبطين تاريخيًا بعلاقات شائكة وحساسيات لم تمحُها عشرات السنين مرت منذ استقلال الجزائر عن الاستعمار الفرنسي.

فرنسا والجزائر.. عقدة التاريخ

وفي مؤتمر صحفي مشترك مع تبون، قال ماكرون إن على فرنسا والجزائر "تجاوز تاريخهما المشترك المؤلم" والتطلع إلى المستقبل.

وقال ماكرون بعد لقائه بالرئيس الجزائري عبد المجيد تبون "لدينا ماض مشترك معقد ومؤلم. وقد منعنا في بعض الأحيان من التطلع إلى المستقبل".

وأضاف "لم نختر الماضي، بل ورثناه. يجب أن ننظر إليه ونعترف به، لكن علينا مسؤولية بناء مستقبلنا لأنفسنا ولشبابنا".

كما أعلن ماكرون أنه سيتم تشكيل لجنة فرنسية جزائرية مشتركة من المؤرخين لدراسة المحفوظات حول الحكم الاستعماري الفرنسي في الجزائر.

ولدى حديثه عن ملف الذاكرة، قال ماكرون إن هناك كثيرا من التلاعب ومن المواقف المتطرفة التي تسعى إلى تعكير العلاقات الفرنسية الجزائرية.

وتابع ماكرون "سنفتح كل الأرشيف للجنة المؤرخين المشتركة التي أنشأناها من أجل مراجعة الأحداث التاريخية".

وفي وقت لاحق، زار ماكرون نصباً تذكارياً لشهداء حرب الجزائر من أجل الاستقلال، ووضع إكليلاً من الزهور في الموقع ووقف دقيقة صمت.

وتأتي زيارة ماكرون، بصحبة وفد من 90 شخصا من الوزراء وكبار رجال الأعمال والشخصيات الرياضية، بعد فترة طويلة من التوتر بشأن ذكريات متضاربة لحرب الاستقلال الدامية في الجزائر.

وازداد التوتر الدبلوماسي في أكتوبر الماضي عندما اتهم الرئيس الفرنسي  الجزائر باستغلال الذكريات عن الحرب وكتابة التاريخ على أساس الكراهية.

ووفقًا لإذاعة "دويتشه فيله" الألمانية، فإن رغبة ماكرون المعلنة منذ فترة طويلة في الخروج من الإرث القبيح للحكم الاستعماري الفرنسي في الجزائر وإحباطه من نظرة السلطات الجزائرية لتلك الفترة، تسبب في وقوعه في خطأ كبير العام الماضي قد يلقي بظلاله على رحلته.

وفي تعليقات على مسار الانتخابات، أشار إلى أن الهوية الوطنية الجزائرية قد تشكلت في ظل الحكم الفرنسي وأن قيادة البلاد أعادت كتابة تاريخ النضال من أجل الاستقلال على أساس كراهية فرنسا.

وكانت فرنسا، قبل ذلك بشهر، قد أغضبت الجزائر بخفض عدد تأشيرات السفر التي تصدرها بشكل حاد. وجاء ذلك ردا على ادعاءات بأن الجزائر تعرقل إعادة رعاياها الموجودين في فرنسا بشكل غير قانوني.

لكن البلدين أبديا منذ ذلك الحين رغبتهما في إعادة العلاقات إلى مسارها. ويقول محللون إن الهدف الرئيسي لزيارة ماكرون إلى الجزائر تهيئة الظروف لتوثيق التعاون في القضايا الاقتصادية والأمنية الملحة.

الغاز وأسعار الطاقة.. ماكرون يغازل الجزائر طمعا

قال الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، يوم الجمعة، إن الطاقة تشكل مشكلة أوروبية في الوقت الراهن، وسط حاجة إلى بذل مزيد من الجهد، مشيرا إلى أن الجزائر ستساعد على زيادة واردات الغاز.

وأدلى ماكرون، بتصريحات صحفية، خلال زيارته لمقبرة "سانت أوجين" التي كانت المقبرة الأوروبية الرئيسية في الجزائر، خلال فترة الاستعمار بين 1830 و1962.

وأضاف الرئيس الفرنسي "نحن لا نسعى إلى التنافس مع إيطاليا في الحصول على الغاز، بل نتطلع إلى التكامل والتعاون".

وفي يوليو الماضي، كانت الجزائر قد وقعت اتفاقا مع إيطاليا بمليارات الدولارات، لزيادة تدفق الغاز إلى البلد الأوروبي، بينما تسعى دول القارة العجوز جاهدة لتأمين حاجياتها من الطاقة، في ظل تداعيات الحرب الدائرة بأوكرانيا.

وبحسب شبكة "بي بي سي" البريطانية، يقول حسني عبيدي، مدير مركز جنيف لأبحاث العالم العربي والبحر الأبيض المتوسط الجزائر، باحتياطياتها الهائلة من النفط والغاز - والكثير منها لا يزال غير مستغل - وبخطوط الأنابيب التي تربطها بإيطاليا وإسبانيا، تعد في وضع جيد، "ليس لتحل محل روسيا ولكن لمساعدة أوروبا بالتأكيد في إمداداتها من الطاقة على المدى المتوسط".

لكن محللين يقولون إنه سيكون من الخطأ رؤية فرنسا تتوسل الجزائر من أجل المساعدة من مستعمرتها السابقة.

ويقول حسني عبيدي: "الجزائر أيضا بحاجة إلى فرنسا. إنها بحاجة إلى استثمارات فرنسية لتطوير قطاع الطاقة. لكن فرنسا، بالإضافة إلى ذلك، تمنح الجزائر مصداقية.

ويضيف "الجزائر لديها علاقات تاريخية ممتازة مع روسيا. ولكنها بعد غزو أوكرانيا لا تريد أن تظهر باعتبارها عميلة لموسكو، أو جزءا من محور الشر الروسي".