الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

زعيم سوفيتي بصبغة ديمقراطية.. رحيل ميخائيل جورباتشوف صديق الغرب المخلص في موسكو

ميخائيل جورباتشوف
ميخائيل جورباتشوف

ميخائيل جورباتشوف .. رحل عن عالمنا آخر زعيم للاتحاد السوفيتي السابق قبل أن يتفكك إلى جمهوريات ودول مستقلة، وهو الزعيم ميخائيل جورباتشوف عن عمر يناهز 91 عاما، بعد صراع طويل وخطير مع المرض، وهو الذي يعتبر صاحب نظرية التقرب للغرب وصاحب الإصلاحات الهيكلية الاجتماعية الواسعة في روسيا.

جورباتشوف 

لمحات عن ميخائيل جورباتشوف

كما تدين أوروبا له بالفضل في إنهاء الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة بشكل سلمي بفضل سياساته المعتدلة التي أعادت توحيد ألمانيا، وتحرير دول أوروبا الشرقية، وإنهاء المواجهة النووية مع الدول الغربية.

لكن إصلاحات جورباتشوف الداخلية الواسعة، ساهمت في إضعاف الاتحاد السوفيتي حتى انهياره، وهي اللحظة التي وصفها الرئيس الحالي لروسيا فلاديمير بوتين بـ "أكبر كارثة جيوسياسية في القرن العشرين".

فمن هو ميخائيل جورباتشوف آخر الزعماء السوفييت؟

ولد جورباتشوف في 2 مارس من العام 1931 في قرية بريفولنوي، ستافروبول كراي، التي أصبحت جمهورية روسيا الاتحادية الاشتراكية السوفياتية، إحدى الجمهوريات المكونة للاتحاد السوفيتي.

كانت عائلة جورباتشوف روسية - أوكرانية قروية، وفي مراهقته عمل مشغلا لآلة الحصادة في الزراعة الجماعية، وتخرج من جامعة موسكو الحكومية في العام 1955 بشهادة بكالوريوس في القانون، وعندما كان في الجامعة انضم للحزب الشيوعي ومن بعدها أصبح فعالا فيها.

تم تعيينه في العام 1970 سكرتيرا لأول حزب لأقليم ستافروبول، ثم عين أول سكرتير للمجلس السوفيتي الأعلى في العام 1974، وعضوا في المكتب السياسي في العام 1979. 

تبع موت الرئيس ليونيد بريجنيف فترة وجيزة من ترتيب المناصب استمرت 3 سنوات، رشح المكتب السياسي جورباتشوف ليتولى منصب الأمين العام للمجلس السوفيتي في العام 1985، وقبل توليه المنصب كان "يذكر في الصحف الغربية بين الحين والآخر كقائد قادم ورجل من جيل أصغر سنا على مستوى عال".

سياسات جورباتشوف وإعادة تحضيره للاستراتيجيات السوفيتية هدفت إلى إنهاء الحرب الباردة، وقد ألغى الدور الدستوري للحزب الشيوعي في تنظيم الدولة، وبدون قصد أدى إلى "تفكك الاتحاد السوفيتي".

تم منح ميخائيل جورباتشوف ميدالية أوتوهان للسلام في العام 1989، وجائزة نوبل للسلام في العام 1990، وجائزة هارفي في العام 1992، إضافة إلى العديد من شهادات الدكتوراه فخرية من جامعات متعددة.

وأعلن جورباتشوف وحاكم الأقلية الكسندر ليبيديف في سبتمبر 2008، أنهما سيشكلان الحزب الديمقراطي المستقل الروسي، وفي مايو 2009 أن الانطلاق وشيك الحدوث هذه محاولة جورباتشوف الثالثة لإنشاء حزب سياسي، من بعد ما بدأ الحزب الديمقراطي الاجتماعي الروسي في العام 2001 وتحالف الديمقراطيين الاشتراكيين في 2007.

ميخائيل جورباتشوف 

فترة حكم جورباتشوف للسوفيت 

قدم جورباتشوف في فترة ولايته للاتحاد السوفيتي المزيد من الانفتاح عندما شرع فى إعادة هيكلة مجتمع بلاده والاقتصاد المتعثر، ولم يكن نيته تصفية الإمبراطورية السوفيتية، ولكن فى غضون 5 سنوات من وصوله إلى السلطة، تولى رئاسة حل اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية، وأنهى الحرب السوفيتية في أفغانستان.

عندما وصل إلى السلطة، كان جورباتشوف ابنا مخلصا للحزب الشيوعي، لكنه جاء ليرى الأشياء بعيون جديدة، وقال ذات مرة: "لا يمكننا أن نعيش بهذه الطريقة بعد الآن"، لهذا طارده المتآمرون الشيوعيون المتشددون من منصبه، وخاب أمل الليبراليين على حد سواء، وكانت المجموعة الأولى تخشى أن يدمر النظام القديم، والأخرى قلقة من أنه لن يفعل ذلك.

على أثر ذلك، قال بوتين في 24 فبراير، عندما أعلن بدء غزو أوكرانيا، في إشارة إلى انهيار الاتحاد السوفيتي، إن "شلل القوة والإرادة هو الخطوة الأولى نحو التدهور الكامل والنسيان".

كانت المهمة الأولى التي تنتظر جورباتشوف تتمثل في احياء الاقتصاد السوفيتي المتهالك الذي كان آنذاك يقف عند حافة الانهيار.

كان جورباتشوف من الذكاء، بحيث استنتج سريعا بأن الحزب الشيوعي نفسه بحاجة إلى إصلاح جذري إذا كان سيكتب لإصلاحاته الاقتصادية النجاح.

أدخل الحل الذي ابتكره جورباتشوف لهذه المعضلة عبارتين باللغة الروسية إلى الاستخدام العام، إذ قال إن البلاد بحاجة إلى "بيريسترويكا" أو إعادة هيكلة، وإن الأداة التي سيستخدمها لتحقيق هذا الهدف هو "غلاسنوست" أو الانفتاح.

قال مخاطبا مسؤولي الحزب في سان بطرسبرغ: "إنكم متخلفون عن ركب الاقتصاد، وإن البضائع الرديئة التي تنتجونها أصبحت مصدر إحراج".

لكن جورباتشوف لم يكن يخطط أبدا لاستبدال سيطرة الدولة على الاقتصاد بنظام للسوق الحرة، كما أوضح في كلمة ألقاها أمام جمع من مندوبي الحزب في العام 1985 قال فيها "بعض منكم ينظر إلى اقتصاد السوق بوصفه طوق النجاة لاقتصاداتكم، ولكن يا رفاق لا ينبغي أن تفكروا بأطواق النجاة بل بالسفينة ذاتها والسفينة هي الاشتراكية".

وكان السلاح الثاني الذي لجأ اليه جورباتشوف للتصدي للركود الذي كان يعاني منه النظام السوفيتي هو الديمقراطية، فللمرة الأولى استحدث جورباتشوف انتخابات حرة في مؤتمر نواب الشعب.

جورباتشوف وريجان

جورباتشوف إنهاء الحرب الباردة

أدت خطوات جورباتشوف نحو تخفيف الصفة القمعية للنظام السوفييتي إلى تململ في صفوف القوميات المختلفة التي يتكون منها الاتحاد السوفيتي المترامي الأطراف، وأطلقت الاضطرابات التي شهدتها كازاخستان في ديسمبر من العام 1986 حقبة اتسمت بالاحتجاجات.

كما أراد جورباتشوف وضع نهاية للحرب الباردة، وتمكن من الاتفاق مع الرئيس الأمريكي رونالد ريجان على إلغاء صنف كامل من الأسلحة النووية من خلال معاهدة الأسلحة النووية المتوسطة.

وأعلن عن خفض أحادي الجانب في القوات التقليدية السوفيتية، وأنهى التدخل الدموي والمذل في أفغانستان.