الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رأس السنة القبطية الجديدة.. علماء الفلك: امتداد للتقويم المصرى القديم وما زال يستخدمه الفلاحون.. والفراعنة أول من قاموا بحساب طول السنة الشمسية

السنة القبطية
السنة القبطية

علماء فلك: 

  • السنة القبطية ابتكرها المصريون القدماء 
  • التقويم القبطي هو نفس يوم بداية السنة المصرية
  • المصريون القدماء أول من قاموا بحساب طول السنة الشمسية عن طريق رصد ظاهرة الشروق 

 

يشير تاريخ اليوم إلى أننا نعيش فى النصف الأخير من العام وينقصنا على انتهائه أكثر من ثلاثة شهور، وعلى الرغم من كل هذا، فإن هناك قطاع كبيرا خصيصا من المصريين الفلاحين يستعدون الاحتفال ببداية العام الجديد ولكن ليس احتفالات بداية العام الميلاد بل احتفالات بداية السنة القبطية، فقد برعم المصري.

وبرعم المصريون القدماء فى الفلك بصورة كبيرة مازلت تبهرنا حتى الآن، حتى عقود قريبة وربما إلى الآن في بعض المناطق يستخدم الفلاحون المصريون هذا التقويم فقط في حياتهم لارتباطه بالزراعة: من فيضان النيل وجفافه إلى زراعة المحاصيل وحصدها، ولكن مع التطور الكبير فى الزمن والاعتماد على التكنولوجية والآلات تراجع استخدام الشهور القبطية.

وأكد الدكتور ياسر عبد الهادي، أستاذ بمعمل بحوث الشمس، بالمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، أن اليوم الأحد الموافق 11 سبتمبر 1738 ق، هو بداية السنة القبطية، وهو نفس يوم بداية السنة المصرية بالتقويم المصري القديم 6264 ، وأن هذا التقويم أول من وضعه كان المصري القديم وهو تقويم مرتبط بيهم فهي في الأصل السنة المصرية القديمة من حيث أسماء ومواعيد وترتيب الشهور والمواسم اعتماداً على الدورة الزراعية للحضارة المصرية القديمة.

وصرح الدكتور عبد الهادي، فى تصريحات خاصة لـ “صدى البلد”، أنه لا يوجد علاقة بين السنة القبطية ومسيحيي مصر أو مسيحيي أي دولة أخرى، لأن كلمة (قبطي) لا تعني كلمة (مسيحي) على الإطلاق وإنما تعني كلمة (مصري)، ومنها اشتق اسم (إيجبت Egypt) الذي يختلف في معناه علماء اللغة المصرية القديمة ، فمنهم من يقول بأنه مشتق من كلمة (جب بتاح) الهيروغليفية والتي تعني (الأرض السوداء) لأنها كانت عبارة عن طمي النيل الأسود الذي كان يجعلها تربة زراعية شديدة الخصوبة ، ومنهم من قال بأنه مشتق من كلمة (هت كب بتاح) التي تعني كلمة (أرض معبد الإله بتاح) إله السواد والخصوبة تارة وإله الحرف والصناعات اليديوية تارة أخرى عند قدماء المصريين.

وأشار إلى أن السنة القبطية تبدأ بفيضان النيل في أواخر شهر مسرى (أغسطس حالياً) ثم يحدث أن تحدث ظاهرة الشروق الاحتراقي لنجم الشعرى اليمانية للراصد في منطقة الأهرامات معلناً بداية السنة التي تبدأ بشهر توت (الذي هو تحريف لا سم الإله تحوت أو تحوتي الذي كان إلهاً للقمر ثم إلهاً للحكمة في العصر الفرعوني) ، وكانت بدايته تسمى عيد النيروز (الذي يحل حالياً في 11 سبتمبر).

وأشار أستاذ معمل أبحاث الشمس، إلى أن السنة القبطية هي سنة شمسية مكونة من 12 شهر وكل شهر عبارة عن 3 دياكين وكل ديكان كان عشرة أيام، أما الفارق بينها وبين دورة الشمس الكاملة فكان عبارة عن خمسة أو ستة أيام تسمى أيام النسيء، ومواسم هذه السنة كانت ثلاثة هي: فضل الفيضان ثم فصل الإنبات ثم فصل الحصاد.

واوضح أن الأسباب السياسية هى التي ادت لحدوث بعد التغيرات فى السنة القبطية، بعدما اعتنقت الإمبراطورية الرومانية المسيحية كانت مصر إحدى ولاياتها ولذلك تم الخلط بين كلمة قبطي (التي تعني مصرياً) وكلمة مسيحي ، فأصبح المسيحيون المصريون يسمون أنفسهم (مجازاً) بالأقباط بالرغم من أن كلمة قبطي تعني المصري أياً كانت ديانته.

وأمر الإمبراطور «أغسطس» بتغيير بداية التقويم المصري ليبدأ يوم 29 أغسطس من كل عام ليتزامن مع التقويم اليوناني الجديد (وهو أساس التقويم الجريجورى الذي يسير عليه الغرب إلى اليوم)، وهكذا ظهر إلى الوجود “التقويم القبطى أو التقويم السكندري” والذي يختلف عن التقويم المصرى الفرعونى في بدايته فقط.

واعتبر تاريخ تقلد الإمبراطور الرومانى دقلديانوس حكم مصر بداية للتقويم القبطى تخليدا للشهداء الأقباط الذين نكل بهم هذا الإمبراطور الوثنى لتمسكهم بعقيدتهم المسيحية ورفضهم تأليهه وعبادته، فقام بعمليات قتل وتخريب واعتقال للشعب المصري وسامته سوء العذاب، وكان عام 284م هو العام الذي شهد أكبر عدد من الشهداء، وتم تحديد بداية التقويم القبطى على هذا الأساس بيوم 29 أغسطس من عام 284 ميلادية، هو امتداد للتقويم المصري القديم الذي يرجع إلى 6000 سنة قبل الميلاد وربما أكثر حسب بعض الدراسات العلمية، وه يقابل بداية شهر توت وهو الشهر الأول في التقويم القبطى وبعد عدة تصحيحات في التقويم الميلادى في منتصف القرن السادس عشر بات يوم 11 سبتمبر هو بداية السنة القبطية البسيطة، و12 سبتمبر بداية السنة القبطية الكبيسة، والثلاثة عشرة يوما ما بين 7 يناير و25 ديسمبر هو نفس الفرق ما بين 29 أغسطس و11 سبتمبر، وهو فرق أيام التصحيح بين التقويم اليوليانى والجريجوري.

وقال الدكتور ياسر عبد الهادي، أستاذ بمعمل بحوث الشمس، بالمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، انه لا يمكننا اختزال السنة القبطية أو ما يسمى بالتقويم القبطي في كونه تقويماً مسيحياً خاصاً لمسيحيي مصر لأننا بذلك نفترض فرضاً خاطئاً بإن مسيحيي مصر هم ورثة هذا التقويم دون غيرهم، وهو أمر خاطئ تماماً، بل الأمر قد يوقع المرء في دعاوٍ مؤداها أن مصر الآن محتلة من المسلمين الأغراب الذين جاءوا من خارج مصر بدين جديد، وهو أمر منافٍ تماماً لما حدث في التاريخ الذي يشهد بأن الغالبية العظمى من سكان مصر اعتنقوا الإسلام بعد تحريرهم من الإمبراطورية الرومانية على يد جيش الفاتح العظيم عمرو بن العاص، ومنهم من أسلم ومنهم من بقي على دينه، ولم يكره أحد منهم من بقي على عقيدة تغيير دينه.  

لذلك فتناول التقويم القبطي في هذا الإطار العلمي أمر مفيد جداً في دراسة تطور علم الفلك والتقويم عبر الزمان وكذلك قد يقود إلى الكشف عن حلقات مفقودة في التاريخ قد تغيب عن المؤرخين ويسهل اكتشافها من خلال هذه البوابة العلمية الراسخة.

ومن جانبه وقال الدكتور جاد القاضي رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، إن براعة المصريين القدماء في علوم الفلك تتجلى لنا يوماً بعد يوم لتؤكد لنا أن الحضارة المصرية القديمة كانت حضارة علمية من المقام الرفيع، فلم يكتف المصري القديم برؤية الشمس والكواكب وغيرها بل قام بحساب شروقها وغروبها وعرف مداراتها ووضع التقاويم اعتماداً عليها، وسواءً كانت هذه الإنجازات في العلوم الفلكية لغرض ديني أو لغرض دنيوي فلقد أثبت المصري القديم براعته فلكيا ومهندساً.

أكد الدكتور جاد القاضي، أن جميع الدراسات العلمية (سواء كانت فلكية أو أثرية أو كانت عربية أو أجنبية) اتفقت أن المصريون القدماء هم اول من قاموا بحساب طول السنة الشمسية عن طريق رصد ما يسمى بظاهرة الشروق الاحتراقي لنجم الشعرى اليمانية وعرفوا أن طول السنة 365،25 يوم وسمى بالتقويم المصري القديم الذي بدأ منذ 6262 عاما وينسب إلى «توت» رب الحكمة والكتابة في عقيدة المصريين القدماء الذي توصّل إلى أول حساب للأيام عرفه الإنسان.

وأوضح الدكتور جاد أن المصريين القدماء قاموا بتقسيم اليوم إلى أجزاء (ساعات) واستخدموا اشكالاً مختلفة من الأدوات الفلكية مثل المزولة الشمسية والساعة المائية وقاموا بتقسيم السنة إلى فصول واعتمدوا ظهور نجم الشعرى اليمانية بداية للتقويم، وعرفوا الإتجاهات الأصلية ووجهوا إليها الأهرامات واحتفلوا بمناسباتهم بتوجيه معابدهم إلى اتجاهات محددة لتدخلها أشعة الشمس في وقت محدد من العام، وتشهد العديد من المعابد صورا لتعامد الشمس عليها في تواريخ محددة تتكرر سنوياً شاهدة على ما وصل إليه المصري القديم من اتقان لعلوم الفلك والهندسة.

وتابع لكي نحتفل بالتقويم المصرى على طريقة قدماء المصريين ونفهم كيف توصل قدماء المصريين لهذا الإنجاز الفلكى والحضارى العظيم علينا رصد ظاهرة الشروق الاحتراقى وبزوغ نجم الشعرى اليمانية فى نهاية يوليو من كل عام، وهذا ما يقوم به المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية من مرصد القطامية كل عام.

تقويم للفلاحين

حتى عقود قريبة وربما إلى الآن في بعض المناطق يستخدم الفلاحون المصريون هذا التقويم فقط في حياتهم لارتباطه بالزراعة: من فيضان النيل وجفافه إلى زراعة المحاصيل وحصدها.

تتكون السنة القبطية من 13 شهرًا منها 12 شهرا كل منها 30 يومًا، والشهر الأخير والذى يطلق عليه الشهر الصغير يتكون من 5 أو 6 أيام فقط، وفقًا للسنة الكبيسة أو البسيطة، ويتبع التقويم القبطى دورة نجم الشعر اليمانية، والشهور القبطية بالترتيب هى: «توت - بابه - هاتور - كيهك - طوبة - أمشير - برمهات - برمودة - بشنس - بؤونة - أبيب - مسري» بالإضافة إلى الشهر الأخير الصغير «نسيء».

وقبل عقود عدة كان الفلاحون يعرفون تلك الشهور بملمح زراعي مميز، حتى أصبحت أسماء الشهور مرتبطة بما يمكن وصفه بالأمثال الزراعية.

ومن أشهر الأمثال المرتبطة بالأشهر القبطية الفرعونية:

توت: إروي ولا تفوت أي أن الري ولو كان كثيرا لا يضر الأرض.

بابه: خش واقفل الدرابة أي اغلق الأبواب والمنافذ جيدا استعدادا للبرد مع قدوم الخريف.

هاتور: أبو الدهب منثور أي اصفرار محصول القمح في الحقول مع قرب حصاده وكذلك إن فاتك هاتور اصبر لما السنة تدور.

كيهك: صباحك مساك شيل إيدك من غداك وحطها في عشاك كدليل على قصر النهار في هذا الوقت من السنة.

وبة: تخلي الشابة كركوبة أي من شدة البرد تصبح الصبية وكأنها عجوز لانحنائها بحثا عن الدفء.

أمشير: يفصص الجسم نسير نسير وأمشير يخللي جسمك ع الحيط نسير أي أن رياحه العاتية تكاد تمزق الأجساد وأيضا أمشير أبو الزعابير الكتير ياخد العجوزة ويطير.

برمهات: روح الغيط وهات أي اذهب إلى الحقل واجمع ثمار المحاصيل.

برمودة: دق العامودة أي تجهيز درس القمح بعد حصاده وكان ينصب عامود في وسط جرن لذلك.

بشنس: يكنس الأرض كنس أي ما بعد الحصاد وخلو الحقول من آثار زراعتها.

بؤونة: تنشف الميه من الماعونة أي تتبخر المياه من الأواني من شدة الحر وبؤونه نقل وتخزين المونة.

أبيب: فيه العنب يطيب أي شهر حصاد الكروم.

مسرى: تجري فيه كل ترعة عسرة أي تزيد مياه فيضان النيل فتغمر حتى القنوات الصغيرة الجافة طوال العام.