الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إجباري إلى اليمين.. موسم تساقط الحكومات في أوروبا عرض مستمر.. قوى متشددة تشق طريقها إلى السلطة بسرعة.. والأحزاب الفاشية تقطف ثمار الأزمات الاقتصادية

أنصار اليمين المتشدد
أنصار اليمين المتشدد في أوروبا

قبيل وفاة الملكة إليزابيث الثانية ملكة بريطانيا بيومين فقط، غادر رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون مكتبه في 10 دواننج ستريت للمرة الأخيرة، لتحل محله ليز تراس، خليفته في رئاسة الحكومة وزعيمة حزب المحافظين اليميني.

ولئن كانت وفاة الملكة إليزابيث قد غطت بدويها على الرحيل الفضائحي لجونسون وحكومته، فإن دويًا آخر يتعالى من أنحاء أوروبا، فيما تشق قوى اليمين طريقها إلى السلطة.

بريطانيا.. اليمين لا يزال ممسكا بالراية

في 7 يوليو، أعلن رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون استقالته من منصبه ومن زعامة حزب المحافظين، بعد ضغوط عنيفة تعرض لها لترك منصبه إثر ظهور نتائج تحقيق حول استضافته ومشاركته في حفلات انتهكت معايير الصحة العامة والقيود الصحية التي كانت مفروضة إبان فترة انتشار جائحة كورونا.

واستقال جونسون من رئاسة حزب المحافظين بعد إعلان نحو 60 من أعضاء الحكومة عدم رغبتهم في العمل معه، منهم خمسة وزراء، في حركة جماعية غير مسبوقة في التاريخ السياسي البريطاني.

كما هزت النتائج السلبية التي مُنى بها حزب المحافظين في انتخابات المجالس المحلية، مايو 2022، الثقة في قدرة الحزب على كسب ثقة الشارع في الانتخابات القادمة.

مع ذلك، سرعان ما انتخب حزب المحافظين وزيرة الخارجية السابقة ليز تراس، المحسوبة على تيار اليمين المتشدد، لزعامة الحزب ورئاسة الحكومة، في مرحلة تحولات شديدة الدقة تمر بها المملكة المتحدة، فبجانب وفاة الملكة إليزابيث الثانية، ترث حكومة تراس من عهد جونسون تعقيدات الوفاء بالتزامات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وأزمة اقتصادية حادة هي جزء من عاصفة تضخم تعصف باقتصادات العالم الكبرى والصغرى على السواء.

وتشهد بريطانيا زيادة كبيرة في أسعار السلع الأساسية، مع تجاوز نسب التضخم حاجز 9 في المئة، للمرة الأولى منذ 40 عاما.

وقادت أسعار الغذاء والوقود والسكن معدلات التضخم في بريطانيا، رغم محاولات بنك إنجلترا ضبط معدل التضخم من خلال رفع متتال لأسعار الفائدة.

وستقع الآن على عاتق تراس مسئولية إدارة دفة الأمور في بريطانيا وسط ركود يلوح في الأفق وأزمة طاقة تهدد الموارد المالية لملايين الأسر والشركات.

وتسببت بالفعل خطة تراس لتعزيز الاقتصاد من خلال تخفيضات ضريبية مع تخصيص عشرات المليارات من الجنيهات الاسترلينية للحد من تكاليف الطاقة في انزعاج الأسواق المالية بشدة، مما دفع المستثمرين إلى التخلص من الجنيه الاسترليني والسندات الحكومية.

ووعدت تراس باتخاذ "إجراءات جريئة" للعبور بالبلاد إلى بر الأمان، من بينها خفض الضرائب على الرغم من التحذيرات من أن ذلك قد يؤدي إلى تفاقم معدل التضخم في بريطانيا الذي بلغ بالفعل 10.1 بالمئة وهو أعلى مستوى بين الاقتصادات الكبرى.

إيطاليا.. صعود اليمين الفاشي

في إيطاليا، قدم رئيس الوزراء وزعيم حزب "الرابطة" اليميني ماريو دراجي استقالته في 21 يوليو الماضي، بعد انهيار حكومة وحدة كان يقودها، لتتولى حكومته تصريف الأعمال لحين إجراء انتخابات مبكرة لاختيار نواب البرلمان الذي انحل مع تفكك حكومة دراجي.

وكان أنصار دراجي قد حذروا من أن انهيارا للحكومة يمكن أن يزيد من متاعب اجتماعية على وقع تضخم عام ويؤخر الميزانية ويهدد تعافي الاتحاد الأوروبي في فترة ما بعد الوباء، ويدفع بالأسواق إلى الانهيار.

وتنبئ مؤشرات عدة بصعود سهل لائتلاف يميني في انتخابات إيطاليا التشريعية المقرر إجراؤها 25 سبتمبر الجاري، وتبدو جورجيا ميلوني، زعيمة حزب "إخوة إيطاليا" اليميني المتشدد في طريقها لتحقيق فوز كاسح لتصبح أول امرأة تتولى رئاسة أول حكومة يمينية متشددة في البلاد.

ويضم الائتلاف اليميني أحزاب "إخوة إيطاليا" (فراتيلي ديتاليا) ذو الجذور الفاشية، و"الرابطة" المناهض للهجرة بزعامة ماتيو سالفيني و"فورتسا ايطاليا" بزعامة سيلفيو برلوسكوني. ويتوقع أن يحصل على 46% من الأصوات.

وتعهّد الائتلاف اليميني بحلول باهظة الكلفة لأزمة الطاقة وغلاء المعيشة، التي تعصف بإيطاليا ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، من دون توضيح كيفية تمويل خططه. وخصص الاتحاد الأوروبي حوالى 200 مليار يورو لتمويل تعافي إيطاليا بعد الوباء، علما بأن لديها ثاني أعلى دين عام في منطقة اليورو.

وقالت ميلوني التي برزت كشخصية صريحة وقوية، إنها ستعيد التفاوض على هذا الاتفاق الذي يشترط تنفيذ إيطاليا سلسلة إصلاحات. ويصر الائتلاف اليساري على أن هذا التمويل معرّض للخطر إذا فاز اليمين.

وفي انتخابات 2018، فاز حزب "إخوة إيطاليا" بأكثر بقليل من 4% من الأصوات، لكن الاستطلاعات باتت تشير إلى أن هذا الرقم ارتفع إلى 24% رغم أن أصوله تعود إلى "الحركة الاجتماعية الإيطالية"، التي شكّلها أنصار الدكتاتور الفاشي بينيتو موسوليني بعد الحرب العالمية الثانية.

ويعاني اليمين من انقسامات عميقة على خلفية الغزو الروسي، إذ أيّدت ميلوني إرسال أسلحة إلى أوكرانيا، بينما يعارض سالفيني الذي لطالما كان من المعجبين بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين العقوبات.

بدورهم، يسعى اليساريون لإكمال ما بدأه دراجي المؤيد لأوروبا. ويقول محللون إن دعوات اليسار للاستمرارية أقل إقناعا بالنسبة للناخبين الفقراء الذين يعانون من القلق في إيطاليا المغرقة بالديون، إذا ما قورنت بوعود التغيير.

السويد.. اليمين يتأهب لقطف الثمار

تنتظر السويد إعلان نتائج  الانتخابات التشريعية التي شهدت منافسة محتدمة جدا، فيما بين اليمين واليمين المتطرف في موقع يؤهلهما تولي السلطة معا.

وأظهرت نتائج جزئية شملت حوالى 95 % من مراكز الاقتراع أن الكتلة التي يقودها زعيم حزب المعتدلين اليميني المحافظ أولف كريسترسون ستفوز بغالبية مطلقة تراوح بين 175 و176 مقعدا في مقابل 173 إلى 174 مقعدا لكتلة اليسار بزعامة رئيسة الوزراء المنتهية ولايتها الاشتراكية-الديموقراطية ماجدالينا اندرسون.

وشكل حزب "قوميي السويد" القومي المناهض للهجرة بزعامة جيمي أكيسون الفائز الأكبر. فمع نتيجة موقتة بلغت 20,7 % سجل الحزب رقما قياسيا جديدا وأصبح أكبر أحزاب اليمين وثاني أحزاب البلاد.

وفي حين أشارت استطلاعات الرأي لدى خروج الناخبين من مراكز الاقتراع والنتائج الأولية التمهيدية إلى فوز اليسار بشق الأنفس مساء الأحد، عاد اليمين ليتصدر بعد ذلك مع التقدم في الفرز ويبدو انه بات في طريقه إلى الفوز.

وتشكل هذه الانتخابات منعطفا كبيرا إذ إن اليمين التقليدي السويدي لم يسبق له أن فكر بإمكان أن يتولى الحكم مدعوما باليمين المتطرف إن بشكل مباشر أو غير مباشر.

وقد زادت شعبية اليمين المتطرف في السنوات الأخيرة جراء الهجرة الكثيفة وتصفية الحسابات بين العصابات الإجرامية في الضواحي السويدية. وقد هيمنت هذه المواضيع فضلا عن الارتفاع الشديد في أسعار المحروقات والكهرباء على الحملة الانتخابية.

وعلى صعيد الملفات الدولية الكبرى، ينبغي على الحكومة السويدية المقبلة خصوصا انجاز انضمام البلاد إلى حلف شمال الأطلسي المهدد بفيتو تركي فضلا عن تولي الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي في الأول من يناير المقبل.

ويضاف إلى تعقيدات الوضع ان اليمين المتطرف قد يكون تخلى عن مطالبته بخروج السويد من الاتحاد الأوروبي إلا أنه يبقى معارضا كبيرا للوحدة الأوروبية.

فرنسا تتفادى اليمين في اللحظة الأخيرة

في 21 يونيو الماضي، رفض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الثلاثاء استقالة رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيث بورن، "لتتمكن الحكومة من متابعة مهامها"، وفق ما أعلن الإليزيه.

وفي أعقاب الانتخابات التشريعية التي سبقت تقديم بورن استقالتها، فقد ماكرون أغلبيته المطلقة في البرلمان، ما يشكل انتكاسة تمهد لمرحلة من عدم الاستقرار، فبعد شهرين من الانتخابات الرئاسية التي فاز بها ماكرون بولاية ثانية، فشل المعسكر الرئاسي في الاحتفاظ بالأغلبية المطلقة في الجمعية الوطنية التي تضم 577 مقعداً.

وشهدت الانتخابات التشريعية اختراقاً غير مسبوق للتجمّع الوطني (اليميني المتطرف) بزعامة مارين لوبان، إذ حصل الحزب المنافس لماكرون في الدورة الثانية من الانتخابات على 89 مقعدًا فيما حصل الاتحاد الشعبي البيئي والاجتماعي الجديد (ائتلاف يساري) بقيادة زعيم اليسار الراديكالي جان-لوك ميلانشون على 150 مقعدًا على الأقل.