الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مخاطر فبركة الإعلام الرقمي

د. فتحي حسين
د. فتحي حسين

بلا شك أننا نعيش اليوم في عصر الإعلام الرقمي وما يمثله من خطورة علي المجتمع والأفراد, لاسيما أن المواجهات بين الدول الآن لم تصبح باستخدام الأسلحة الفتاكة والمدمرة فقط بل أصبحت من خلال وسائل الإعلام الرقمي التي يقومون خلالها ببث الشائعات والاكاذيب واختلاق قصص غريبة وليس لها أساس من الواقع بهدف تدمير معنويات شعب الدولة الأخرى, مع التطورات التكنولوجية الهائلة والمتسارعة التي شهدها العالم في السنوات الأخيرة تضاعفت المعرفة البشرية، وتطورت وسائل وأساليب تعلمها وتعليمها وحفظها وتداولها بين الناس داخل المجتمعات، وقد أدى تغلغل التكنولوجيا الحديثة في كل المجالات إلى تغيير حاسم في طبيعة الخدمات والمنتجات والمعارف ومفهوم عنصر الزمن الذي يحكم كل ما يحدث من تطورات.

 

فمثلا, أسهمت جائحة كورونا التي واجهها العالم بداية عام 2020 في الإسراع باتجاه وسائل الإعلام التقليدية نحو التحول الرقمي، والاعتماد على نظم وأساليب تكنولوجية متطورة, للتغلب على حالة التوقف والإغلاق التي فُرضت على الكثير من دول العالم، وتزايد عدد السـاعات التي يمضيها الأفــراد أمام شاشــات التليفزيون ومنصات الإعلام البديل؛ للبحث عن المعلومات والأخبار حول الجائحة وتطوراتها، والاعتــماد عليها بوصفها وسيلة أساسية- وربما وحيدة- لقضاء الوقت وتحقيق المتعة والتسلية والترفيه في ظل التوقف شبه الكامل للمسارح ودور السينما والمقاهي وأماكن اللعب والترفيه. 

ومن ثم أصبح الاعتماد علي الإعلام الرقمي حتي الان ضرورة حتمية وفي الوقت الذي تعرضت فيه قطاعات اقتصادية متعددة لأضرار وخسائر فادحة بسبب جائحة كورونا، كقطاعات السياحة والسفر وصناعة النفط وتجارة التجزئة وتجارة الأسهم والسندات، فإن قطاع تكنولوجيا الاتصالات وخدمات الإنترنت حققت طفرة في حجم أنشطتها؛ فقد أدت حالة العزلة والتباعد الاجتماعي التي فرضتها جائحة كورونا إلى انفراد الشركات العاملة في هذا القطاع بتقديم الخدمات للمواطنين عبر الإنترنت، وحققت شركات التكنولوجيا الأمريكية العملاقة وحدها أرباحا بلغت 38 مليار دولار في الربع الثالث من عام 2020، وأعقب ذلك ارتفاع في الطلب على خدمات الشركات العملاقة ومعه مزيد من الأرباح!!

 

ويمارس أهل الشر وجماعة الإخوان الإرهابية هذا العدوان باستخدام الإعلام الرقمي في الغالب ضد الدولة المصرية وإنجازاتها الأخيرة وتتربص بالدولة والحكومة وتنفي وتقلل من كل إنجازاتها وتقف علي أشياء غير حقيقية وتستخدم برامج الفوتوشوب وغيرها من أدوات الإضافة والتحسين في الفيديوهات لأجل عمل منتج مفبرك علي اليوتيوب , وحتي تستقطب افراد جماعتها اليها وكل من يجهل حقائق الأمور ,لكن الشعب المصري أدرك هذا مبكرا وسريعا ولم يعبأ بأي أخبار كاذبة وشائعات وفيديوهات لهم ضد بلادهم ووطنهم.

 

وأصبح الإعلام الرقمي حاليا سلاح قوي يفوق أحيانا الأسلحة المدمرة والدبابات والطائرات الحديثة بسبب قدرته الفائقة علي تدمير المجتمعات من الداخل بسهولة تامة , عبر إرسال عدد فيديوهات مدبلجة ومصنوعة وغير حقيقية لعرضها علي الناس ,فضلا عن نشر وبث أكاذيب وشائعات كفيلة بتدمير الروح المعنوية للشعب وربما النظام كله , ومن هنا وجب علي الحكومة ان تتخذ كافة التدابير الاحترازية إزاء هذا الإعلام من خلال زيادة جرعات الوعي لدي الشباب المصري وكافة شرائح المجتمع بخطورة الاعلام الرقمي وأن هناك شائعات وأخبار مضللة وغير حقيقية تستهدف  النيل من الدولة والنظام بأكمله , ولا بد أيضا من الرهان علي الاعلام التقليدي في إعطاءه الثقة كاملة وعرض الحقائق سريعا وقت نزول الشائعة والأخبار الكاذبة حتي نقضي عليها تماما في مهدي , ولا بد أن نعطي الثقة لشبابنا في كافة المجالات مثلما نري الدولة التي أعطت الشباب مناصب قيادية في مناصب كبيرة كنائب محافظ ونائب وزير فضلا عن تعيين العديد من القاضيات كنوع من المساواة التي اقرها الدستور المصري.

 

وبلا شك أن الشائعات والأخبار الكاذبة  تنال من النظام والدولة واستقرار المجتمعات وتسعي إلي نشر الفوضي وهذا لن يحدث علي الإطلاق مثلما حدث من قبل عندما كانت كورونا في مهدها منذ عامين تقريبا وكانت تأتي أنباء من هنا وهناك حول الفيروسات وتطورها وخطورتها وانها نهاية العالم في 2020 ولم يحدث شيء ,وغيرها من الأخبار التي بثت الرعب والهلع في فقلوب المواطنين وكان إعلامنا إلي حد كبير وقتها حائط صد لكل هذه الشائعات التي استهدفت النيل منا ومن دولتنا وكان يقودها بالطبع جماعات الإخوان في الخارج من خلال قنوات فضائية مملوكة لهم علي شاكلة قناة مكملين وبعض قنوات اليوتيوب الخاصة بهم !

 

في دراسة هامة نشرت مؤخرا عن مخاطر الفبرکة الرقمية والإعلام الجديد، التي قد تقود إلى مرحلة تصعب فيها السيطرة على وسائل التواصل الاجتماعي، وهدفت الدراسة -من بين أهدافها- إلى تسليط الضوء على مخاطر الفبرکة الرقمية، خاصة في ظل أزمة انتشار فيروس کورونا التي تجتاح العالم.

 

وتضمنت الدراسة مفهوم الإعلام الجديد ومسمياته، ووسائل التواصل الاجتماعي، وأهم وسائل التواصل الاجتماعي، ومخاطر الفبرکة الرقمية، وکيف تعرضت وسائل التواصل الاجتماعي لجائحة کورونا، وتضمنت الدراسة أيضًا الحديث عن الشائعات والأخبار المفبرکة حول جائحة کورونا، وکيفية التصدي للشائعات والأخبار المفبرکة حول لقاحات کورونا، والدعوة إلى عودة الإعلام الرصين.

 

وتوصلت الدراسة إلى عدد من النتائج، أهمها: أن عصر المواجهة المباشرة بين الأعداء قد انتهى، وأصبحنا في عصر الحرب الإلکترونية التي تتحکم في أفعال الأفراد والجماعات والدول، وأن الإعلام الجديد دون متابعة ومحاسبة قد يغرق العالم في دوامة الفئوية والطائفية والحروب.

وخرجت الدراسة ببعض التوصيات، من بينها: ضرورة تعزيز الدور الرقابي على وسائل الإعلام الجديد على صعيد الأسرة والمؤسسات والمجتمع، والتحقق من المحتوى المنشور على وسائل التواصل الاجتماعي، للحد من مخاطره على المتلقي، وتشجيع القائمين على إدارة وسائل التواصل الاجتماعي على حجب کل ما يمکن أن يعزز العنف والکراهية والفرقة والتشرذم في المجتمعات..

 

لابد من حماية شبابنا وشعبنا بالوعي والادراك الكامل لمخاطر الإعلام الرقمي وما بعد الاعلام الرقمي من مخاطر ما يسمي بالميتافيرس والتي سوف تقضي علي وسائل التواصل الاجتماعي ومختلف برامجها الآخر لتنقل العالم الي شيء اخر لا احد يعلم مداه ولكنه ليس خيرا بالطبع , ولا بد من تدريب الإعلاميين والصحفيين وكل من يعمل بالميديا علي كيفية مواجهة حروب الاعلام الرقمي في الفترات المقبلة ولا بد من قيام الدولة بدورها في اتاحة المعلومات والحقائق وإعطاء الثقة في الاعلام التقليدي حتي نحتفظ بالجمهور دوما ولا يهرب لمنتجات الاعلام الرقمي المضلل في الغالب!