الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سقوط النهضة كشف المستور ..باحث تونسي: قضية تسفير الشباب فضحت دور الإخوان فى خراب سوريا

الغنوشي
الغنوشي

سيطرت قضية تسفير الشباب إلي بؤر التوتر على الساحة التونسية خلال الأيام الماضية على خلفية الاتهامات والتحقيقات التي تجريها السلطات القضائية مع قيادات حركة النهضة وفى مقدمتهم راشد الغنوشي بتهمة تسفير آلاف الشباب التونسيين للقتال تحت مظلة الجماعات المتطرفة في مناطق النزاع مثل سوريا والعراق وليبيا وغيرها. 


وفى وقت سابق أوقفت السلطات التونسية رجل الأعمال محمد الفريخة، صاحب شركة شركة الطيران الخاصة "سيفاكس ايرلاينز"، وعضو مجلس النواب عن حركة النهضة.


وكان قاضي التحقيق في وحدة مكافحة الإرهاب في تونس قد قرر تحديد جلسة جديدة في أواخر نوفمبر المقبل، للتحقيق مع زعيم حركة النهضة الإخوانية راشد الغنوشي، بعد خضوعه للتحقيق في قضية "تسفير المتشددين"، الأربعاء وذلك لليوم الثالث على التوالي. 


وقدرت منظمات دولية عدد التونسيين الذين سافروا للقتال في البلدين بالآلاف، ووجهت انتقادات شديدة لحركة النهضة لكونها سهلت سفرهم خلال تواجدها في الحكم.


وبحسب وسائل إعلام تونسية يطال التحقيق أكثر من 800 شخص بينهم قيادات كبيرة فى حركة النهضة.

تورط النهضة
ويري الباحث السياسي التونسي عبد الجليل معالي أن القضية متشابكة جدا وتحيلُ على قضايا أخرى معقدة من قبيل الإرهاب والاغتيالات والجهاز السري لحركة النهضة وتبييض الأموال والتهريب والتمويل الخارجي، وكلها ملفات أثرت على المشهد السياسي لتونسي والأمني طيلة سنوات مضت. 


وأوضح لـ صدى البلد أن كل هذا البطء والتراخي في التعامل مع ملفات من هذا الحجم، لا يحجب حقائق يكادُ يجمع عليها التونسيون، وهي أن أغلبَ عمليات التسفير حصلت خلال حكم الترويكا (ثلاثي الحكم المكون من حركة النهضة والمؤتمر من أجل الجمهورية والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات).


وكشفت تقارير أمنية وإعلامية كثيرة عن وجود نوع من السياسة الحكومية الممنهجة لحث الشباب التونسي إلى السفر إلى بؤر التوتر سوريا خاصة، وليبيا والعراق وغيرها من الوجهات حيث تنشط الجماعات الإرهابية، وفي تلك الفترة تم تقديم التمويلات السخية والتسهيلات اللوجستية للسفر والعبور دون أي عائق أو تعطيل. 

مراكز التطوع
وأشار إلي أن تقارير وشواهد كثيرة أكدت وجود شبكات لتجنيد الشباب التونسي للقتال في سوريا تحت ألوية جماعات إرهابية مثل داعش وجبهة النصرة وغيرها، وعاين التونسيون وقتها تحول الحدود الليبية التونسية إلى "مراكز تطوع" لقبول الشباب الذي تم التغرير به  من أجل التحول للـ"جهاد" في سوريا والعراق واليمن وليبيا.


وبحسب الباحث التونسي فإن حركة النهضة متورطة سياسيا في هذا الملف من خلال إشاعة خطاب ديني متشدد واستدعاء الدعاة المتطرفين من خارج البلاد، ومن خلال السماح بانتشار الخيمات الدعوية واستعراضات الجماعات المتطرفة حيث نظمت جماعة أنصار الشريعة مؤتمرها في مدينة القيروان عام 2012 على مرأى ومسمع من السلطة القائمة وبمشاركة العديد من قيادات حركة النهضة.

واستشهد بتصريحات قياديين نهضويين مثل الحبيب اللوز الذي قال "لو كنت شاباً لتوجهت للجهاد في سوريا"، مؤكدا أن هذه القرائن تؤكدُ أن حركة النهضة كانت تتبنى فكرة الجهاد في سوريا وفي غيرها، وإن كانت تتجنبُ إعلان ذلك في خطابها الرسمي وفي بياناتها. 

تصدير الإرهاب
ويشير معالي إلي أن كل تلك العوامل ساهمت في تحول تونس إلى أحد أكبر المصدرين للعناصر الإرهابية في البلاد العربية وفي أوروبا، وكان لتداخل عوامل التسفير تغاضي السلطة الرسمية، وشيوع الأفكار المتطرفة، نتائج متداخلة أيضا حيث تزايد الحضور التونسي في مختلف الجماعات الإرهابية، وارتفع منسوب العمليات الإرهابية داخل تونس كانت أقصى تعبيراتها في الاغتيالات وفي العمليات الإرهابية التي حصلت في قلب العاصمة وشاع مناخ متوتر من الشحن والخطاب المتطرف والتكفير. 
ويري أن تفكيك قضية التسفير، بكل ما تحيل إليه من قضايا مجاورة، يمثل منطلقا أساسيا للقطع مع تلك المرحلة التي طبعت واقع البلاد والمنطقة بأسرها،  مشيرا إلي أن ملاحقة المتورطين في صناعة الفوضى والإرهاب في المنطقة هو هدف تأمل قوى مدنية وسياسية كثيرة إلى وصوله حتى يحاسبَ كل الضالعين في هذا الملف الشائك.

محاولة طمس الجريمة
وقال إنه بعد سنوات طويلة من الصراع بين المساعي الحثيثة لفتح هذا الملف، مقابل مساع مقابلة لطمس الحقائق وإخفاء المتورطين، عاد الملف إلى صدارة الاهتمامات بعد خروج النهضة من الحكم إثر إجراءات 25 يوليو 2021، ولذلك عادت الأسئلة ملحة حول من سفر التونسيين إلى "أراضي الجهاد" ومن سهل لهم عمليات الخروج؟ ومن استقطب ومن مول ومن أخفى آثار الجريمة؟ 
ولفت إلي أنه بعد أن خرجت حركة النهضة من الحكم وفقدت آليات سيطرتها على القضاء وعلى مختلف مفاصل الدولة، تقف اليوم وحيدة أمام أسئلة حارقة يصرُّ التونسيون على طرحها، ولاشك أن التوصل إلى تفكيك كل الزوايا المعتمة في هذه القضية ستؤثر على وجود النهضة السياسي، معتبرا فى الوقت نفسه أن القول بإنهاء وجود الإخوان إلى الأبد ليس أمرا وشيكا طالما أن الجماعات الإخوانية تتقنُ سياسة "ننحني حتى تمر العاصفة"، خاصة وأن دروس التاريخ الواردة من أكثر من قطر عربي علمتنا أن الجماعات الإخوانية وقعت في مآزق أكثر حدة مما تعيشه النهضة اليوم ونجت منها لاعتبارات فكرية وتاريخية ودينية متداخلة.