الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أبعد من الكونجرس.. انتخابات التجديد النصفي تقرر مصير بايدن في البيت الأبيض.. ماذا لو خسر الديمقراطيون الأغلبية؟

تستعد الولايات المتحدة الأمريكية لانطلاق انتخابات التجديد النصفي للكونجرس، المقرر إجراؤها في الثامن من نوفمبر الجاري، وسط منافسة محتدمة بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، فبينما يسعى الديمقراطيون لتعزيز سلطتهم بالحفاظ على أغلبية مجلسي النواب والشيوخ، يحاول الجمهوريون استعادة الأغلبية في كلتا الغرفتين أو على الأقل إحداهما، في خطوة قد تلقي بظلالها على الانتخابات الرئاسية في 2024.

بايدن بانتظار نتائج التجديد النصفي

ونقلت صحيفة "يو إس إيه توداي" الأمريكية عن بعض المحللين السياسيين والمراقبين أن تأثير انتخابات التجديد النصفي لا يقتصر على إعادة تشكيل ملامح العامين الباقيين من الفترة الرئاسية الأولى للرئيس الأمريكي جو بايدن، لكنه قد يتعدى ذلك لتحديد إمكانية بقائه في البيت الأبيض لفترة ثانية من عدمه.

وفي الوقت الذي يواجه فيه الحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه بايدن احتمالية خسارة الهيمنة على الكونجرس، تتضاعف تحديات بايدن ذي الـ 79 عاما في صراعه للمضي قدما في تنفيذ أجندته السياسية فيما تبقى له من وقت ولايته الأولى، بالإضافة للاحتفاظ بمنصبه لعدة سنوات مقبلة في ولاية ثانية.

وكان بايدن ومستشاروه قد أعلنوا الأربعاء الماضي رغبته في الترشح لفترة رئاسية ثانية وأنهم بالفعل يعملون على التحضير لذلك، كما يرجح مسئولو البيت الأبيض أيضًا أن يستعى بايدن للفوز بولاية رئاسية ثانية.

ولكن احتمال خسارة الديمقراطيين لانتخابات التجديد النصفي الوشيكة هو بمثابة توبيخ يوجهه الناخب الأمريكي لبايدن بسبب سياساته، ويخلق نوعا من الضغط عليه لترك موقعه لشخص آخر.

بدلاء بايدن في الحزب الديمقراطي

ويرى توماس آلان شوارتز، المؤرخ الرئاسي بجامعة فاندربيلت الأمريكية، أن الوضع الحالي ينذر بتحول كبير وأن انتخابات التجديد النصفي ستكون حاسمة، وإذا مني الديمقراطيون بهزيمة كبيرة فيها، فستتعالى الأصوات المطالبة بعدم مشاركة بايدن في السباق الرئاسي القادم، على الرغم من أن استجابته لهذه المطالبات ستثير حوله العديد من القضايا الشائكة.

ويتفق بعض الديمقراطيين مع ما تظهره نتائج استطلاعات رأي تشير إلى أن كامالا هاريس نائبة الرئيس هي المرشحة البديلة لبايدن حال امتناعه عن الترشح، متفوقة على أسماء أخرى ذكرت كثيرا، في حين لم تُبد ميشيل أوباما زوجة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما نيتها المشاركة في السباق الرئاسي، رغم أنها تحظى بشعبية كبيرة لدى بعض الناخبين.

ومن المعروف تاريخيا أن نواب الرؤساء الذين يترشحون للرئاسة غالبا ما يفوزون بها، ولكن شعبية كامالا هاريس انخفضت حسب استطلاعات الرأي التي أجريت مؤخرا من 50% إلى أقل من 40%، فقلة ظهورها خلال السباق الانتخابي عام 2020، وكذلك أداؤها الهزيل كنائب للرئيس يثيران شكوكا حول قدرتها على هزيمة خصم جمهوري.

وكان ثلاثة من حكام الولايات المعروفة تاريخيا بولاءها للديمقراطيين، وهم جيفين نيوسوم حاكم كاليفورنيا وجي بي بريتزكر حاكم إلينوي وفيل مورفي حاكم نيو جيرسي، قد تواصلوا مع متبرعين محتملين وموظفين لحملاتهم الانتخابية في حالة انسحاب بايدن من السباق الرئاسي القادم، حسبما ذكر مصدران مطلعان على هذه الاتصالات، واللذان أوضحا أن أيًا من الحكام الثلاثة لن يترشح أمام بايدن في الانتخابات التمهيدية وقد يدعمون هاريس حال ترشحها.

وقال مسئول ديمقراطي بارز إن نيوسوم أعلن أنه لن يترشح ضد بايدن أو هاريس، لكن نفس المسئول رجح أن يعدل نيوسوم عن قراره عدم الترشح ضد هاريس تحديدا، كما نفت حملة بريتزكر تواصله مع متبرعين او موظفين محتملين لحملته الانتخابية، وامتنع مكتبا نيوسوم ومورفي عن التعليق على الأمر.

وأفاد تقرير أصدرته منظمة "أوبن سيكريتس" غير الهادفة للربح في سبتمبر الماضي، أن عشرين سياسيا يرجح ترشحهم في انتخابات الرئاسة عام 2024 قد تلقوا دعما ماليا يزيد مجموعه عن 591 مليون دولار منذ يناير 2021، من خلال عمليات موائمة سياسية قاموا بها، ومن ضمنهم نيوسوم وبريتزكر وعضوي مجلس الشيوخ إيمي كلوبوشار وبيرني ساندرز، بالإضافة إلى بيت بوتيدجدج وزير النقل.

كما ذكر موقع "أوبن سيكرتس" المتخصص في أبحاث تمويل الحملات، أن تكاليف انتخابات 2020 الرئاسية تجاوزت 5.7 مليار دولار، وهو ما يزيد عن ضعف تكلفة أي من آخر ثلاثة انتخابات رئاسية، بفضل صغار المتبرعين، ويتوقع خبراء اقتصاديون أن ترهق أي انتخابات ديمقراطية تمهيدية عام 2024 ميزانية الحزب الديمقراطي، حيث سيتعين عليه إنفاق المزيد من الأموال مرة أخرى.

الحزب الديمقراطي يرتب صفوفه استعدادا للانتخابات الرئاسية

وتجري اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي أكبر تغيير في أجندتها للانتخابات التمهيدية منذ عقود، وهو ما سينعكس على هوية المرشح الذي سيدفع به الحزب في انتخابات 2024، وقد فتحت ولايتي آيوا ونيوهامبشاير باب الترشح للانتخابات الرئاسية منذ فترة طويلة، لكن غلبة سكانهما من العرق الأبيض بنسبة 90% و93% بالترتيب، لا تعكس حجم الناخبين الموالين للحزب الديمقراطي المقدرة نسبتهم بـ 40% من غير البيض، وفقا لما ورد في تقرير لمركز بيو للأبحاث.

ومن المحتمل أن تستضيف ولايات مثل ساوث كارولينا ونيفادا وميشيجان الانتخابات التمهيدية الديمقراطية بدلا من ولايتي آيوا ونيوهامبشاير، وليس من المرجح أن تؤثر هذه التغيرات كثيرًا على إمكانية فوز بايدن بترشيح الحزب الديمقراطي له في الانتخابات الرئاسية، إذ فاز بايدن بترشيح الحزب الديمقراطي في انتخابات عام 2020 بفضل أصوات ولاية ساوث كارولينا.

لكن احتمالية انسحاب بايدن من السباق الرئاسي ستربك حسابات المرشحين الذين سيواجهون مخاوف تحول الناخبين من ذوي الأصول الإفريقية واللاتينية عن ولاءهم التاريخي للديمقراطيين، وهو ما قد يغير مجرى السباق الانتخابي.

ويرى كارين فايني، المستشار السياسي الديمقراطي، أنه ستكون هناك عدة عوامل ستؤثر على الانتخابات التمهيدية ومنها العامل الجغرافي، مما سيدفع المرشحين للتعامل مع طيف واسع من القضايا، وهو ما سيؤدي لظهور المرشحين الأفضل، وتعتزم لجنة اللوائح والقوانين التابعة للجنة الوطنية للحزب الديمقراطي الاجتماع في ديسمبر المقبل، ومن المرجح أن تصل إلى قرار نهائي في وقت مبكر من يناير القادم.

وفي حال عدم ترشح بايدن في الانتخابات الرئاسية القادمة، فلن يكون أول رئيس يفعل ذلك، حيث سبق وأن رفض الديمقراطيون إعادة ترشح الرئيس الأمريكي الأسبق ليندون جونسون بسبب معارضتهم لحرب فيتنام التي شكل قراره إعلانها في مارس عام 1968(وهو نفس عام الانتخابات الرئاسية) صدمة كبيرة في البلاد، كما تولى عدد من الرؤساء الجمهوريين خلال عقد الستينيات من القرن التاسع عشر منصب الرئاسة لفترة رئاسية واحدة.