الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ضرورة التيسير في الزواج

أحمد نجم
أحمد نجم

الارتباط الوثيق بين الرجل والمرأة في إطار الزواج الشرعي الذي تقره الأديان يهدف في المقام الأول لاستمرارية الحياة عن طريق التناسل بإنجاب الذرية وإشباع الغرائز والسكن والارتياح الروحاني بطرق شرعية، فهو ليس بالعلاقة المؤقتة التي تتغير بتغير المزاج الشخصي بل هو ميثاق مقدس بين إثنين مختلفي الجنس  ذكر وأنثي.

 

ولا يصح أن يكون بغير ذلك فلا زواج بين ذكرين أو أنثتين مثلما يطالب البعض في المجتمعات الغربية وقاموا برفع دعوى إثبات زواج المثليين وهو الأمر الذي رفضته محكمة حقوق الإنسان.

 

الزواج الفطري قائم على العلاقة بين جنسين مختلفين النوع وهو قائم على غريزة الميل نحو الآخر، وهو ما أمر به الشرع  بالزواج لتطبيق أمر الله تعالى  في الزواج والترغيب فيه، وأتفق جميع الفقهاء على أنّ الزواج من العبادات لأن فيه حفظ للنفس وإعمار للأرض.

 

وهو عامل مهم في الاستقرار النفسي عندما تتولّد مشاعر رقيقة يتبادلها الطرفان فيكمل كلاهما الآخر في شراكة مقدسة، فالنفس البشرية تحتاج إلى ونيس تستقر وتهدأ وترتاح إليه . وهو ما يعود علي  المجتمع بروابط لها تأثير إيجابي في بنائه فهو يعمل علي بناء و تكوين مجتمعات جديدة عن طريق  الإنجاب و التنقل إلي أماكن مختلفة ولا يمكن إقامة مجتمع بلا أسرة و العكس.

 

وقيام الحضارات و المجتمعات  كان أساسه تلك العلاقة المقدسة في الزواج التي ينشأ من خلالها أبناء يفنون حياتهم في العمل وخدمة أوطانهم ويكونوا  الأساس في استمرارية الحياة  وأيضا منع تفشي الرذيلة . لأن الزواج يقي الفرد الانصياع لشيطان الرذيلة.

وتلك العلاقة المقدسة مهددة في أساس تكوينها وإنصراف بعض الشباب عنها بسبب المغالاة في المهور وتكاليف الزواج مما يؤدي لانتشار العنوسة وتأخر سن الزواج لدي الشباب و بالتالي تتفرع كثير من المشاكل و الأزمات في المجتمع .

 

فالشباب المقبل علي الزواج لديه هاجس إسمه تكاليف الزواج الباهظة .و مع إرتفاع الأسعار تدور  في ذهنه كثير من التساؤلات . من أين توفير ثمن الشقة و تجهيزها وتوفير المعيشة اللائقة لزوجة المستقبل.

 

ومع المغالاة من جانب أهل العروس في تجهيز إبنتهم يتراجع كثير من الشباب عن الإقتراب من فكرة الزواج في وجود عائلات كثيرة تبالغ في تكاليف الزواج للعروس للتباهي بين الأصدقاء والأقارب بأن إبنتهم تم تجهيزها بأدوات كهربائية مضاعفة في العدد وكذلك في تكوين باقي أثاث الشقة بجهاز  مضاعف في كل شئ . و هنا ينطق الجهل بالطمع في الطرف الآخر .

 

وهناك بعض من  العائلات الغنيّة الذين يتباهون في إقامة الأفراح بما يوازي جهاز أكثر من عروس معا .عن هؤلاء لا نتحدث ولا نطالبهم بالتيسير في الزواج لأن لهم حياة تختلف عن حياة الكثيرين من الطبقات التي ننشدها . فمثلا صديقي رجل الأعمال الذي أقام حفل زفاف لإبنته في أحد الفنادق الفاخرة  ودفع مقابل تلك الليلة مبلغ كبير جدااا وقام بحجز بعضأ من غرف الفندق لنا كأصدقاء مقربين له .
مثل هذه النوعيات لا نطالبها بالتيسير في الزواج لأنها تخالط مثيلها ولن تستمع إلينا ولا داع لأن نخاطبهم فلن نكون لهم يوما ناصحين  .

 

ولكن مطلوب من العائلات و الأسر التي عليها تقوم البنية الأساسية للمجتمع بعدم  المغالاة في تكاليف الزواج لوقاية الأبناء من الوقوع فريسة الحرمان . وأيضا للقضاء على العنوسة التي بدأت تبدو جليا في بعض البيئات وخاصة في القري التي تتباري عائلاتها في إعداد شقة الزوجية بكثير من الأدوات المتعددة  والمكررة . فلا داع للتّبذير  في تجهيز عش الزوجية و الإكتفاء بمقومات بناء البيت وعدم تقليد الآخرين سواء من بنات الجيران أو العائلات الأخرى . 
و النظر للزواج على أنه علاقة مقدسة تحكمها تقاليد وأعراف لإستمرار الحياة دون النظر  لجعلها عملية بيع وشراء لمن يدفع أكثر .

 

إذا  لابد من قيام المؤسسات التربوية والتوعوية بإرتداء ثوب الحكمة في التوعية بأهمية التيسير في تكاليف الزواج و التقليل من المغالاة و التباهي في المهور . هناك دور رئيسي لوسائل الإعلام المختلفة في التوعية الهادفة وهناك دور لجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني في التواصل  مع العائلات الكبري في البيئات المختلفة ليكونوا نواه وعبرة ومثل يحتذي به الآخرين .

 

هناك أمور كثير يجب الإهتمام بها في مفردات شخصية العروسين . مثل الأسرة و التربية والأخلاق والعلاقات الخارجية وطبعا طبيعة العمل . فلا داع إلي  المغالاة في توفير الشبكة الباهظة في ظل الارتفاع الجنوني لأسعار الذهب و تجهيز الشقة . كل هذا  قد يؤدي إلي عزوف كثير من الشباب عن التفكير في الزواج و بالتالي انتشار العنوسة وهو ما يؤدي لتفشي جرائم أخلاقية هي أخطر علينا من الفيروسات المرضية لأنها تهدم قيم وتقاليد يقوم عليها المجتمع من جراء  الوقوع في براثن الرذيلة وهو ما لا نتمناه ..

 

ليت كل العائلات والأسر الكبيرة في القرى والمدن تقوم بوضع دستور للتيسير في الزواج بحيث يقتصر علي الأشياء الضرورية لبناء عش الزوجية علي أن يتكاتف الزوجين لبناء أسرة سعيدة و تكوين حياتهما خطوة خطوة . ولا داع لإقامة حفلات الخطوبة والزفاف في قاعات باهظة الثمن وإحضار فقرات فنية ومطربين يتقاضون مايعجز عن توفيره العريس وبسبب ذلك يتزوج الشاب مديونا .. يسروا  ولا تعسروا ولا تغالوا  في تكاليف الزواج ..