الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

قيام الليل.. أفضل أوقاته وهل تثاب عليه المرأة؟ علي جمعة يجيب

صلاة الليل
صلاة الليل

هل تثاب المرأة علي قيام الليل؟، سؤال أجاب عنه الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر في بيانه حديث معاذ بن جبل الجامع للخير. 

فضل قيام الليل 

وقال «جمعة» في بيان قول النبي صلى الله عليه وسلم : «وصلاة الرجل من جوف الليل، قال ثم قرأ : ﴿تتجافى جنوبهم عن المضاجع.... حتى بلغ يعملون» أي أن من أبواب الخير كذلك، صلاة الرجل أو المرأة طبعا في جوف الليل، أي في الوقت الفاضل من الليل ثم ذكر النبي صلى الله عليه وسلم السائل بتلك الآية التي تصف الصالحين الذين يحافظون على قيام الليل حيث قرأ قوله تعالى : ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ المَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [السجدة :16 ، 17].

وبين أن المضاجع جمع مضجع، وهي مصدر ميم يأتي للدلالة على المكان أو الزمان، فتعني مواضع النوم، أو أوقات النوم. والمعنى أن هؤلاء المؤمنين الأخيار من صفتهم أن تتنحى جنوبهم وتبتعد عن مواضع نومهم، وفي ذلك دلالة على ترك النوم لذكر الله، وهو ما يحدث في صلاة الليل.

وأشار علي جمعة إلى أن الله تعالى قد هيأ نبيه صلى الله عليه وسلم بقيام الليل لتحمل الوحي وأعباء الرسالة، فقال تعالى : ﴿يَا أَيُّهَا المُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلًا * نِّصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ القُرْآنَ تَرْتِيلًا  * إِنَّا سَنُلْقِى عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا﴾ [ المزمل :1 : 5].

كما وعد ربنا نبيه صلى الله عليه وسلم بالمقام المحمود بقيام الليل الذي افترضه عليه سبحانه وتعالى، فقال : ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مُّحْمُودًا﴾ [الإسراء :79]

وقد ذكر الله صفات المؤمنين ومنها أنهم كانوا يبيتون لربهم في صلاة وذكر، فقال تعالى: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا * وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا﴾ [الفرقان :63 : 64].

دأب الصالحين

وأكمل: ربنا في كتابه يذكر أن قيام الليل كان من أسباب دخول المؤمنين الجنة، فقال تعالى : ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ [الذاريات :17 : 18].

وجعل الله سبحانه وتعالى قيام الليل من أسباب العلم به بالله والعلم بالحقائق، وقال تعالى : ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِى الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ﴾ [الزمر :9].

وأردف: النبي صلى الله عليه وسلم يقول : «أفضل الصلاة بعد المكتوبة قيام الليل» [رواه مسلم]. ووعد النبي صلى الله عليه وسلم قيام الليل من أسباب دخول الجنة فقال صلى الله عليه وسلم : «يا أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام» [رواه الحاكم في مستدركه، وابن ماجه في سننه، والدرامي في سننه].

وقال صلى الله عليه وسلم : «عليكم بقيام الليل؛ فإنه دأب الصالحين قبلكم، وإن قيام الليل قربة إلى الله، ومنهاة عن الإثم، وتكفير للسيئات، ومطردة للداء عن الجسد» [رواه أحمد والترمذي].

وأوضح أن الليل هو الوقت الممتد من غروب الشمس حتى الفجر، وصلاة الليل هي الصلاة من بعد صلاة العشاء حتى الفجر سواء سبق هذه الصلاة نوم أو لم يسبقها نوم، وسواء كثر هذا الوقت أو قل، فلا يشترط أن يكون مستغرقا لأكثر الليل.

وجاء في مراقي الفلاح : معنى القيام أن يكون مشتغلا معظم الليل بطاعة، وقيل ساعة منه يقرأ القرآن أو يسمع الحديث أو يسبح أو يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم.

أما التهجد فهو قيام ليل ولكن لابد أن يسبقه نوم، ويؤيد ذلك ما روي عن الحجاج بن عمرو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يحسب أحدكم إذا قام الليل يصلي حتى يصبح أنه قد تهجد، إنما التهجد : المرء يصلي بعد رقدة» [رواه الطبراني في الأوسط والكبير].

الوقت الفاضل في قيام الليل

وشدد عضو كبار العلماء أنه يختلف الوقت الفاضل في قيام الليل بحسب اختلاف تقسيم الليل، فمن قسم الليل إلى ستة أقسام، فإن أفضل وقت للقيام هو السدس الرابع والخامس، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم : «أحب الصلاة إلى الله صلاة داود عليه السلام، وأحب الصيام إلى الله صيام داود،  وكان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه، ويصوم يوما ويفطر يوما» [رواه البخاري ومسلم].

ومن قسمه إلى ثلاثة أثلاث فإن الثلث الأوسط هو الأفضل، وقيل الثلث الأخير لحديث النبي صلى الله عليه وسلم : «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، يقول : من يدعوني فأستجيب له ؟ من يسألني فأعطيه ؟ من يستغفرني فأغفر له؟» [رواه البخاري ومسلم].

ومن قسم الليل إلى نصفين فالنصف الأخير هو الأفضل، إلا أن هذا الكلام لا ينبغي أن يجعل من يريد البدء بالمحافظة على قيام الليل أن يتحرى الأفضل وهو غير قادر عليه، فإن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل.

فلا ينبغي للمسلم أن يشق على نفسه من العمل بما لا يطيقه، فيبدأ بالمحافظة بركعتين بعد صلاة العشاء بنية قيام الليل حتى يعتادها، ثم يمكن أن يجعل هاتين الركعتين قبل صلاة الفجر، ثم يبدأ يزيد في عدد الركعات وهكذا حتى يعتاد على الوقت الفاضل، وعدد الركعات الأفضل.

عدد ركعات قيام الليل

وفي عدد ركعات قيام الليل ذهب الفقهاء إلى أنه يستحب أن يستفتح صلاة الليل بركعتين خفيفتين، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم : «إذا قام أحدكم من الليل فليفتتح صلاته بركعتين خفيفتين» [رواه مسلم] واختلفوا في أقصى عدد في ركعات قيام الليل، فذهب الحنفية إلى أن منتهى ركعاته ثماني ركعات، وعند المالكية عشر أو اثنا عشرة ركعة.

وذهب الشافعية أنه لا حصر لعدد ركعاته، واستدلوا بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم : «الصلاة خير موضوع فمن استطاع أن يستكثر فليستكثر» [رواه ابن حبان في صحيحه، والحاكم في المستدرك]. وما ذهب الشافعية إليه هو ما نراه لعدم ورود النهي عن الزيادة عن الركعات الواردة، وعلى النقيض ورد الإذن بالزيادة في موضوع الصلاة.