الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

طارق الطاهر: نجيب محفوظ شخصية استثنائية في تاريخ الثقافة العربية وسيرته منقوصة |حوار

طارق الطاهر
طارق الطاهر

صدر مؤخرًا كتاب «معارك نجيب محفوظ المجهولة»، للكاتب الصحفى طارق الطاهر عن دار بتانة للنشر، إذ يكشف الكتاب تفاصيل جديدة فى سيرة وحياة نجيب محفوظ، وكذلك الأحداث التي ارتبطت به بعد رحيله، التقينا بالمؤلف، في محاولة منا للاقتراب أكثر من مشروعه الأدبي عن نجيب محفوظ فكان هذا الحوار.

 

في البداية.. كتابك الجديد بعنوان «معارك نجيب محفوظ المجهولة» ماذا تقصد بهذه المعارك تحديدًا؟

 

أركز فى هذا الكتاب على أربعة معارك خاضهم نجيب محفوظ، أو دارت حوله، وهذه المعارك كشفتها بوثائق تنشر للمرة الأولى، ومن ذلك ما أطلقت عليه معركة القضية رقم 8754، والخاصة بتظلمه من سحب وزارة الأوقاف للدرجة الرابعة التى حصل عليها، وإعطائها لزميل آخر- لا يستحقها- فما كان منه سوى اللجوء إلى قضاء مجلس الدولة، للحصول على حقه، وقد نشرت فى هذا الكتاب تفاصيل هذه القضية، وما ارتبط بها من أوراق ومستندات وتأشيرات، وما فعله محفوظ أثناء نظر القضية؛ إذ نشر خلالها روايته "بين القصرين" مسلسلة فى الفترة من بداية إبريل 1954 وحتى إبريل 1956 فى مجلة "الرسالة الجديدة"، ثم نشرها فى العام نفسه فى كتاب صدر عن مكتبة مصر، التى أصدرت – أيضا – "قصر الشوق" و"السكرية"، كما كتب فى هذا التوقيت العديد من سيناريوهات الأفلام، وتوج بجائزة الدولة فى الآداب عن روايته "بين القصرين"، وننشر وثيقة هذا التتويج الموقعة من وزير التربية والتعليم، الذى وصف الرواية بأنها تتميز "بالدقة التصويرية عن البيئة المصرية" وفى موضع آخر يتمنى التوفيق لمحفوظ فى "ميدان يعتبر من أكثر ميادين الجهاد وأبعدها أثر فى نهضة الوطن"،وعلى المستوى الشخصى تزوج محفوظ بعد شهور قليلة من رفعه القضية، وخلال نظرها أنجب ابنته أم كلثوم "1957"، وبعد أن كسب القضية بشهور أنجب ابنته فاطمة "1959".

 

هناك الكثير من المؤلفات والدراسات التي كتبت عن نجيب محفوظ.. لكن ما الذي دفعك للكتابة عنه؟

 

هذا كتابى الثالث عن صاحب نوبل، بعد كتابين، الأول "نجيب محفوظ بختم النسر..سيرة وظيفية تروى كاملة للمرة الأولى"، والثانى "بخط اليد وعلم الوصول..تاريخ جديد للسيرة المحفوظية"، وفيهما قدمت سيرة وثائقية عن صاحب "الثلاثية"، فى الكتاب الأول تعرضت لمسيرته الوظيفية من خلال مستندات رسمية، منذ أن التحق بالعمل فى العام 1934 بوظيفة كاتب فى إدارة الجامعة المصرية، بعد حصوله على ليسانس الفلسفة من كلية الآداب، ثم انتقاله للعمل بوزارة الأوقاف، وذلك عندما تم تعيين أستاذه الشيخ مصطفى عبد الرازق وزيرا للأوقاف العام 1939، وقد عمل نجيب محفوظ فى هذه الوزارة لما يقارب من 17 عاما، ثم انتقاله لوزارة الأرشاد القومى "وزارة الثقافة"، وعمله بأكثر من وظيفة منها مديرا لإدارة الرقابة على المصنفات الفنية عام 1959 فى عهد الوزير د.ثروت عكاشة، وكذلك رئاسته لمجلس إدارة مؤسسة السينما بقرار من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وفى الكتاب الثانى قدمت دراسة عن مكتبته، وأهم المؤلفات التى احتفظ بها طيله حياته، ومن خلال الإهداءات التى زينت هذه المؤلفات، رويت سيرته مع شخصيات أدبية وثقافية ودبلوماسية وغيرها.

وفى إطار محاولاتى-أيضا- للتأريخ لسيرة نجيب محفوظ، قدمت ملفا عن فترة عمله الرقابى، وقد نشر فى جريدة "أخبار الأدب" وحصلت بمقتضاه على جائزة دبى للصحافة العربية.

 

هل ترى أن سيرة نجيب محفوظ –حتى الآن- تحتاج إلى كشف؟

 

لا أخفى عليك سرا أننى تساءلت فى مقدمة كتابى الأخير "معارك نجيب محفوظ المجهولة" ذات سؤالك، إذ قلت فى المقدمة: "لا أعرف لماذا سألت نفسى، بعد أن انتهيت من فصول هذا الكتاب، هل نجيب محفوظ يحتاج إلى كتابات جديدة عنه؟، وتفرع من ذلك سؤال آخر.. هل نحتاج إلى نوعية مثل هذه الكتب التى تحاول أن تتبع وثائق ومستندات متعلقة بمسيرته الحياتية؟

تأملت هذين السؤالين، وما وراءهما من معان، وتذكرت أنني ذات يوم، وأنا أتحدث عن كتابى "نجيب محفوظ بختم النسر" الصادر فى العام 2019، أننى ذكرت نصًا أن "سيرة محفوظ منقوصة"، قلتها بجرأة وإحساس نابع، بأننى شخصيًا لدىّ من المستندات والأوراق، لاسيما المتعلقة بمساره الوظيفى، ما لم يُنشر – حتى الآن - وأن أى ورقة أستطيع – أنا أو غيرى – الوصول إليها، ربما تمكنا من تقديم قراءة متأنية لهذه السيرة المتفردة".

فمن وجهة نظرى أنه لازال هناك الكثير عن سيرة ومسيرة نجيب محفوظ، تحتاج إلى جهد من الباحثين والنقاد، للكشف عن المزيد من أسرار الإبداع لدى شخصية استثنائية فى تاريخ الثقافة العربية والإنسانية.

 

لفت نظرى أثناء قراءاتى للكتاب، أنك خصصت فصلا سميته "معارك ما بعد الرحيل" ماذا تقصد بذلك؟

 

بالفعل ختمت هذا الكتاب بفصل سميته "معركة الوصية"، وربما تكون التسمية الأدق "معارك ما بعد الرحيل"، التى نشبت فى اللحظات الأولى لمغادرة نجيب محفوظ لعالمنا، فقد قررت "الدولة" إقامة جنازة رسمية، فى حين أن وصيته أن يخرج من مسجد الحسين، فماذا حدث؟ وماذا وقع داخل المسجد أثناء الصلاة عليه؟ وماذا كتب المثقفون عن هذه الجنازة وأثرها فى نفوسهم؟ ومن واقع السجلات الرسمية ماذا دوِّن فى شهادة وفاة محفوظ، فى خانة "الوظيفة"؟ وما الإجراءات التى تلت صدور هذه الشهادة؟ وسنجد إجابة عن هذه التساؤلات فى هذا الفصل.

 

أخيرًا.. ما عملك القادم؟

 

مشغول الآن بدراسة طويلة، أحاول فيها رصد ملامح من مشروع مصر الثقافى فى الفترة من 1967 إلى 1973، فى مختلف المجالات، لنتوقف أمام شذرات مما حدث فى هذه الأعوام من مجهودات فردية وجماعية ومؤسسية، أدت بنا إلى العبور من "النكسة" إلى "الانتصار".