قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

في الذكرى الخامسة لرحيله..يوسف شاهين حدوتة مصرية أبهرت العالم..وصاحب "المصير" أول فيلم ضد التطرف والإرهاب الفكري


احتفلت أسرة المخرج الراحل يوسف شاهين بمرور خمس سنوات على رحيل عبقري السينما المصرية، صاحب "باب الحديد" و"الأرض" و"صلاح الدين"، وعشرات الأفلام التي ساهمت في تشكيل الوجدان العربي والإنساني.
ويوسف شاهين، أو "جو" كما كان يحب أن يلقبه تلاميذه ومحبوه، استحق من خلال أفلامه التي صنعها على مدى 58 عاما أن يكون مواطنا عالميا، لا مصريا كما تدل شهادة ميلاده وجنسيته.‏
فقد حاول أن ينقل حسه الإنساني إلى العالم من خلال أفلامه التي اعتبرها نقاد السينما بصمات في تاريخ السينما المصرية ومحطات لا يمكن تجاوزها عند التأريخ لفن السينما في العالم.‏
وربما يرجع هذا التواصل الإنساني ليوسف شاهين مع العالم إلى تعدد الروافد التي شكلته في سنوات التكوين.‏
فهو ابن لأسرة من أصل لبناني، هاجرت إلى مصر في أواخر القرن التاسع عشر. وهو أيضا ابن لمدينة استثنائية، حيث ترعرع في الإسكندرية عندما كانت من أهم موانئ البحر الأبيض المتوسط وملتقى لجاليات أجنبية من شتى أصقاع أوروبا.‏
أما تعليمه فكان مزيجا من الفرانكفونية والانجلوساكسونية. فبعد دراسته في مدارس فرنسية تلقى تعليمه الثانوي في فكتوريا كولدج، والتي كانت مدرسة النخبة الارستقراطية في منطقة الشرق الأوسط، حيث تخرج منها ملك الأردن حسين بن طلال وولي عهد العراق الأمير عبد الإله والمصرفي الأردني ذا الأصل الفلسطيني خالد شومان والأمير زيد بن شاكر ورئيس الاستخبارات السعودية الأسبق وصهر الملك فيصل كمال أدهم والمفكر الفلسطيني إدوارد سعيد وعمر الشريف، كما درست فيها ملكة أسبانيا صوفيا.‏
وفي المرحلة الثانية من تكوينه كان يوسف شاهين على موعد مع أمريكا ما بعد الحرب العالمية الثانية، حيث تلقى تعليمه الجامعي في معهد باسدينا للفنون في كاليفورنيا، وهو المعهد الذي تخرج منه الممثلان الأمريكيان الكبيران داستان هوفمان وجين هاكمان.‏
هذه الروافد المتنوعة هي التي أفرزت فكر يوسف شاهين الذي شاهدناه متجسدا في أفلامه مثل فيلم اليوم السادس (1986)، الذي حاكى في بعض مشاهده سينما هوليوود الموسيقية خلال خمسينيات القرن الماضي.‏
هذه الروافد أيضا هي التي أفرزت أفلام السيرة الذاتية ليوسف شاهين والتي يمكن أن نلحظ فيها بوضوح تأثرا باتجاهات سينمائية مختلفة، أبرزها تلك القادمة من فرنسا وهوليوود الخمسينات والستينات. فيلمه حدوتة مصرية الذي خرج إلى النور عام 1982 مثال واضح على ذلك.‏
ولم تتوقف تأثير الراوفد المتنوعة ليوسف شاهين عند حدود تكنيكه السينمائي، بل امتدت لتشمل موضوعات أفلامه. ففي مرحلة مبكرة من رحلته السينمائية أخرج فيلم جميلة عام 1958 عن المناضلة الجزائرية جميلة بوحريد والتي تعامل معها كرمز لثورة الجزائر.‏
ثم وتأثرا بفكر القومية العربية ومفاهيم الصراع مع الغرب والتحرر من الاستعمار التي كانت سائدة خلال خمسينيات وستينيات القرن الماضي في مصر والمنطقة العربية أخرج يوسف شاهين فيلم "الناصر صلاح الدين" عام 1963، وهو الفيلم الذي اعتبر نقلة في مسيرة السينما التاريخية في العالم العربي.‏
وفي عام 1965 يذهب جو إلى لبنان ويخرج لنا بياع الخواتم مع المطربة الكبيرة فيروز، وهو هنا يعتبر من القلائل من مخرجي السينما المصرية الذين خرجوا لصنع أفلام خارج مصر.‏
لكن بالرغم من عالمية روافد فكر يوسف شاهين إلا أن اعتزازه بمصريته هو الذي ظهر في اختياراته لمواضيع أفلامه السياسية.‏
ففيلمه العصفور الذي أخرجه عام 1972، عبر عن المأزق السياسي والاجتماعي الذي أدى إلى هزيمة حرب عام 1967، وهو هنا نقل مفهوم الهزيمة من الوطن إلى النظام السياسي، بل وتنبأ بالانتصار الذي حققته القوات المصرية عندما عبرت قناة السويس عام 1973 وهنا كانت المفارقة التاريخية. فالفيلم الذي أحرقت بسببه دور العرض التي عرضته في بيروت هو أيضا الفيلم الذي كانت أغنيته الرئيسية هي الأغنية التي أذيعت خلال حرب 1973 وفي كل ذكرى لها بعد ذلك.‏
وعندما خاضت مصر حربها مع المتطرفين، وهي الحرب التي سبقت الحرب على الإرهاب بعقد كامل، كان يوسف شاهين عنصرا فاعلا في تلك الحرب عبر فيلمه المصير (1997) الذي أتى كرد فعل منه على ما حدث بسبب فيلمه المهاجر (1994) والذي تعرض فيه لقصة النبي يوسف عليه السلام في مصر.‏
وبالطبع لم يكن يوسف شاهين غائبا عن علاقة العرب مع الغرب وتحديدا الولايات المتحدة من خلال أفلامه مثل الآخر (1999) والجزء الأخير من سيرته الذاتية، اسكندرية - نيويورك (2004).‏
وحتى هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 التي وقعت في نيويورك وواشنطن، كان ليوسف شاهين رأي فيها وحولها، عبر عنه في الجزء الخاص به في فيلم اشترك فيه 11 مخرج من 11 دولة حول العالم.‏
وفي نهاية رحلته كانت بوصلة جو الفكرية قد أشارت عليه بالتوجه إلى الداخل المصري من خلال فيلمه "هي فوضى" (2007) الذي أخرجه بالاشتراك مع تلميذه خالد يوسف وتعرض فيه للفساد، وتنبأ فيه بقيام الثورة.‏