الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عمر الأحمد يكتب: لا أحد يريد الحرب

عمر الأحمد - كاتب
عمر الأحمد - كاتب وصحفي إماراتي

استشرت في الأيام الماضية، تلك الأخبار التي توحي بارتفاع وتيرة التوتر بين روسيا من جهة، والغرب بقيادة الولايات المتحدة من جهة أخرى، منها تعاظم التسليح، ومنها انتشار أسلحة نووية تكتيكية، واستهداف طائرات مسيرة. وعادت الشكوك والمخاوف من جديد حول اندلاع حرب تجر معها أطراف عدة لتتحول إلى حرب عالمية ثالثة. المخاوف لابد منها ومبررة، والمؤشرات قوية، إلا أن الرد المناسب لهذه المخاوف، أن الجميع يفعل ما بوسعه لتجنب الحرب العالمية، لأن الجميع يعلم حق اليقين التكلفة الباهظة لها، وفاتورتها الضخمة.


اشتعلت الحرب العالمية الأولى برصاصة غافريلو برينسيب والتي قتل بها ولي عهد الإمبراطورية النمساوية المجرية الأرشدوق فرانز فيردناند، ولكن بلا شك سبقتها تراكمات وهناك أسباب ماشرة وغير مباشرة، إلا أن الحرب كانت تكلفتها مقتل أكثر من 37 مليون جندي، (بحسب وزارة الدفاع الامريكية)، وما نتج عن ذلك من الانخفاض الكبير والمفاجئ في نسبة الذكور مقارنة بالإناث، وتباعا لذلك، تأثرت المصانع من ندرة الأيدي العاملة، علاوة على التكلفة المالية الضخمة للحرب، بالإضافة إلى انهيار 4 إمبراطوريات (الروسية، الألمانية، النمساوية المجرية، والعثمانية)، وطبعا لا ننسى "أزمة الكساد الكبير" والتي كانت إحدى تبعات الحرب.


‎أما الحرب العالمية الثانية، "فزادت في بلواها على أختها"، حيث فاق عدد قتلاها 60 مليونا، مما يجعلها أكثر الحروب دموية. وكانت من نتائجها بداية انكماش الإمبراطورية البريطانية بسبب خسائرها المادية الكبيرة، واضطرارها للاقتراض من الولايات المتحدة فيما عرف بـ “ANGLO-AMERICAN LOAN” وذلك ضمن "مشروع مارشال" الذي كان يهدف إلى انتشال أوروبا من أزمتها الاقتصادية الأخرى التي دخلت بها عقب الحرب.


ما أود قوله من خلال استعراض مآسي الحربين العالميتين الأولى والثانية، مفاده أن الحرب ليست لعبة يمكن لأي شخص أن يلعبها متى ما شعُر بالملل، خاصة إن كانت عالمية، بل أن الجميع يتحاشاها بشتى الطرق، وهذا أيضا تجسد فعليا إبان الحرب الباردة التي بدأت بعد الحرب العالمية الثانية وحتى انهيار الاتحاد السوفييتي مطلع تسعينيات القرن الماضي، بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، كما أن أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962 أيضا خير مثال على سياسة ضبط النفس التي اتبعتها أطراف الأزمة، وهناك شواهد أخرى كثيرة على المساعي الحثيثة لعدم تكرار ما شهده العالم سابقا.
ما يعيشه العالم حاليا ليس سهلا؛ حرب روسية-أوكرانية، سببت أزمة اقتصادية أخرى بعد نظيرتها التي تسبب بها فايروس كورونا (كوفيد 19)، وتسليح مستمر لأوكرانيا من قبل الغرب، حتى نفاذ مخزونات بعض الدول، والتهديد المستمر باستخدام السلاح النووي، وتصريحات وتحركات من أطراف غربية وأخرى شرقية، نعم الوضع صعب، ولكن الجميع يعلم بأن الحرب العالمية مستبعدة، والمساعي لنزع الفتائل وإخماد الحرائق لا تتوقف، لذا اطمئنوا.