الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حكم العقيقة عن المولود الذي مات قبل السابع.. دار الإفتاء تجيب

العقيقة
العقيقة

ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (رجلٌ رزقه الله تعالى بمولود، ثم قدَّر الله أن مات هذا المولود بعد ولادته بيومين؛ فهل على أبيه أن يعق عنه؟

وأجابت دار الإفتاء، أنه ليس على الأب المذكور عقيقة عن هذا الولد ما دام قد مات قبل بلوغه سبعة أيام من ولادته ولو كان قد وُلِد حيًّا، لكن إذا عق عنه فله ثواب العقيقة، وتكون سببًا لشفاعة الولد في أبويه يوم القيامة.

وأشارت إلى أن العقيقة سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ فَعَلها وأَمَر بها ورَغَّب فيها؛ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «مَعَ الغُلاَمِ عَقِيقَةٌ، فَأَهْرِيقُوا عَنْهُ دَمًا، وَأَمِيطُوا عَنْهُ الأَذَى» أخرجه الإمام البخاري في "الصحيح" عن سلمان بن عامر الضبي رضي الله عنه.

وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه: "أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَقَّ عَنِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ" أخرجه الإمام أحمد في "المسند".

وقد نص جماهير الفقهاء على سنيتها، وممَّن كان يرى ذلك عن الذكر والأنثى: السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأم المؤمنين عائشة، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وبريدة الأسلمي رضي الله عنهم أجمعين، والقاسم بن محمد، وعروة بن الزبير، وعطاء، والزهري، وأبو الزناد. وبه قال الأئمة: مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وجماعةٌ من أهل العلم يَكثُر عددهم، وعلى ذلك جرى العمل في عامة بلدان المسلمين متبعين في ذلك ما سَنَّهُ لهم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم؛ كما في "الإشراف" للإمام ابن المنذر (3/ 417-418، ط. مكتبة مكة الثقافية)، وينظر: "الكافي" للإمام ابن عبد البر المالكي (1/ 425، ط. مكتبة الرياض الحديثة)، و"المجموع" للإمام النووي الشافعي (8/ 426، ط. دار الفكر)، و"المغني" للإمام ابن قدامة الحنبلي (9/ 459، ط. مكتبة القاهرة).

وذهب الحنفية إلى أنها ليست بسنة وإنما هي مباحة أو تطوع، بينما ذكر الإمام القدوري من الحنفية أنها مستحبة؛ قال الإمام القدوري في "التجريد" (12/ 6356، ط. دار السلام): [قال أصحابنا: العقيقة مُسْتَحَبَّةٌ وليست بِسُنَّةٍ] اهـ.


والأصل فيها أن تُعمل يوم السابع من ولادة المولود؛ لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «إِذَا كَانَ يَوْمُ سَابِعِهِ، فَأَهْرِيقُوا عَنْهُ دَمًا، وَأَمِيطُوا عَنْهُ الْأَذَى، وَسَمُّوهُ» أخرجه الإمام الطبراني في "المعجم الأوسط".

وقد أخذ المالكية بظاهر الرواية؛ فقصروا ذبح العقيقة في اليوم السابع من ولادة المولود؛ لا قبل ذلك، ولا بعده.

بينما ذهب الشافعية والحنابلة إلى استحباب الذبح يوم السابع، فإن أراد الأب ذبحها قبل ذلك؛ جاز له الذبح، ولو بمجرد انفصال الولد عن أمه؛ لأن سبب العقيقة قد حصل بالولادة.

ويتفرَّع على اختلاف الفقهاء في وقت ذبح العقيقة بحسب التفصيل السابق بيانُه: ما إذا مات المولود بعد ولادته وقبل أن يُدرِك اليوم السابع من ولادته؛ فهل يُعق عنه أو لا؟

فذهب المالكية إلى أنه لا يُستحب أن يعقّ عنه؛ لأن بداية وقت العقيقة عندهم كما تقرّر هو يوم السابع لا قبله، وعليه: فلو مات المولود قبل يوم السابع فلا يُعق عنه؛ لعدم تحقق سبب العقيقة، وهو الولادة وحياة المولود ليوم السابع، فلَمَّا انتفت الحياة بموت المولود قبل السابع انتفت العقيقة، وهو أيضًا مقتضى مذهب الحنفية؛ إذ قرنوا العقيقة عن المولود بمناسبة الحلق له يوم أسبوعه، ووجه ذلك: أن العقيقة في أصلها هي الشعر الذي يكون على رأس الصبي حين يولد، وإنما سميت الشاة التي تذبح عنه في تلك الحال عقيقةً؛ لأنه يحلق عنه ذلك الشعر عند الذبح؛ فإن العرب ربما سَمَّوُا الشيءَ بِاسمِ غيره إذا كان معه أو مِن سببه، فسُمِّيَت الشاةُ عقيقةً لعقيقة الشعر. ينظر: "تهذيب اللغة" للعلامة أبي منصور الأزهري [ت: 370هـ] (1/ 47، ط. دار إحياء التراث).

وذهب الشافعية في المعتمد كما جزم به الإمام النووي واختاره أكثر محققي المذهب، والحنابلة، إلى استحباب العقيقة عن المولود الذي مات قبل السابع من ولادته.


والقول باستحباب العقِّ عن المولود وإن مات بعد ولادته: فيه من الخير العميم والفضل العظيم الذي يعود على أبوي الطفل؛ فقد ورد في السنة المشرفة عن سمرة بن جندب رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «كُلُّ غُلَامٍ مُرْتَهَنٌ بِعَقِيقَتِهِ» أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه واللفظ له في "السنن".

وبناءً على ذلك: فالعقيقة عن الولد إنما تُشرع يوم السابع مِن ولادته إذا بقي حيًّا، أما إذا مات المولود قبل ذلك فلا يُعَقُّ عنه؛ كما هو مذهب المالكية ومقتضى مذهب الحنفية، ومع ذلك: إذا عُقَّ عنه؛ فإنه يحصل بذلك ثواب العقيقة؛ كما هو مذهب الشافعية والحنابلة.

وفي واقعة السؤال: فليس على الأب المذكور عقيقة عن هذا الولد ما دام قد مات قبل بلوغه سبعة أيام من ولادته ولو كان قد وُلِد حيًّا، لكن إذا عق عنه فله ثواب العقيقة، وتكون سببًا لشفاعة الولد في أبويه يوم القيامة؛ كما سبق بيانه.