"أن تكون في علاقة مع سيدة في 2018، ثم علاقة أخرى مع سيدة أخرى في 2020، وبعد مرور سنوات تجد نفسك مطالب بالتحقيق في قضايا اغتصاب ببلاغات تم تقديمها في 2022، وأنت تعمل بمنصب سياسي، فبالتأكيد تلك الأحداث تتطلب تحقيقا كبيرا للخروج من فضيحة تحاك بحقك ساوء كنت قمت بها، أم لا" .. هكذا لسان حال الوضع الذي يعيشه السفير اللبناني بفرنسا، وهو يخضع الآن لتحركات دبلوماسية تمهيدا للتحقيق معه رسميا داخل فرنسا فيما جاء بنص بلاغات السيدتين بحقه.
وما يزيد من الغموض حول القضية، ويزيد من إثارتها، أن السفير اعترف بعلاقاته مع تلك السيدتين على لسان المفوض الخاص به، وهو ما دفع السلطات الفرنسية بالسعى لرفع الحصانة الدبلوماسية عنه بالتواصل المباشر مع دولة لبنان، والتي بدورها بدأت تتحرك في الأحداث، واشتعلت الأجواء حول تلك القضية خلال الـ48 ساعة الماضية، وأصبح الجميع يبحث عن حقيقة تلك الفضحية المدوية بالسلك الدبلوماسي اللبناني، وهنا نرصد القصة الكاملة لتلك القضية وتفاصيلها.
الاعتداء وممارسات عنيفة متعمدة .. تلك هى الاتهامات
وفقا لما نشرته الصحف الفرنسية، فإن سفير لبنان لدى باريس رامي عدوان، قد فُتح بحقه تحقيقا في فرنسا بشبهة الاغتصاب وممارسات عنيفة متعمّدة، وذلك بعد شكوتين تقدّمت بهما موظّفتان سابقتان في السفارة، وفق ما أفادت، مصادر قريبة من التحقيق، وهو ما استدعى طلب فرنسا رفع الحصانة الدبلوماسية عنه.
وقد أشارت وزارة الخارجية الفرنسية في تعليق لوكالة فرانس برس إلى أنه "إزاء خطورة الوقائع المذكورة، نعتبر أن من الضروري أن ترفع السلطات اللبنانية الحصانة عن سفير لبنان لدى باريس من أجل تسهيل عمل القضاء الفرنسي".
تفاصيل الرواية الأولى لسيدة تبلغ من العمر 31 عاما
المشتكية الأولى، والتي تبلغ 31 عاما، تقدّمت في يونيو 2022 بشكوى قالت فيها وفق نص المحضر لدى الشرطة إنها تعرّضت للاغتصاب في مايو 2020 في شقة خاصة تابعة للسفير رامي عدوان، سفير لبنان لدى باريس منذ عام 2017، وفي الشكوى، تؤكد المشتكية أنها أبدت رفضها إقامة علاقة جنسية وعمدت إلى الصراخ والبكاء.
وذكرت المرأة التي كانت تشغل منصب محرّرة، أنها كانت قد أبلغت الشرطة في عام 2020 بأن عدوان تعرّض لها بالضرب خلال شجار في مكتبه، من دون أن تتقدّم بشكوى بداعي "عدم تدمير حياة هذا الرجل" وهو متزوج ورب عائلة، وقالت إنها كانت على "علاقة غرامية" مع السفير، الذي كان يمارس ضدّها "العنف النفسي والجسدي ويوجّه إليها الإهانات يوميا".
تلك الرواية الثانية .. ووكيله القانونى يعترف
المشتكية الثانية تبلغ 28 عاما، وقد نسجت علاقة حميمية مع السفير بعيد مباشرتها العمل في السفارة بصفة متدرّبة في عام 2018، وقد تقدّمت بشكوى في فبراير الماضي "2023"، لتعرّضها بحسب قولها لسلسلة اعتداءات جسدية غالبا ما نتجت من رفضها إقامة علاقة جنسية، وتؤكد المشتكية أن عدوان حاول صدمها بسيارته إثر شجار على هامش منتدى من أجل السلام في كاين في غرب فرنسا في سبتمبر 2022، وهي تتّهم السفير أيضا بمحاولة خنقها في منزلها بإقحام وجهها في السرير في نهاية ديسمبر 2022.
وفي تعليق أدلى به لفرانس برس قال الوكيل القانوني للسفير المحامي كريم بيلوني إن موكّله "ينفي كل اتّهام بالاعتداء من أي نوع كان: سواء لفظي أو أخلاقي أو جنسي"، وأضاف أن موكّله قد أقام مع هاتين المرأتين بين العامين 2018 و2022 علاقات غرامية تخلّلتها خلافات وحالات انفصال.
أزمة الحصانة الدبلوماسية والخارجية الفرنسية تتحرك
ولكن الأزمة أخذت بعدا آخر، وذلك في ظل أزمة الحصانة الدبلوماسية التي يتمتع بها عدوان، والتي تمنع خضوعه للتحقيق دون اتخاذ الإجراءات المطلوبة لحل تلك الأزمة، ولدى سؤالها حول هذا الملف وما تعتزم القيام به، خصوصا أن عدوان يتمتع بحصانة دبلوماسية، قالت النيابة العامة في باريس إنه "يتعذّر عليها الإجابة في الوقت الراهن"، وكذلك كانت الخارجية الفرنسية قد أشارت في وقت سابق إلى عدم وجود عناصر لديها فيما يتعلق بهذه القضية التي يتولاها القضاء والمشمولة بسرية التحقيق.
وبالفعل دعت وزارة الخارجية الفرنسية نظيرتها اللبنانية إلى رفع الحصانة عن رامي عدوان، السفير اللبناني في باريس، من أجل تسهيل التحقيق معه حيث يتهم بـ"الاغتصاب وممارسات عنيفة متعمدة" في حق موظفتين سابقتين في التمثيلية الدبلوماسية اللبنانية في باريس، وتأتي تلك المطالبة بعد أن نفى عدوان، في حديثٍ لصحيفة "لوريان لوجور" اللبنانية، ما تردد في وسائل الإعلام عن اعتقاله في دولة أوروبية لارتكاب جريمة غير محددة.
فريق تحقيق خاص.. لبنان: نتعاطى مع الموضوع بمسؤولية
من جانبها أعربت وزارة الخارجية اللبنانية، عن حرصها الأكيد على التعاطي المسؤول مع قضية الملاحقات القضائية في باريس في حقّ سفيرها وذلك بما يصون مكانة وسمعة الدولة وتمثيلها الديبلوماسي المعتمد في العالم ومن ضمنه لدى الجمهورية الفرنسية، وقرّرت الخارجية استعجال إيفاد لجنة تحقيق برئاسة الأمين العام للوزارة وعضوية مدير التفتيش إلى السفارة في باريس للتحقيق مع السفير والاستماع إلى إفادات موظفي السفارة من ديبلوماسيين وإداريين.
وكذلك ستقوم اللجنة بمقابلة من يلزم من الجهات الرسمية الفرنسية لاستيضاحها عمّا نُقل عنها في وسائل الإعلام ولم تتبلّغه وزارة الخارجية اللبنانية عبر القنوات الديبلوماسية أصولاً، ليُبنى عندها على الشيء مقتضاه القانوني المناسب بما يصون المصلحة العامة، ويأتي التعليق اللبناني الرسمي غداة تأكيد وزارة الخارجية الفرنسية "ضرورة رفع السلطات اللبنانية الحصانة عن السفير رامي عدوان، الذي يستهدفه تحقيق في فرنسا بشبهة الاغتصاب وممارسات عنفية متعمّدة، من أجل تسهيل عمل القضاء الفرنسي.
صحيفة لبنانية تكشف ما سيحدث مع السفير
وفي ظل الاهتمام الإعلامي الكبير بتلك القضية، بدأت الخارجية اللبنانية في البحث عن مخرج من تلك القضية، وبالفعل بدأت في وضع سينايو سريع للخروج من الحرج الدبلوماسي، حيث ذكرت صحيفة "لبنان24"، نقلا عن مصادر معنيَّة، أن المخرج الحالي لقضيّة السفير اللبناني في فرنسا رامي عدوان يقضي بمنحه إجازة وتكليف شخص آخر إدارة شؤون السَّفارة إلى حين إنتهاء التحقيقات في هذا الملف.
ووفق معلومات "لبنان24"، فإنَّه لا تواصل حتى السَّاعة بين وزارة الخارجيّة اللبنانية والسُّلطات الفرنسيَّة المعنيَّة، أن الخارجية لن تتسرع في الحكم على الأمور، وسوف تنتظر نتيجة تحريات فريق التحقيق الخاص بها، بالتعاون مع التحقيقات الفرنسية للوقوف على حقيقة الأمر.