الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عشر سنوات من التطور.. قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والعبور نحو المستقبل

الحوار الوطني
الحوار الوطني

كان لجائحة كورونا دورا كبيرا في زيادة الطلب على خدمات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمصر، حيث يقضي المصريون في المتوسط سبع ساعات يوميا في استخدام الإنترنت، ويستخدم نصف السكان وسائل التواصل الاجتماعي بمتوسط 13 دقيقة يوميا لم يكن ذلك بمحض الصدفة.

خطة مصر الرقمية

فقد كان قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ضمن أولويات الدولة بعد ثورة 30 يونيو 2013 للارتقاء بالخدمات التكنولوجيا، وخلق اقتصاد قائم على المعرفة، ومواكبة الثورة التكنولوجية الرابعة.

وقد أسهمت اللوائح الجديدة بذلك القطاع وخطة الحكومة في التحول نحو الاقتصاد الرقمي في تعزيز ذلك الاتجاه إلى حد كبير.

ووضعت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات خطة مصر الرقمية التي اشتملت على مستهدفات الجذب الاستثمارات بالقطاع والتحول نحو الحكومة الرقمية، وتقديم العديد من المبادرات التي توفر التدريب ودعم البنية التحتية للقطاع.

وركزت تلك الخطة على القطاعات الأكبر من حيث القيمة المضافة، مثل: تصميم وتصنيع الإلكترونيات وإنشاء المناطق المتكاملة لخدمات التكنولوجيا Technology Par وإنشاء مراكز البيانات المتكاملة. وقد كان الهدف الأساسي تعظيم المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي بالبلاد.

من جانب آخر، فقد تمت صياغة استراتيجية تكنولوجيا المعلومات 2030 لتكون بمثابة الخطة الاستراتيجية التي ترسم ملامح تطور قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات؛ بهدف تحقيق أهداف محددة تتمثل في: تطوير البنية التحتية، وتعزيز الشمول القمي، والانتقال إلى اقتصاد المعرفة وبناء القدرات التكنولوجية، وتشجيع الابتكار.

وفي ذلك السياق، وضع مشروع مصر الرقمية ليكون بمثابة خطة لتحويل مصر إلى مجتمع رقمي متكامل، اعتمادًا على ثلاثة محاور رئيسة وهي: التحول الرقمي وتنمية المهارات الرقمية والوظائف والابتكار الرقمي، وتقوم تلك المحاور الثلاثة على قاعدتين مهمتين وهما توافر البنية التحتية الفنية المناسبة، والبنية الإدارية والتشريعية الداعمة.

وإذا كان ينظر إلى مصر على أنها تمتلك قناة السويس البحرية؛ فمصر باتت كذلك تمتلك ثورة تكنولوجية بمرور الكابلات التي تربط الإنترنت بالعالم من خلال ممرة قناة السويس الملاحي بفضل موقعها الجغرافي، حيث تربط تلك الكابلات مصر بحوالي 60 دولة من خلال 17 كابلا بحريا ( Fibre Optic cable) والتي تعد مسؤولة عن حوالي %90 من البيانات التي تمر عبر آسيا وأوروبا، وهو ما جعل مصر جذابة من الناحية التكنولوجية من حيث سرعه الإنترنت وتكلفة الوصول إليه بالمقارنه بباقي الدول بمنطقة الشرق الاوسط.

وقد صنف مؤشر Ookla's March 2022 Speedtest Global index" مصر في المرتبه 91 من بين عدد 142 دولة من حيث متوسط سرعة الإنترنت الأرضي.

لكن ليست تلك الاستفادة المصرية الوحيدة من مرور الكابلات الخاصة بالإنترنت عبرها، حيث استطاعت شركة المصرية للاتصالات (شركة الاتصالات الحكومية التي تمتلك البنية التحتية للاتصالات بمصر) تحقيق إيرادات بحوالي 184.3 مليار دولار كرسوم نقل البيانات في عام 2019 وهي زيادة بحوالي %17.4 عن بيانات العام السابق له.

وقد أعلنت الشركة المصرية للاتصالات في مارس من عام 2021 عن خطتها لإنشاء مسار الحلقة الأفريقية "Hybrid African ring path HARP" وهو كابل بحري يمر حول قارة أفريقيا والتي ستريط المناطق الساحلية بالمناطق الحبيسة بدول أوروبية، مثل: إيطاليا، وفرنسا، والبرتغال. ووفقا للخطة، فإنه من المتوقع ان يكون HARP أون لاين" بنهاية عام 2023 وستكون منطقة شرم الشيخ بمثابة نقطة الخدمات الخاصة بذلك الكابل.

تحسن بالمؤشرات

كان للجهود الحكومية لتنمية الاقتصاد الرقمي المدعومة بقدرات البحث والتطوير أثر كبير في تحسن ترتيب مصر بالمؤشرات الدولة الخاصة بالابتكار وتكنولوجيا المعلومات؛ فعلى سبيل المثال بلغ ترتيب مصر في مؤشر الابتكار العالمي الصادر عن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) لعام 2021 المرتبة 94 من بين 132 دولة، بينما كان ترتيبها في عام 2020 أقل من 96.

وقد حققت مصر  تقدما كبير في مجال مخرجات المعرفة والتكنولوجيا والبنية التحتية ورأس المال البشري، حيث جاءت في المرتبه 13 من بين 34 اقتصادًا منخفض ومتوسط الدخل، وتحسن ترتيبها في مؤشر تنظيم المدفوعات عبر الهاتف المحمول "GSMA" من الترتيب 64 في عام 2019 إلى الترتيب 100 في عام 2021 الدرجة الأعلى في هذا المؤشر تعني أن الترتيب أفضل).

ودخلت مصر ضمن أفضل 10 أسواق أحرزت تحسنا وفقا لمؤشر " Roland Berger's Inclusion Index Digital" حيث ارتفع تقييمها من 52 درجة في عام 2017 إلى 60 درجة في عام 2020 الدرجة النهائية من (100) وقد حصلت مصر على ترتيب 77 من بين 130 دولة في مؤشر "index Network Readiness لعام 2021 بعد أن كان ترتيبها في عام 2020 هو 84.

مساهمة اقتصادية

يسهم قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بنسبة 5% من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2020 ،2021، وقد ارتفعت تلك النسبة من 4.5 لعام 2019-2020، و4% في العام 2018-2019 وزادت مساهمة القطاع كقيمة في الناتج المحلي الإجمالى من 80.2 مليار جنيه (5.1 مليارات دولار في عام 2018-2017، إلى 93.6 مليار جنيه 5.9) مليارات دولار) في عام 2018-2019، ثم 107.7 مليارات جنيه 6.8 مليارات دولار) في عام 2019-2020، واستمر ذلك الاتجاة الصاعد للمساهمة ليصل إلى 2. 125 مليار جنيه 8) مليارات دولار) في عام 2020-2021 بمعدل نمو بلغ 16.1%.

استثمار بالاتصالات 

أما عن الاستثمارات بقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فقد شهدت مسارا تصاعديا هي ا الأخرى إذ نمت لتصل إلى 3.5 مليارات دولار في عالم و من 202 بزيادة قدرها 35% عن العام السابق عليه.

وقد أسهم القطاع في خلق 285 ألف فرصة عمل في العام 2020-2021، وقد بذلت الحكومة جهودًا كبيرة في تحسين سرعة الإنترنت؛ إذ أنفقت ما يقرب من ملياري دولار لزيادة سرعة الإنترنت من 6.5 ميجا بت في الثانية في عام 2019 لتصل إلى 42.5 ميجا بت في الثانية في عام 2022، وهي زيادة كبيرة بحوالي 7 أضعاف.

ويضاف إلى ذلك أن جهودا كبيرة قد بذلت خلال السنوات الماضية لتدريب كوادر بشرية على مجالات التكنولوجيا المختلفة، أفضت إلى تدريب 125 الف متدرب وتخريج دفعة من مبادرة Digital Egypt (Cubes Initiative، DECI ، وافتتاح 7 مدارس تكنولوجية تابعه للمصرية للاتصالات تؤهل خريجيها للالتحاق بسوق العمل بشكل مباشر.

وأما عن دور قطاع الاتصالات والذي بعد الركيزة الأساسية التي تعتمد عليها معظم الشركات الناشئة والتي تقدم خدماتها من خلال تطبيقات الهواتف المحمولة، فقد أسهم القطاع في تعزيز تمويل صفقات بقيمة 608 ملايين دولار أمريكي للشركات الناشئة خلقت 34 ألف فرصة عمل بتلك الشركات وأسهمت المهارات التكنولوجية في تسهيل إمكانية العمل عن بعد من خلال إيجاد وظائف لعدد 13500 مبرمج ومهندس برمجيات توسع استخدام التكنولوجيا.

وتعد مصر واحدة من أكبر أسواق الهواتف الذكية في أفريقيا؛ إذ يصل عدد الاشتراكات بخدمات الاتصالات 93.4 مليون اشتراك بمعدل نفاذ %89.9% وفقا لبيانات عام 2022 وتعد تلك الزيادة كبيرة بالمقارنه بالوضع في مصر عام 2010 على سبيل المثال؛ إذ كانت نسبة من يحصلون على خدمات الاتصالات الخلوية 70.6 مليون مستخدم

وأظهر سوق استخدام الإنترنت الخاص بالهاتف المحمول نموًا معقولا ليصل إلى 64.9 مليون مستخدم في عام 2022 مقابل 63.4 مليون مستخدم في عام 2021 وحوالي 60.09 مليون مستخدم في عام 2010، وهي تعد قفزة كبيرة للغاية في انتشار خدمات التكنولوجيا بمصر؛ ففي الوقت الذي انخفض فيه عدد الهواتف الذكية التي دخلت إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال وبعد فترة جائحة كورونا كنتيجة لتأثر الاقتصادات المختلفة للدول كان عدد الهواتف التي دخلت مصر في نمو مستمر فنما خلال عام 2020 بنسبة 10.6% ليصل إلى 11.9 مليون هاتف، الأمر الذي يجعل 59.5% من المصريين يحملون هاتفا ذكيا في عام 2021/2020، ويستفيد معظم من لديهم هواتف ذكية من خدمات الإنترنت؛ إذ إن حوالي 85.1% ممن لديهم هواتف ذكية لديهم الوصول إلى خدمات الإنترنت وفقًا لبيانات عام 2022، مقابل 7.36% في عام 2010.

أما عن خدمات الإنترنت الأرضي فقد شهدت تطورًا كبيرًا خلال السنوات السبع الماضية؛ إذ نما عدد المستفيدين من 27.8% في عام 2010 (23.2 مليون مستخدم إلى 41.3% في عام 2016/2015، ليصل إلى 71.9% في عام 2021/2020. 

وقد كان ذلك النمو الملحوظ نتيجة للجهود الحكومية لتقليل فجوة الوصول إلى الخدمات التكنولوجية في المناطق النائية بحوالي 60 مليون نسمة، والتي تأتي بالاتساق مع الجهود الحكومية لخلق فرص العمل والتحول نحو الاقتصاد الرقمي.

وتقدر تكاليف تلك الاستثمارات بحوالي 360 مليون دولار أمريكي وتستهدف توصيل الإنترنت فائق السرعة إلى المنازل غير المستفيدة والتي تقع ضمن مبادرة حياة كريمة التي انطلقت في عام 2019 بهدف تحسين حياة المواطنين في القرى الأكثر احتياجا؛ إذ يأتي تحسين خدمات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ضمن الركائز السبع الأساسية التي ترتكز عليها المبادرة، ولذلك هي تتضمن مخصصات لتطوير الاقتصاد الرقمي وتحسين الخدمات التكنولوجية المقدمة للمواطنين.

تكنولوجيا المعلومات

بدأت هيئة صناعة تكنولوجيا المعلومات ITIDA برنامجها لدعم صادرات تكنولوجيا المعلومات بهدف دعم شركات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات العاملة بمصر في عام 2010، وتراوح ذلك الدعم بين 159 ألف دولار و 191 ألف دولار وفقا لحجم الشركة ، وقد خصصت هيئة صناعة تكنولوجيا المعلومات ما يقرب من 3.9 ملايين دولار لدعم 106 شركات عاملة في مجال تصدير تكنولوجيا المعلومات، وعليه فقد أنفق ذلك البرنامج منذ الإنشاء على دعم شركات التكنولوجيا العاملة بمصر حوالي 25.4 مليون دولار.

وتتمثل أهم الصادرات التكنولوجية المصرية في البرامج "Software"، وتطبيقات الهاتف المحمول

وخدمات الدعم الإلكتروني والتي تمثل حوالي %40% من إجمالي الصادرات المصرية، وتليها خدمات التعهيد الخاصة بخدمة العملاء والتي تعمل 31 ، وأخيرًا يأتي التسويق الإلكتروني بحوالي 7%.

وفي يوليو عام 2021، أطلقت هيئة صناعة تكنولوجيا المعلومات جولة جديدة من حزم المساعدات وقد منحت 131 شركة مبلغ 4.4 ملايين دولار للشركات العاملة خارج العاصمة (محافظة الإسكندرية والدقهلية، والاسماعليه)، وهو ما يعكس الجهود الحكومية لتشجيع الابتكار الرقمي خارج العاصمة. وقد أسهمت تلك الجهود في زيادة الصادرات من 1.6 مليار دولار في عام 2016 إلى 2.6 مليار دولار في عام 2022 .

الحوسبة السحابية

شهد سوق الحوسبة السحابية نموا كبيرا في قارة أفريقيا في السنوات الماضية، ومن المتوقع أن يسمتر في نموه خلال السنوات القادمة؛ إذ تشير التقديرات إلى أن حجم الاستثمار المحتمل في قواعد البيانات في أفريقيا في الفترة من 2020 إلى 2025 يبلغ نحو 15 مليار دولار.

وتتمركز تلك القواعد في مصر والمغرب ونيجيريا وكينيا وجنوب أفريقيا. تمتلك مصر حوالي 18 مركزا للبيانات يتمحور معظمها حول العاصمة، وتتولى شركة "أورانج" حاليا بناء مركزين أخريين للبيانات، أحدهما في العاصمة الإدارية الجديدة والآخر بمدينة الإسكندرية.