الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

آثار سيناء تعزز الانتماء لأحفاد الحضارة المصرية.. محاضرة للخبير عبد الرحيم ريحان

صدى البلد

قام خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار بعمل محاضرة على مدى ساعتين أون لاين عبر تطبيق زووم مساء أمس لفريق أحفاد الحضارة المصرية، وهو الفريق الذى أسسه الآثارى محمد حمادة الطالب بقسم الإرشاد السياحى بكلية السياحة جامعة المنصورة كمبادرة شبابية يشارك بها مجموعة كبيرة من طلاب كليات السياحة والآثار ومحبى الآثار من جميع التخصصات لنشر الوعى الأثرى وتدريب طلاب الإرشاد السياحى بتنظيم رحلات مجانية للمواقع الأثرية وعمل ندوات علمية يحاضر بها كبار العلماء المتخصصين بهدف الحفاظ على الهوية المصرية ونشر ثقافة التاريخ المصري على مدار العصور وتنشيط السياحة الداخلية.

وأشار الدكتور ريحان إلى أهمية سيناء المدخل الشرقى لمصر، ومفتاحها الأم وحلقة الوصل بين  آسيا وأفريقيا، وقد اتخذت اسمها من البيئة فهى أرض الأحجار حيث أسنة الجبال البارزة أو الجبل المبارك وهو جبل طور سيناء، وكذلك أرض الفيروز لشهرتها كمواقع لتعدين الفيروز منذ عصر القديمة بمنطقة سرابيط الخادم والمغارة وأن جبل الطور أشهر جبالها وأقدس مكان بها والذى ورد فى عدة سور عند الحديث عن نبى الله موسى عليه السلام وبنى إسرائيل، وتبلغ مساحة سيناء 61000 كم2 أى 6% من مساحة مصر التى تبلغ مليون كم2 وتتميز سيناء بالجبال الشاهقة الارتفاع أهمها جبل كاترين 2639 م وجبل موسى 2242م فوق مستوى سطح البحر.
 

وحسب التسلسل التاريخ لآثار سيناء أشار الدكتور ريحان إلى آثار ما قبل التاريخ وهى مبانى حجرية يطلق عليها أهل سيناء النواميس، وأثبتت الدراسات المختلفة أنها تعود إلى عصر البرونز المبكر، ويعتقد أنها آثار خاصة بسكان سيناء الأصليين فلقد كشف عالم الآثار البريطانى بالمر  عام 1869م عن مجموعة من هذه النواميس قرب عين حضرة ( طريق كاترين – نويبع) وقرب نويبع عثر بها على رؤوس سهام ودبابيس نحاس، وكشف روزنبرج عام 1967 عن مجموعة أخرى قرب عين حضرة، مبنية من بلاطات مسطحة كبيرة من أحجار غير منحوتة ويرجّح بالمر أنها معسكرات محصنة لأقوام يعتمدوا على رعى الأغنام استخدموا المساحات المفتوحة بين هذه الدوائر للأغنام والقطيع.
 

وفى عصر مصر القديمة، حرص قدماء المصريين على إرسال البعثات لتعدين الفيروز فى سرابيط الخادم، والنحاس فى وادى النصب الغربى وكانوا يستخدمون ميناء أبو زنيمة عند التوجه إلى سرابيط الخادم وميناء أبو رديس عند التوجه إلى وادى المغارة.
 

وعبر طريق حورس بشمال سيناء دحر المصريون الهكسوس ملوك الرعاة، وواجه رمسيس الثاني (1304-1237 ق.م.) تمرد مملكة خيتا التي حرضت سكان سوريا ضد مصر وسارت جيوش رمسيس الثانى عبر الطريق الحربى بشمال سيناء لإخماد الفتنة.
 

وينوه الدكتور  ريحان إلى تاريخ الأنباط الذين جاءوا إلى أرض سيناء قادمين من الجزيرة العربية والشام و أسسوا مملكة كبرى عاصمتها البتراء في الأردن حاليًا منذ القرن الرابع قبل الميلاد وحتى عام106م نهاية دولتهم سياسيًا مع استمرار أنشطتهم التجارية، وكان للأنباط طريق بسيناء من أيلة (العقبة حاليًا) على رأس خليج العقبة إلى ميناء دهب ومنها بريًا إلى وادى فيران مارًا بجبل موسى إلى رأس سدر وعيون موسى حتى ميناء القلزم (السويس) ثم برًا إلى نهر النيل ومنه للإسكندرية لتبحر إلى أوروبا، واستخرج الأنباط الفيروز من وادى المغارة والنحاس من وادى النصب بسيناء وتركوا نقوشًا عديدة فى أودية سيناء وآثارًا بمدينة دهب بجنوب سيناء وقصرويت بشمال سيناء.
 

وجاءت العائلة المقدسة قادمة من فلسطين، إلى مصر عبر طريق شمال سيناء من رفح إلى الفرما، وبدأت حركة الرهبنة بسيناء فى القرن الثالث الميلادى لقدسية المكان من وحى الله عز وجل لموسى عليه السلام، بالإضافة لطبيعة المكان المنعزلة المناسب لحياة الرهبنة وتوفر مصـادر المياه من عيون طبيعية وآبار وأمطار وأنشأت الإمبراطورة هيلانة أم الإمبراطــور قسطنطين فى القرن الرابع الميلادى برجـين وكنيسة عند شجرة العليقة الملتهبة من يدخلها حتى الآن يخلع نعليه تأسيًا بنبى الله موسى .


ويشير الدكتور ريحان إلى أهمية منطقة وادى فيران التى تبعــد 50كم شمــال غرب دير سانت كاترين حيث تأسست هناك أبرشية منذ القرن الرابع الميلادى كما تجمع عددًا من الرهبان حول مصادر المياه بشمال سيناء ، ولقد كشف عن العديد من الآثار المسيحية من أديرة وكنائس بشمال سيناء، وبنى الإمبراطور جستنيان دير طور سيناء فى القرن السادس الميلادى والذى تغير اسمه فى القرن التاسع الميلادى إلى دير سانت كاترين تخليدًا لذكرى سانت كاترين بعد أن عثر أحد الرهبان على بقايا جثامينها فوق أحد جبال سيناء الذى سمى باسمها فيما بعد كما بنى دير آخر في القرن السادس الميلادى مكتشف بقرية الوادى 5كم شمال طور سيناء.

 

وأردف الدكتور ريحان، أن دخول عمرو بن العاص رضى الله عنه إلى مصر كان عن طريق سيناء ووصل الفرما فى شهر(ربيع الأول سنة 16هـ ، يناير 640 م)، وانتشرت المنشئات الدينية بسيناء مثل الجامع الفاطمى داخل دير سانت كاترين ومسجد على قمة جبل موسى ومسجدين بوادى فيران ومسجد قاطية. 
 

وخرج صلاح الدين عام (566 هـ ، 1170م) عن طريق سيناء بمراكب مفككة حملها على الإبل ولما وصل إلى أيلة ركّب تلك المراكب وأنزلها البحر وقاتل أيلة "العقبة حاليًا" برًا وبحرًا حتى فتحها وترك بها حامية أيوبية وعاد إلى مصر وشيد بسيناء قلعته الشهيرة بجزيرة فرعون وقلعة الجندى برأس سدر وكان له طريق خاص بوسط سيناء يسمى طريق صدر- أيلة هو الممر الرئيسى لجيوشه من القاهرة.
 

وفى عهد المماليك البحرية (648 – 784 هـ ، 1250 – 1382 م) استرجع السلطان بيبرس البندقدارى أيلة بعد أن أعاد الصليبيون احتلالها، وزار مكة بطريق السويس - أيلة وصارت هذه الطريق هى طريق الحج المصرى منذ ذلك الوقت وحتى عام 1884 حين اتخذت طريق البحر الأحمر إلى جدة 
وفى عهد المماليك الجراكسة (784 – 922 هـ ، 1382 – 1516م)  بنى السلطان قانصوة الغورى القلاع على درب الحج ومنها قلعة نخل بوسط سيناء وقلعة العقبة.
وتابع الدكتور ريحان، بأنه حين تولية محمد على حكم مصر (1805-1848م) كانت سيناء بالطبع ضمن ولايته وفى عام 1825 أرسل مهندس فرنسى أسمه الموسيو لينان إلى بلاد الطور الذى درس معادنها ورسم خارطة لها وسمى نفسه هناك عبد الحق وكانت الخارطة التى رسمها هى أول خارطة وضعت لسيناء فى التاريخ الحديث.
وزار عباس الأول بن طوسون بن محمد على (1848 – 1854) سيناء وبنى حمام فوق النبع الكبريتى بمدينة الطور ومهد طريقًا من دير سانت كاترين إلى قمة جبل موسى وشرع فى بناء قصر جميل على جبل تلعة غرب جبل موسى ومد طريق للعربات من الطور لهذا القصر ولكنه توفى قبل أن يكمله  وأسس سعيد بن محمد على (1854 – 1863) محجر الحجاج بطور سيناء عام 1858.
وتحتضن نويبع النقطة العسكرية المتقدمة وهى أقدم مركز بوليس بسيناء ومصر عامة تعود إلى عام 1893وكذلك قصر عباس ومساكن عباس بسانت كاترين.
وشهدت سيناء فصولًا من الصراع الإسرائيلى، وشهدت طرق سيناء عام 1956م العدوان الثلاثى، وأخضعت إسرائيل سيناء للحكم العسكرى حين احتلالها عام 1967 
وأقيمت فى سيناء المستوطنات أهمها أوقيرا بجوار شرم الشيخ، ذى هاف قرب دهب ، زاحارون 10كم شرق العريش، ياميت 7كم قرب رفح، وبعد انتصار أكتوبر  1973 العظيم تم توقيع اتفاقية كامب دافيد فى 26 مارس 1979وبدأت مراحل استعادة أرض سيناء حتى عودة آخر شبر بسيناء فى طابا ورفع العلم المصرى عليها فى 19 مارس 1989.