الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

المؤمن مُبتلى على قدر إيمانه.. ماذا يقول ومتى يرفع عنه؟.. علي جمعة يوضح

علي جمعة
علي جمعة

ماذا يقول المؤمن عند الابتلاء؟ سؤال أجاب عنه الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، موضحا أنه عندما ينزل بالمؤمن البلاء يحتاج إلى أن يرجع إلى الله ليعرف حكمة البلاء‏,‏ ويعرف كيف يتعامل معه عندما ينزل‏.‏ وما البرنامج الذي يسير عليه حتى يخفف عنه المصيبة وتنزل السكينة على قلبه ويتمتع بنور الصبر‏.

المؤمن مُبتلى على قدر إيمانه

واستدل بقوله الله تعالى‏:  (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الخَوْفِ وَالجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ المُهْتَدُونَ‏)‏، لافتا إلى أنه يؤخذ من هذا أن نزول البلاء امتحان، وأن هذه المحن معها منح ربانية من الجزاء الوفير والغفران التام‏.

وقال علي جمعة من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: من هذه المحن الموت؛ فالموت سنة من سنن الله في كونه، ولكنه مع ذلك ليس فناء بل هو انتقال من دار إلى دار‏,‏ من دار الدنيا إلى الآخرة‏,‏ ومن دار العمل إلى دار الجزاء‏,‏ ومن دار الفناء إلى دار البقاء‏,‏ ولذلك وبهذا الفهم قد كان أبو ذر الغفاري رضي الله تعالي عنه‏,‏ لا يعيش لديه ولد‏,‏ فسُئل في ذلك فقال‏:‏ "الحمد لله الذي يأخذهم مني في دار الفناء ؛ ليدخرهم لي في دار البقاء"‏. 

يقول تعالى: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ‏),‏ وقال تعالى‏: (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ *‏ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الجَلَالِ وَالإِكْرَامِ)‏.

كما قال ﷺ فيما أخرجه الترمذي‏: (‏إن عظم الجزاء مع عظم البلاء‏,‏ وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم‏,‏ فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط‏),‏ وقال ﷺ‏:‏ (عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن‏,‏ إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له) ‏(‏مسلم‏),‏ وقال فيما أخرجه الترمذي‏:‏ (ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله وما عليه خطيئة‏),‏ وقال‏:‏ (إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته‏:‏ قبضتم ولد عبدي‏,‏ فيقولون‏:‏ نعم‏,‏ فيقول قبضتم ثمرة فؤاده‏,‏ فيقولون‏:‏ نعم‏,‏ فيقول‏:‏ ماذا قال عبدي؟‏‏ فيقولون‏:‏ حمدك واسترجع‏,‏ فيقول الله‏:‏ ابنوا لعبدي بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد) ‏[الترمذي]. 

وأوضح أن الروح باقية لا تفنى ولذلك عند رحيل الأحبة نستمر في عمارة الدنيا ،ونزيد من العمل الصالح ونهب ثواب أعمالنا إلى من رحل صغيراً كان أو كبيراً‏,‏ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال للنبي ﷺ ‏:‏ إن أبي مات وترك مالاً ولم يوص فهل يكفر عنه أن أتصدق عنه؟ قال‏:‏ نعم. ‏[‏مسلم‏].‏ 

وبين: عندما مات أبو وكيع بن الجراح خرج في يوم وفاته في درسه اليومي وزاد أربعين حديثاً عما كان يحدث به كل يوم‏.

وبعد ما دفن أبو يوسف ــ صاحب أبي حنيفة ــ ابنه‏,‏ حضر مجلس أبي حنيفة بعد الدفن ليتعلم حتى يتجاوز الأحزان‏.‏ فالمصيبة تعلمنا حقيقة الدنيا وأنها فانية وأنها متاعٌ قليل‏,‏ قال تعالى‏: (مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآَخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا).

وشدد علي جمعة: لنا في سيدنا رسول الله ﷺ أسوة حسنة حيث مات أبناؤه وأحباؤه في حياته ،حتى قال عندما مات إبراهيم‏ :‏ « تَدْمَعُ الْعَيْنُ وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ وَلاَ نَقُولُ إِلاَّ مَا يَرْضَى رَبُّنَا وَاللَّهِ يَا إِبْرَاهِيمُ إِنَّا بِكَ لَمَحْزُونُونَ ».[مسلم] ، ومات حمزة وجعفر وزيد بن حارثة رضي الله عنهم وكانوا أحب الناس إليه فعلمنا كما علمنا القرآن‏: (‏إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ‏) و"راجعون" تبين أن الموطن الأصلي للروح هو عند الله فمن هناك أتت تفضلاً ومنة‏,‏ وإليه عادت حكمةً وفضلا‏.