الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إبراهيم شعبان يكتب: الأسئلة الصعبة في حرب غزة

إبراهيم شعبان
إبراهيم شعبان

التضامن المصري والعربي والعالمي الواسع ومنقطع النظير، وفي كل العواصم والبلدان مع الشعب الفلسطيني وضد حملة الإبادة التي يتعرض لها من جانب قوات الاحتلال الإسرائيلي على مرأى ومسمع من العالم كله، يكشف للعالم عدالة القضية الفلسطينية ومشروعيتها وحق الشعب الفلسطيني، في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

ولكن هناك أسئلة صعبة، لا بد أن تطرح على الطاولة خلال هذه الحرب التي لا يعلم مداها ولا تداعياتها إلا الله، كما أن هناك نقاطا هامة وجب التوقف أمامها:-

- في مقدمتها، أن الحكومة الإسرائيلية المتطرفة التي تحكم إسرائيل بقيادة نتنياهو منذ 2009 وحتى الآن، ما عدا شهور قليلة ابتعد فيها نتنياهو قبل أن يعود ثانية، في ديسمبر 2022، على هوى الشعب الإسرائيلي تمامًا، وهو يشعر مع خطابها الإرهابي المعلن بالاطمئنان! ولذلك فشل حزب العمل، وفشلت كل الأحزاب الإسرائيلية اليسارية الأخرى في الفوز بمقاعد الكنيست وتشكيل حكومة، تؤمن بالسلام وبحل الدولتين كما كان موجودًا من قبل، وبقيت هذه الحكومة الدموية على رأس إسرائيل.

- إن رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه يوآف جالانت، مصران على مواصلة الحرب الوحشية في غزة، والمظاهرات المليونية العارمة في كل دول العالم، رفضًا لاستمرار قصف غزة، وقتل واستهداف آلاف المدنيين فيها وفرض حصار وعقاب جماعي، في جريمة حرب غير مسبوقة، كل هذا لم يرهبهم ولم يردعهم. 

- الولايات المتحدة الأمريكية، وبشكل سافر لم يسبق في التاريخ وبكل أركانها بدءًا من وزيرا الخارجية والدفاع ورئيسها بايدن، أن أعلنوا دعمهم التام لإسرائيل في حربها المهووسة على قطاع غزة، والدعم اللامحدود عسكريًا، بل وهناك تقارير تتحدث عن آلاف الجنود الأمريكيين، الذين قد يتم الزج بهم في المعركة. 

- إصرار نتنياهو على حربه الإجرامية في قطاع غزة، يكشف أنه انتهز الفرصة التي كان يتحينها منذ زمن، للانقضاض على قطاع غزة وتصفية آخر جيب فلسطيني، يتمسك بما بقى من "فلسطين التاريخية" على الأرض المقدسة. 

وقال خلال لقائه الأخير برئيس وزراء بريطانيا، ريشي سوناك في تل أبيب: “إن حرب غزة ستكون طويلة، ورد سوناك: ”إن بريطانيا ستقف إلى جانب إسرائيل في أحلك أوقاتها"!!

أما الأسئلة الصعبة التي نحن بحاجة لطرحها علانية فهى: 

- إلى أي مدى ستكون تداعيات هذه الحرب الإجرامية من جانب إسرائيل؟ وكم سيدفع مدنيو غزة وكم سيدفع قطاع غزة ثمنًا لها؟ 

- إن ما ظهر من حرب إسرائيل على غزة حتى الآن مروع، وتل أبيب تطمئن إلى أنها لن تُحاسب، وقد استخدمت الولايات المتحدة حق الفيتو في مجلس الأمن ضد مشروع قرار يدين حربها الوحشية؟ أو حتى لإدخال مساعدات إنسانية للقطاع، والسؤال كيف يمكن ردع إسرائيل وإجبارها على وقف الحرب الآن؟ 

- إن وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف جالانت، يتفاخر بعملية التدمير الممنهجة والوحشية على القطاع،  وقال خلال لقاء له مع الجنود الإسرائيليين: "لا نتحدث عن حملة عسكرية قصيرة بل عن حملة طويلة"، وبخصوص تهديد حزب الله رد المتطرف جالانت: "نحن متأهبون وإذا أراد حزب الله حربا، فيتعين عليه أولا أن يلقى نظرة على صور مدينة غزة"!! وذلك في إشارة سافرة إلى أنه قد يفعل ذلك في لبنان إذا تدخل حزب الله، والسؤال: هل يتدخل حزب الله في الحرب الدائرة فعليا؟ بعيدا عن ضربة هنا واشتباك هناك؟!! 

- إن خالد مشعل، رئيس حركة حماس في الخارج ورئيس المكتب السياسي السابق، قال في حوار مع “العربية”، وهو منشور: “إن إيران وحزب الله أمدونا بالأسلحة ونريد المزيد، فهل يتدخلان اليوم كذلك، بعد انفجار الحرب، أم أنه حرب عنهما بالوكالة؟”، وقال كذلك: "إن حسابات عمليتنا كان على نطاق ضيق"، وهذا أيضا منشور، لكنها اتسعت لتأكل غزة كلها؟!! 

- لا أحد يزايد على مقاومة فلسطينية شريفة وهادرة، مهما كان مسماها، استعادت كرامة الأمة العربية وأججّت قضية فلسطين، لكن ليس عيبا التذكير أن الظروف اليوم غير ظروف الانتفاضة الفلسطينية في التسعينيات، والتي عرفت بانتفاضة أطفال الحجارة وقد كان دويها أكبر، ودفعت الحكومة الإسرائيلية آنذاك، للدخول في مفاوضات أوسلو، والانسحاب من العديد من البلدات الفلسطينية، فالانتفاضة حققت مكاسب سياسية على الأرض وأخرجت إسرائيل من المدن الفلسطينية ومن قطاع غزة ذاته فيما بعد، وتأسست حينها "السلطة الفلسطينية" على يد الزعيم الراحل ياسر عرفات، لكن اليوم ماذا بعد طوفان الأقصى سياسيًا؟!

- ما هى الأراضي التي تم تحريرها من أيدي الإسرائيليين؟ للأسف الفلسطينيون منقسمون بين حماس وفتح وحتى اللحظة، ولا توجد حتى عروض سياسية ولا تفاوض مع إسرائيل من الأساس ولا محادثات تسوية، لكي يكون لطوفان الأقصى مكاسب سياسية على الأرض، وأراضٍ يتم تحريرها واستعادتها في أعقاب الضربة الهائلة التي حققتها المقاومة الفلسطينية باقتحام البلدات الإسرائيلية وقتل 1400 إسرائيلي، منهم 306 جنود إسرائيليين و203 أسرى وفق الأرقام الرسمية للجيش الإسرائيلي.

- أنقذوا غزة، قبل ألا يبقى فيها شىء بعد هذه الحرب الهمجية والوحشية، التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي ويتباهى بالدمار الواسع فيها، ولا بد من الضغط والتحرك السياسي عبر ورقة السفراء والبعثات التجارية والقنصليات الإسرائيلية، والضغط الاقتصادي على الولايات المتحدة لإجبارها على دفع نتنياهو لإيقاف آلة القتل الآن، أما غير ذلك فإنه سيواصل طريقه وهم معتادون على مثل هذه العمليات الإرهابية منذ نكبة 1948. 

- نقطة فاصلة وسؤال خطير أخير: هل ما تقوم به إسرائيل حاليًا يهدف لتصفية القضية الفلسطينية قبل تصفية حركة حماس؟ الإجابة نعم. 

- ولابد من وقف الحرب عند هذه المرحلة بأي ثمن، والانتباه إلى ما قاله وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، قبل ساعات أن المملكة الأردنية تخشى أن الأسوأ لم يأتِ بعد في حرب غزة؟ وللأسف هذه أيضا حقيقة. 

- أما حديث إجبار الفلسطينيين على الخروج من قطاع غزة وتهجيرهم، فهذه نقطة شديدة الحساسية وتحتاج مقالا جديدًا، وهى الأخطر في مآلات الصراع الحالي.