الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حكاية 2.5 مليار دولار دخلت مصر من برنامج الطروحات..مسئول كبير يكشف التفاصيل

برنامج الطروحات
برنامج الطروحات

أعلنت وزارة المالية تنفيذ صفقات لتخارج الدولة - بيع الدولة جزءا من حصتها في الشركات المملوكة لها لصالح القطاع الخاص -  بقيمة 2.5 مليار دولار ضمن برنامج الطروحات خلال الربع الأول من العام المالي الحالي.

برنامج الطروحات

وأكد محمد معيط، وزير المالية، في بيان صحفي، أن صفقات التخارج تساعد على زيادة تدفقات النقد الأجنبي، وتوفر جزءًا من التمويل الأجنبي المطلوب لتغطية احتياجات الاقتصاد المصري، فضلًا عن استمرار تحقيق فائض أولي ونمو الإيرادات الضريبية.

ومن جانبها وتوقعت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني، تأثر اقتصاد مصر بتداعيات الحرب الدائرة الآن بين إسرائيل وغزة، منذ السابع من أكتوبر الجاري.

وعدّت ستاندرد آند بورز، أن "السيناريو الأساسي الحالي هو أنه من المرجّح أن يقتصر إلى حدّ كبير على إسرائيل وغزة"، متابعة: "لكن نظراً للحدود مع غزة وسيطرتها على معبر رفح، فإن مصر تتأثر بشكل مباشر".

ولفتت ستاندرد آند بورز أيضاً إلى "التكاليف المرتفعة جداً لخدمة الدين العام باعتبارها تحدياً محتملاً أمام القدرة على تحمل الديون".

ورد الدكتور محمد معيط، وزير المالية، على هذا بأن مصر تعمل على تحقيق المزيد من الإصلاحات والإجراءات الهيكلية خلال الفترة المقبلة؛ للتعامل مع التحديات الاقتصادية الداخلية والخارجية، خاصة الواردة في تقرير مؤسسة ستاندرد آند بورز التى قررت خفض التصنيف الائتماني السيادي لمصر بالعملتين المحلية والأجنبية من درجة (B) إلى درجة (-B) مع نظرة مستقبلية مستقرة على المدى الطويل، وتثبيت التصنيف الائتماني السيادي على المدى القصير عند درجة (B).

وأضاف الوزير، أن مؤسسة ستاندرد آند بورز استندت في قرارها الأخير بتغيير النظرة المستقبلية من سلبية إلى مستقرة، وأيضاً تثبيت التصنيف "قصير الأجل"، على ما استطاعت أن تتخذه الحكومة المصرية أخيراً من إصلاحات هيكلية مهمة أسهمت في تحقيق الانضباط المالي، وذلك رغم الصعوبات التي ما زال الاقتصاد المصري يواجهها، نتيجة للموجة التضخمية العالمية، المترتبة على التوترات الجيوسياسية، وقامت بتخفيض التصنيف على المدى الطويل.

جهود وزارة المالية

وأوضح وزير المالية: "نجحنا خلال العام المالي 2022/ 2023، في التعامل بشكل متوازن مع كل المتغيرات والتحديات الراهنة على الساحتين العالمية والداخلية؛ من ارتفاع في معدلات التضخم وأسعار الفائدة وانخفاض لقيمة العملة المحلية أمام الدولار، وتم تحقيق فائض أوليّ 1.63 في المائة من الناتج المحلي مقارنة بفائض أوليّ 1.3 في المائة من الناتج المحلي في العام المالي 2021/ 2022، وبلغ العجز الكلي للموازنة 6 في المائة من الناتج المحلي مقارنة بـ6.1 في المائة خلال العام المالي 2021/ 2022".

وأكد معيط، أنه تم إقرار تعديلات قانونية تسمح بإلغاء الإعفاءات الضريبية والجمركية على الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية للجهات والشركات المملوكة للدولة، الأمر الذي يؤدي إلى تعزيز المنافسة العادلة بالسوق المصرية، في إطار جهود الدولة لتمكين القطاع الخاص.

وقال الخبير الاقتصادي، الدكتور أحمد معطي، إن الأزمات التي تحدث في الفترة الحالية داخليا وخارجيا قد تجعل بعض الدول تنهار اقتصاديا، ولكن مصر استطاعت أن تواكب الأزمات الحالية وحققت الانضباط المالي لحد كبير، حيث استطاعت تحقيق فائض أولى  1.63 مليار دولار في عام 2022 /2023.

وأضاف معطي - في تصريحات لـ"صدى البلد"، أن نسبة الدين للناتج المحلي الإجمالي مازالت أقل من 100%، وهناك ارتفاع في الناتج المحلي بما يحقق الاستقرار إلى حد ما، مشيراً إلى أن هناك تحديات داخلية وخارجية تواجه الاقتصاد منها فكرة المؤسسات الدولية التي تعمل على خفض التصنيف الائتماني للدولة.

وأشار إلى أن الدكتور محمد معيط وزير المالية أوضح أن ستاندر آند بورز غيرت النظرة السلبية إلى مستقرة وثبتت التصنيف قصير الأجل خلال الفترة القادمة بما يحقق الانضباط المالي.

وتابع: هناك مظاهرات في بعض الدول بسبب ارتفاع الاسعار والتضخم، منها الولايات المتحدة الأمريكية التي تشهد مظاهرات في قطاع السيارات، لافتاً إلى أنه يجب النظر إلى مؤشرات الاقتصاد الكلي داخليا وخارجيا خاصة مع الأزمة الفلسطينية.

تحقيق الانضباط المالي 

من جانبه، التقى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم، حسن عبد الله، محافظ البنك المركزي، والدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، لمتابعة عدد من الملفات في مقدمتها برنامج الطروحات الحكومية.

وصرح المستشار سامح الخشن، المتحدث الرسمي لرئاسة مجلس الوزراء، بأنه تم استعراض الشركات التي من المقرر أن تتخارج الدولة منها خلال الأشهر المقبلة، وكذا الآليات التي تم التوافق عليها، بالتنسيق بين الحكومة والبنك المركزي، لتنفيذ ذلك البرنامج الذي يُعد محورًا رئيسًا ضمن وثيقة سياسة ملكية الدولة.

وسبق وكشفت الحكومة آخر تطورات ملف الطروحات الحكومية، وفقاً لوثيقة "سياسة ملكية الدولة"، والمحدثة عن شهر أغسطس الماضي، حيث تخطط مصر طرح حصص في 5 شركات بالإضافة إلى محطات تحلية مياه حتى نهاية النصف الأول من العام المقبل.

ورفعت الحكومة عدد الشركات ضمن برنامج الطروحات إلى 35 شركة، حيث تم تضمين "الشرقية للدخان"، و"المصرية للاتصالات"، و"العز الدخيلة للصلب" إلى البرنامج، والذي كان يشمل 32 شركة.

وأوضحت الوثيقة، أن برنامج الطروحات يستهدف جمع 5 مليارات دولار خلال هذه المرحلة، الجزء الأكبر منها يرجع إلى طرح 70% من محطة كهرباء سيمينز في "بني سويف"، والمتوقع تنفيذه في يونيو من العام المقبل، بعد الحصول على موافقة الدائنين على إعادة الهيكلة ونقل الدين البالغ 735 مليون دولار على المحطة من الشركة القابضة لكهرباء مصر إلى الشركة الجديدة المخصصة لهذا الغرض.

ولم تستبعد الحكومة طرح حصة من الشركة في البورصة المصرية.

وبالإضافة إلى ذلك، تخطط الحكومة لطرح "محطة جبل الزيت" لتوليد الكهرباء من طاقة الرياح كطرح تنافسي على عدد من المستثمرين بإجمالي 300 مليون دولار، ضمن خطة التخارج من 3 شركات تساهم بها الدولة قبل نهاية 2023. فضلاً عن طرح شركة "وطنية" للمنتجات البترولية خلال أكتوبر الجاري أو نوفمبر المقبل.

وثيقة ملكية الدولة

وذكرت الوثيقة، أنه بالنسبة لمحطة طاقة الرياح في الزعفرانة، وهي واحدة من أقدم محطات الرياح في مصر، فإنه جرى تقسيمها إلى قسمين وفقاً لمراحل إنشائها البالغ عددها 8 مراحل، حيث تم الاتفاق على إسناد المراحل الأربعة الأولى والتي انتهى عمرها الافتراضي على شركة "ميرسك" بشكل مباشر، فيما سيتم تحديد المقابل المادي لاحقا، وفيما سيتم ترسية النصف الآخر على المستثمر مقدم أعلى عرض على أن يتم استخدام الطاقة المولدة لإمداد مشروعات الهيدروجين الأخضر، ومن المتوقع ترسية الطرح في ديسمبر 2023.

وأشارت الوثيقة، إلى تلقي عروض غير ملزمة من 8 مستثمرين لشراء "وطنية" – تم إعادة هيكلة الشركة ونقل 174 محطة توزيع للكيان الجديد من إجمالي أكثر من 300 محطة – ومن المقرر تلقي عروض ملزمة من 4 من المستثمرين تم السماح لهم بإجراء الفحص النافي للجهالة، على أن يتم سداد قيمة الصفقة بالدولار.

وفيما يتعلق بشركة "صافي"، فقد تولي فريق من المستشارين إعادة هيكلة الشركة وإنشاء كيان جديد يمتلك المصانع بالإضافة إلى 75 منفذ توزيع. فيما يجري 2 من المستثمرين بدراسة تفاصيل الصفقة من إجمالي 30 مستثمر أبدوا اهتمامهم بالشركة.

كما أشارت الوثيقة إلى طرح 21 محطة تحلية بالمناطق الساحلية بإجمالي طاقة إنتاجية 3.3 مليون متر مكعب / يوم في المرحلة الأولى بين عامي 2020 و2050، من ضمن طاقة إنتاجية تصل إلى 8.8 مليون متر مكعب / يوم.

وتتوقع الوثيقة أن تصل حجم الاستثمارات في المشروع بين عامي 2024، وحتى 2026 ما يزيد عن 3.3 مليار دولار، سيتم ضخها عبر القطاع الخاص، وبالتالي رفعها من على كاهل ميزانية الدولة، وتقدم لمرحلة التأهيل المسبق أكثر من 90 مستثمرا، وتم تأهيل 17 تحالفا.

ومن المقرر طرح 4 محطات من 21 محطة ضمن المرحلة الأولى، حيث اختارت الحكومة البنك الأوروبي لإعادة الإعمار، ومؤسسة التمويل الدولية كمستشارين ماليين، ومتوقع الترسية خلال النصف الأول من 2024.

وضع الجنيه المصري

وقال الخبير الاقتصادي، الدكتور مدحت نافع، إن الطروحات الحكومية التي عُرضت في الأسواق الدولية والإقليمية ستساعد في تخفيف الضغط على الجنيه المصري، لأكثر من سبب ليس فقط من أجل الحصيلة الدولارية التي حققتها الدولة المصرية، ولكن لأسباب أخرى، موضحا أن الغرض الأهم هو تخارج الدولة من أجل تحسين ظروف تنافسية السوق، ومزيد من الإفساح للقطاع الخاص الأجنبي والمحلي لكي يعمل بكفاءة أكبر وتنافسية أعلى، ومزيد من كفاءة الشركات نفسها.

وأضاف نافع، أن التخارج من الشركات الحكومية الهدف منه الاتفاق مع رؤية الدولة، وهذا ما جاء في تصريحات رئيس الوزراء، وهو أن وثيقة ملكية الدولة تعد دستور اقتصادي للحكومة كخطة طويلة الأجل سيتم الالتزام بها سواء مع وجود أزمة دولارية من عدمها.

وأشار إلى أن "مصر لا يناسبها فكرة  التعويم الحر، وإنما يناسب مصر التحريك المرن، ولكن هذا الربط المرن لا يمكنه أن يتحمل قدر أكبر من المرونة إلا في ظل وجود وفرة دولارية، حتى لا تُصدم مصر في ارتفاع سعر الدولار بدون سقف أعلى، وهو ما سيؤدي لوجود سوق أخرى للدولار، سيظلوا يرفعوا في سعر الدولار، وهو ما ينعكس بشكل سلبي على المواطن".

واختتم أن مصر تعتمد على الدولار بشكل مهم في الاستيراد سواء في منتج نهائي للاستهلاك، أو في مستلزمات إنتاج للتصنيع، مؤكدا أن الحل طويل الأجل الذي يجب اتباعه خلال الفترة المقبلة، هو الاعتماد بشكل أقل على العملة الأجنبية، وتعميق واعتماد أكبر على المنتج المحلي خلال الفترة المقبلة، وهذا اتجاه عالمي في ضوء ما يشهده العالم في السنوات الأخيرة.