الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نتائج وتوصيات مؤتمر كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر بأسيوط

مؤتمر كلية اللغة
مؤتمر كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر بأسيوط

عقدت كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر بأسيوط فعاليات المؤتمر الدولي السادس، تحت عنوان (إسهامات ذوي الهمم في بناء الحضارة الإنسانية قديمًا وحديثًا) في المدة من 28-29ربيع الآخر 12-13نوفمبر 2023م.

 

واستمرت جلسات المؤتمر لمدة يومين شارك فيها قيادات الأزهر الشريف وعلماء جامعة الأزهر وأساتذتُها ولفيفٌ من الباحثين المختصين من عدة دول مع متابعةٍ واهتمامٍ من وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة.

 

وانتهى مؤتمر كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر بأسيوط، إلى النتائج الآتية:

أولاً-شهدت الحضارةُ الإنسانية تطوراً ملحوظاً منذ وطئت قَدَمَا الإنسانِ هذه الأرضَ؛ حيث أسهم الإنسانُ في عمارتها مصداقاً لقوله تعالى: "هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها"، ولذلك استمرت البشرية في البناء الحضاري عبر العصور المتعاقبةِ ، وقد كان ذلك البناءُ شاملاً لمختلف مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرِها، ومما يميز ذلك البناءَ أيضاً إسهامُ فئاتٍ متعددة من المجتمع في مجالاته المختلفة، وذلك حَسْبَ إمكاناتِها وقدراتِها، ومن بين تلك الفئات ذوو الهمم من أصحاب الإعاقاتِ سواءً أكانت تلك الإعاقاتُ بصريةً أم سمعيةً أم حركيةً، إلا أن البعض منهم امتلك همماً عاليةً دفَعَتْهُ إلى الإسهام في الحضارة الإنسانية بشكل يفوق أقرانه ممن يتمتعُ بسلامة الحواس.

 

ثانيًا-لم تقتصر إسهاماتُ ذوي الهمم في الحضارة الإنسانية على دين أو عرق، وإنما كانت عملاً إنسانيًّا مشتركاً، ولذلك أسهم المسلمون في تلك الحضارة بما امتلكوه من قيمٍ دينيةٍ دفعتهم إلى الإسهامِ والبناء والتطوير، كما شمل ذلك الإسهام مختلف الأعراق والأجناس.

 

ثالثًا-سَبْقُ الإسلامِ عقيدةً ، وشريعةً ، وأخلاقًا لاحتواء ذوي الهمم، ودمِجهم في المجتمع، واحترامِ آدميتِهم وتكريِمهم بما يليق بهم من ألوان التكريم، وأن حديثَ العالمِ عن ذوي الهمم واحتياجاتهم ليس ببعيد عنا بل هو من سمات شريعتنا الغراء، وهي حافلة أيضًا بالتوجيهات التي يجب مراعاتها في التعامل معهم، وفيها ما يغنينا عن استيراد تجاربِ الآخرين في بحث هذا الموضوع ؛ فالأُمَّة تمتلك ذخرًا وفيرًا من القواعد المنظِّمةِ لحياة ذوي الهمم، وكيف تعامل معهم الإسلامُ.

رابعًا-شهد ذوو الهمم من ذوي الاحتياجات الخاصة في الحضارة الإسلامية وعبر عصورها عنايةً فائقةً وبالأخص منهم من كانوا من ذوي الكفايات والمواهب والإبداعات، وذلك بإتاحة الفرص لهم ليقوموا بأدوارهم وينشروا مواهبَهم وإبداعاتِهم في مختلف مجالات الحياة وأن يندمجوا في مجتمعاتهم أعضاءً فاعلين  دون أي تفريق بينهم وبين غيرهم من الأسوياء.

خامسًا- سبقُ المنهجِ النبوي العملي كلَّ الثقافاتِ والحضاراتِ في دمج ذوي الإعاقة في المجتمع، وفتحِ أبواب المشاركات لهم، حتى قلَّد ذوي الكفاءةِ منهم وظائفَ عامةً، ومناصب قيادية.

 

سادسًا-الشواهدُ   كثيرة على عظمة إمكانات  ذوي الهمم متى لَقُوا الدعمَ والعنايةَ اللازمةَ والتاريخُ الإنساني ملئٌ بأولئك العظماء من ذوي الهمم الذين  أَثْرَوا بإبداعاتهم وعظيم إنجازاتهم مختلف جوانب الحياة.

سابعًا- كثيرٌ من العلماء من ذوي الهمم تَوَارى فقدانُهم البصرَ أو ابتلاؤُهم في أجسادهم وراء إسهاماتِهم المضيئةِ ، وما أبدعوه في مختلف المجالات والعلوم مُتَحَدِّين مختلفَ الصعوباتِ التي واجهتهم بل إنَّ منهم من بزَّ أقرانه من الأسوياء بعلو همته.

ثامنًا-الإعاقة الحقيقيةُ ليست إعاقةَ الجسدِ وإنما إعاقةُ الجهلِ والكسل ومجافاةُ الأسباب.

تاسعًا- إسهامات ذوي الهمم متنوعةٌ متعددةٌ ، شملت كلَّ مناحي الحياة العلمية النظرية والعملية والسياسية والاقتصادية والإدارية والعسكرية.

عاشرًا- مَن يستقصي نماذج "ذوي الهمم" من المسلمين المشاركين في مجالات التعلم، والتعليم، وتأليف الكتب في مجالات العلوم المتعددة، ويوازن هذا كلَّه بنظائره عند الأمم الأخرى، فسوف يجد أن تراث هذه الطوائفِ في تاريخ المسلمين قد فاق ما عند غيرهم بأضعاف مضاعفة.

ثانيًا-أما توصيات المؤتمر: فيوصي القائمون على المؤتمر بما يأتي:
أولاً-استخلاصُ سير وأخبارِ ودورِ العلماء وغيرِهم من ذوي الهمم في بناء المجتمع الفكري والثقافي والاجتماعي والإداري والعسكري من كتب التاريخ والطبقات ، والعملُ على حفظ هذه السير وتلك الأخبارِ في كتب مستقلة تيسيرًا للوقوف على سيرهم وإسهاماتهم، أو إنشاء معجم خاص بهم يساعد في الوقوف على أثرهم وإسهاماتهم في بناء الحضارة الإنسانية.

ثانيًا -إعادةُ النظر والتأملِ فيما ذُكِرَ في القرآن الكريم وفي الحديثِ النبوي الشريف من مواقفَ وقصصِ لبعص من ابتلاهم الله في أجسادهم إبرازًا لدورهم ، وجمعًا لآثارهم، ليكون ذلك دليلاً على تميزِهم وإبداعاتهم.

ثالثًا-الدعوةُ إلى تقديم أعمالِ فنيةٍ هادفةٍ تؤكد على مكانة ذوي الهمم، وتُقَدِّمُ القدوةَ من ذوي الهمم لأبنائنا في الجامعات المصرية والعربية والإسلامية بل وللمجتمع بأسره.

رابعًا-الدعوةُ إلى تقديمِ معالجةٍ أدبيةٍ للقيم التي احتواها القرآنُ الكريمُ والسنةُ النبويةُ المطهرة ووقائعُ وأحداثُ تاريخنا ومعطياتُ عقيدتنا وجعلُها محاورَ لأعمالٍ فنيةٍ مبدعةٍ.

خامسًا-العملُ على دمج ذوي الههم مع غيرهم من أفراد المجتمع ، فهم جزء أصيل منه ،  لهم حقوقٌ وعليهم واجباتٌ، لذا لا بد من العمل على تأهيلهم وتدريبهم حتى يكونوا أعضاءً فاعلين في المجتمع  عاملين منتجين ولأوقاتهم وجهدِهم مستثمرين، ولا يكونوا عالةً على الآخرين ولقدرهم عارفين ، كما أن اندماج هذه الفئةِ من المجتمع اجتماعيًا يساعدُها على إشباع احتياجاتها بشكل مقبول، مما يترتب عليه الشعورُ بالولاءِ والانتماءِ ومن ثَمَّ المساهمةُ في الإنتاج والتنمية المجتمعية، والعطاء العلمي المتميز.

سادسًا-تمكينُ أبنائنا الطلاب من ذوي الهمم والإرادة  في مختلف مراحل التعليم من المشاركة في الأنشطة الاجتماعية، والثقافية، والرياضية، والفنية، مع مزيد اهتمام بهم لنجني الثمرةَ المرجوةَ من وراء  هذا الاهتمام في الجوانب الاجتماعية والثقافية والعلمية.

سابعًا- رعايةُ ذوي الهمم والإرادة والاحتياجات الخاصة، وتوفيرُ الحمايةِ لهم، وتأهيلُهم مهنيًا في حدود طاقاتهم وقدراتهم؛ لينعموا بالحياة الكريمة، إضافةً إلى تطوير برامج تعليمية خاصة تتناسب مع الوضع الصحي لهم.

ثامنًا-العملُ على تنمية شخصية ذوي الهمم والإرادة والاحتياجات الخاصة والقوى الإيجابيةِ السليمةِ لديهم وبثِ الثقة في نفوسهم عن طريق النظر إلى الجوانب الإيجابية لديهم واستثمارِها بالخير مما يشعرهم بفعاليتهم في الحياة.

تاسعًا- رفعُ مستوى الوعي المجتمعي تجاه ذوي الهمم والاحتياجات الخاصة، وإحداثُ تغيير يَحُدُّ من النظرة السلبية في المجتمع لذوي الهمم والاحتياجات الخاصة.

عاشرًا- تفعيلُ دور الجمعيات والمؤسسات المعنيةِ والتنسيقُ فيما بينها من أجل إسعاد ومساعدة أصحاب الهمم وذوي الاحتياجات الخاصة، وتقديمُ النموذج لهم من ذوي الهمم والإرادة في الحقب الزمنية المختلفة.

حادي عشر: اعتماد مصطلح ذوي الهمم والإرادة أو ذوي الاحتياجات الخاصة بدلاً من مصطلح المعاق لما لها من أثر نفسي طيب ولما للمصطلح من دلالات توحي بواجب الأصحاء تجاه ذوي الهمم وذوي الإرادة وذوي الاحتياجات الخاصة.

ثاني عشر: ضمانُ حقوق ذوي الهمم والاحتياجاتِ الخاصةِ  الماديةِ والمعنويةِ كحق المأكلِ والملبس والمسكن والتعليم والتشغيل وملكيةِ المال والمعاملةِ الحسنة الكريمة، والمشاركةِ في الأنشطة الاجتماعية.
ثالث عشر: الإرشاد المناسبُ للأسر حتى تقوم بدورها على الوجه الأكمل في جعل المنزل مكملاً للمؤسسة التعليمية في الأنشطة والبرامج التعليمية والتأهيلية والتدريبية للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة.

رابع عشر: ينبغي اعتمادُ مؤسسةٍ أو أكثرَ  من المؤسسات أو الجهات الأمنية للرجوع إليها في حالة تعرض ذوي الاحتياجات لمساءلة قانونية أو أمنيةٍ حتى يتم استنباط المعلومة من جهة متخصصة.

خامس عشر-فتح المجال أمام النابغين من ذوي الهمم لتولي الوظائف والمناصب القيادية التي تتواءمُ مع ظروفهم  ما داموا قادرين على تَحَمُّلِ أعبائها  والوفاءِ بمقتضياتِها  ومتطلباتِها، ولنا في رسول الله أسوة حسنة،  وعدمُ حرمانهم من تلك المناصبِ بداعي ظروفهم وحجةِ تقصيرهم مما يتنافى مع مبادئ العدل والمساواة والتي هي حجر الزاوية في صناعة الحضارات وبناء الأمم.

سادس عشر-إنشاء مراكزَ بالجامعات المصرية والعربية لرعاية ذوي القدرات والاحتياجات الخاصة لتقديم الدعم المعنوي والمادي والعمل على حل مشاكلهم.

سابع عشر- يهيب المؤتمر بالدول العربية والإسلامية أن تجعل لذوي الهمم مكانًا ملائمًا عند وضع رُؤَاهَا التنمويةِ المستقبليةِ والدستوريةِ، وأن تنظر في اختيار ممثلين منهم  عند صياغة تلك الرؤى ؛ لأنهم أدرى بأحوالهم وأعلمُ باحتياجاتهم وأقدرُ على معرفة الوسائل التي يخدمون بها بلادَهم، وفي هذا الإطار  يشيد المؤتمر بما كان من أمر حكومتنا في رؤيتها 20/30 إذ ضمنت دستورنا ما يؤكد مكانة ذوي الهمم في دولتنا ووضعت لهم إحصاءً دقيقًا لضمان  هندسة نظام ملائمٍ يسمح بتقديم الخدمات المتكاملة لهم، وأسست مجلسًا خاصًا يُعْنَى بهم وبقضاياهم  يتبع مباشرة مجلس الوزراء.