الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الحكومة تعتزم تحرير سوق الغاز الطبيعي.. ماذا يعني القرار وأهميته للقطاع الخاص؟

الغاز الطبيعي
الغاز الطبيعي

تبحث الحكومة إلى إحداث طفرة في سوق استيراد الغاز الطبيعي من الخارج من خلال السماح للكيانات الراغبة في استيراد الغاز سواء من القطاع الخاص أو شركات إنتاج الغاز في مصر، للقيام باستيراد شحنات "مسالة أو غير مسالة" عبر أسواق خارجية بعد الحصول على ترخيص من الشركة القابضة للغاز الطبيعي إيجاس.

كشفت مصادر حكومية عن اعتزام مصر  تحرير سوق الغاز الطبيعي بشكل كامل والسماح لشركات القطاع الخاص باستيراد الغاز من الخارج لنفسها وللغير خلال فترة من 3 و5 سنوات.

تحرير سوق الغاز 

بحسب المصادر التي تحدثت لـ "العربية Business" سيتم التعامل مع شركاء ومستوردين للغاز الطبيعي من أسواق خارجية، على أن تخضع الشحنات الواردة لتعريفة تُحدد من قبل جهاز تنظيم أنشطة سوق الغاز.

ولفتت المصادر إلى تطور تعريفة نقل الغاز خلال الفترة من 2018 وحتى 2023، حيث تم إقرار تعريفة عام 2018 بنحو 38 سنت لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، و29 سنت في 2019، ثم قفزت التعريفة إلى 37.5 سنت للمليون وحدة حرارية في 2020، ثم 38.6 سنت في 2021، و41.7 سنت العام الماضي، قبل أن تتراجع إلى 37.6 سنت خلال العام الجاري.

وتابعت المصادر أنه سيتم السماح للكيانات الراغبة في استيراد الغاز سواء من القطاع الخاص أو شركات إنتاج الغاز في مصر، للقيام باستيراد شحنات "مسالة أو غير مسالة" عبر أسواق خارجية بعد الحصول على ترخيص من الشركة القابضة للغاز الطبيعي (إيجاس)، لتكون شريكا للحكومة في توفير الغاز للسوق المحلية لضمان تشبعه باحتياجاته وكذلك استغلال كامل القدرات التشغيلية المتاحة بمحطات الإسالة في إدكو ودمياط.

ويوجد في مصر مصنعان لإسالة الغاز الطبيعي، الأول في إدكو مملوك للشركة المصرية للغاز الطبيعي المسال، ويضم وحدتين للإسالة بطاقة استيعابية تصل إلى نحو 1.35 مليار قدم مكعبة يومياً من الغاز الطبيعي، والآخر في دمياط ومملوك لشركة  إيني الإيطالية وإيجاس وهيئة البترول المصرية، ويضم وحدة واحدة فقط بطاقة تصل إلى نحو 750 مليون قدم مكعبة يومياً.

وارتفعت كميات الغاز الطبيعي التي تستوردها مصر من إسرائيل في العام المالي الماضي المنتهي في يونيو 2023، بنسبة 42.77%، لتصل إلى 272.7 مليار قدم مكعبة من الغاز، مقابل 191 مليار قدم مكعبة في العام المالي السابق 2021-2022، وفقاً لتقرير الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية (إيجاس).

وأشارت المصادر إلى أنه سيتم السماح للشركات المستوردة للغاز باستخدام التسهيلات المتاحة في مصر بعد دفع تعريفة النقل شريطة أن يتم ضمان ذهاب الغاز إلى مستخدمين فعليين بالسوق المحلية أو تصديره للخارج.

وأوضحت أن تحرير سوق الغاز سيعزز من قدرة الدولة المصرية على التحول إلى مركز إقليمي لبيع وتداول الغاز بالمنطقة، ومن ثم تحقيق إيرادات دولارية جيدة بجانب تلبية احتياجات السوق.

وتستخدم مصر بعض الغاز الإسرائيلي لتلبية احتياجاتها المحلية وتصدر الفائض إلى جانب غازها الطبيعي المسال، إلى أوروبا في المقام الأول، لكن ذلك توقف في ظل زيادة الاستهلاك المحلي.

وتأثرت مصر بداية نوفمبر الماضي بتوقف وارداتها من الغاز الطبيعي من إسرائيل بسبب الحرب في غزة بين إسرائيل وحماس، قبل أن تعود عمليات ضخ الغاز للتدفق إلى القاهرة بمعدلاتها المُعتادة منتصف نوفمبر الماضي.

وصدرت مصر نحو 39 شحنة من الغاز المسال في العام المالي 2022-2023 من خلال محطة الإسالة في إدكو، مقابل 44 شحنة في 2021-2022، كما صدرت نحو 41 شحنة من الغاز المسال من خلال مصنع الإسالة في دمياط، مقابل 40 شحنة في السنة المالية السابقة.

وأظهرت بيانات الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية "إيجاس" في سبتمبر الماضي، أن متوسط إنتاج مصر من الغاز الطبيعي خلال العام المالي الماضي "2022-2023"، بلغ نحو 6.2 مليار قدم مكعبة يوميا.

مفاجأة في يناير 2024 

قال مسؤول في وزارة البترول والثروة المعدنية، إن مصر تعتزم توفير مليار قدم مكعبة من الغاز الطبيعي المسال يوميًا للتصدير بداية من يناير 2024.

وأضاف المسؤول في تصريحات لـ"العربية business"، أن إنتاج مصر من الغاز يتراوح حاليًا بين 5.9 و6.1 مليار قدم مكعبة يوميًا، في حين يصل الاستهلاك إلى 7 مليارات قدم مكعبة يوميًا خلال الصيف، إذ يتم تدبير باقي الاحتياجات من 850 لـ 900 مليون قدم مكعبة يوميًا عبر الاستيراد من إسرائيل.

وقال مصدر مطلع على موقف إمدادات الغاز الطبيعي المسال، إن واردات مصر من الغاز الإسرائيلي عادت إلى مستويات ما قبل الحرب عند 850 مليون قدم مكعبة يومياً.

وأضاف أن الاستهلاك المحلي من الغاز بدأ الانخفاض تدريجيًا مع انخفاض حرارة الطقس، متوقعًا وصوله لأدنى مستوى عند 6 مليارات قدم مكعبة يوميًا بداية من يناير المقبل.

وبحسب المسؤول، فإن وزارة البترول تسعى إلى الاستفادة من الانخفاض في الاستهلاك وتوفير نحو مليار قدم مكعب يوميًا من الغاز المسال لتصديره إلى الخارج.

وذكر المسؤول أن الأسواق الراغبة حاليًا في الحصول على الغاز المسال هي الأسواق الأوروبية، بجانب شحنات قليلة ستورد إلى آسيا عبر خط الغاز العربي.

وقامت مصر بتصدير 80% من شحناتها من الغاز المسال إلى أوروبا العام الماضي مع ارتفاع الطلب بعد قيام روسيا بتخفيض إمدادات الغاز عبر الأنابيب إلى القارة.

ويمكن لمحطات الغاز الطبيعي المسال المصرية على ساحل البحر المتوسط أن تصدر 12 مليون طن متري سنوياً، وهو رقم تهدف البلاد إلى الوصول إليه في عام 2025.

وأظهرت بيانات للشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية "إيجاس" سبتمبر الماضي، أن متوسط إنتاج مصر من الغاز الطبيعي خلال العام المالي الماضي (2022-2023)، بلغ نحو 6.2 مليار قدم مكعبة يوميًا.

وفقاً لدراسة نشرت بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية قال الدكتور أحمد سلطان المتخصص في شؤون النفط والطاقة، إن مصر قد احتلت المركز رقم 14عالميًا، والمركز الثاني في القارة الإفريقية، والخامس إقليميًا، في إنتاج الغاز الطبيعي وذلك في عام 2020، وذلك بفضل العديد من مشروعات تنمية وتطوير الغاز الطبيعي، مثل حقل ظهر (قدرة إنتاجية سنوية تبلغ حوالي 28 مليار متر مكعب)، ومشروع تنمية حقل ريفين (قدرة إنتاجية سنوية تبلغ حوالي 8.7 مليار متر مكعب)، ومشروع تنمية حقل نورس (قدرة إنتاجية سنوية تبلغ حوالي 4.6 مليار متر مكعب).

وأضافت الدراسة، أن زيادة إنتاج الغاز الطبيعي كانت لها انعكاسات إيجابية وتأثيرات على زيادة الناتج المحلي، زيادة الصادرات المصرية، المساهمة في تعظيم العائدات الدولارية، التأثير الإيجابي في الاقتصاد المصري، و الحد من تأثير الارتفاع الحالي في أسعار النفط العالمية في قيمة فاتورة استيراد النفط الخام والمنتجات النفطية.

وتابعت الدراسة: غيرت اكتشافات الغاز الطبيعي التي شهدتها الدولة في الفترة الممتدة من 2014 إلى 2023 المشهد المصري للطاقة بشكل كامل، مما انعكس على وضع مصر في صناعة الغاز الطبيعي، مما أدى إلى تغيير مكانتها على خريطة الطاقة العالمية، فبرزت كقوة كبرى في إنتاج الغاز، ليس على مستوى المنطقة؛ بل العالم بأسره، ولتؤكد بذلك أهميتها ودورها الرئيسي في السوق العالمية للغاز الطبيعي المُسال، وذلك ما تُدل عليه الأرقام الحالية في تلك الصناعة والصادرات الأعلى منذ عام 2011، وعليه يمكن القول، إنّ مصر بكل مقوماتها أعدت نفسها لتعزيز مكانتها كمركز عالمي لتداول الطاقة، وهي تلعب حاليًا الدور كأبرز المنتجين والمصدرين في منطقة الشرق الأوسط وسوق مهمة لتزويد القارة الأوربية بالغاز.