الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حكم صلاة الفجر للمسافر قبل حلول الوقت.. دار الإفتاء ترد

صلاة الفجر
صلاة الفجر

ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما حكم صلاة الفجر لمن يسافر قبلها؟ فأنا أخْرُج من بيتي مسافرًا قبل الفجر، ولا أَصِل مكان العمل إلَّا بعد طلوع الشمس؛ فما الحكم؟

وقالت دار الإفتاء، في فتوى لها، إنه إذا شَرَع المسلم في السفر إلى محلِّ عمله قبل أذان الفجر ثم دخل وقت الفريضة: فإن كان يَعْلَم أنَّه يَصِل عادةً إلى مكانٍ يمكنه الصلاة فيه آتيًا بشروط الصلاة وأركانها قبل طلوع الشمس؛ فعليه تأخيرها إلى ذلك الحين، وإن كان يَعْلَم أنَّه لا يَصِل إلى شيءٍ من ذلك إلَّا بعد طلوع الشمس، ويتعذر عليه أداء الصلاة تامةَ الشروط والأركانِ في المواصلات؛ فليُصلِّها آتيًا بما يَقْدِر عليه من الشروط والأركان، ويستحب له بعد ذلك إعادة الصلاة إن بقي وقتها، أو يقضيها إذا خرج الوقت.

وقت أداء صلاة الصبح

وأوضحت، دار الإفتاء، أن وقت أداء صلاة الصبح يَبْدَأ من طلوع الفجر الصادق، وينتهي بطلوع الشمس؛ لحديث عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «وَوَقْتُ صَلاَةِ الصُّبْحِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ مَا لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ» أخرجه مسلم، ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «إِنَّ لِلصَّلَاةِ أَوَّلًا وَآخِرًا»، حتى قال: «وَإِنَّ أَوَّلَ وَقْتِ الْفَجْرِ حِينَ يَطْلُعُ الْفَجْرُ، وَإِنَّ آخِرَ وَقْتِهَا حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ» أخرجه أحمد والترمذي.

تأخير الصلاة بغير عذر

وذكرت دار الإفتاء، أن تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها من غير عذرٍ حرامٌ شرعًا؛ لقول الله تعالى: ﴿رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ﴾ [النور: 37].

قال الخطيب الشربيني الشافعي في تفسيره "السراج المنير في الإعانة على معرفة بعض معاني كلام ربنا الحكيم الخبير" (2/ 626، ط. مطبعة بولاق، القاهرة): [وحُذِف من قوله تعالى: ﴿وَإِقَامِ الصَّلَاةِ﴾ الهاءُ تخفيفًا؛ أي: وإقامة الصلاة، وأراد أداءها في وقتها؛ لأنَّ مَن أخَّر الصلاة عن وقتها لا يكون مِن مُقِيمِي الصلاة، وإنما ذكر إقام الصلاة مع أن المراد من ذكر الله الصلوات الخمس؛ لأنه تعالى أراد بإقامة الصلاة حِفظَ المواقيت] اهـ.

وقال أيضًا في "تفسيره" (1/ 329): [﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا﴾ أي: مكتوبًا؛ أي: مفروضًا ﴿مَوْقُوتًا﴾، أي: مقدّرًا وقتُها لا تُؤخَّر عنه ولا تُقدَّم عليه] اهـ.

وأوضحت، أن التأخير والتقديم على الوقت المؤقت له في الصلوات التي يرخص جمعها مع غيرها في غير ما هو منصوصٌ عليه -كالسفر والمطر- إنما يجوز شرعًا الأخذ به في حالة الحرج والعذر أو بشرط أن لا يتخذه المسلمُ عادةً له.

ومن الأعذار -مثلًا-: النوم؛ فعن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ، إِنَّمَا التَّفْرِيطُ فِي الْيَقَظَةِ؛ أَنْ تُؤَخَّرَ صَلَاةٌ حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ أُخْرَى» أخرجه أبو داود -واللفظ له- والترمذي والنسائي.

فدَلَّ الحديث الشريف على أَنَّ ترك الصلاة من غير عذرٍ حتى يخرج وقتُها يُعَدُّ تفريطًا محرَّمًا شرعًا؛ قال الإمام المناوي في "فيض القدير" (5/ 375، ط. المكتبة التجارية الكبرى-مصر): [«إنَّما التَّفْريطُ في اليَقَظَةِ أن تُؤخّر صَلَاةٌ حتّى يدخُلَ وقتُ صَلَاةٍ أُخرى» أي: على مَنْ تَرَك الصلاة عامدًا، فلا تفريط في نسيانها بلا تقصير. وهذا في غير الصبح -أي أن وقتها غيرُ ممتدٍّ إلى ما بعدها وهي صلاة الظهر-، أما فيها -أي الصبح-: فوقتها إلى طلوع الشمس؛ لمفهوم خبر: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ، فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ»] اهـ.

وقد نُقل إجماع العلماء على ذلك؛ قال الحافظُ أبو عمر بن عبد البر المالكي في "الاستذكار" (1/ 80، ط. دار الكتب العلمية-بيروت)، فقال: [وقد أجمع العلماء على أنَّ تارك الصلاة عامدًا حتى يخرج وقتُها عاصٍ لله. وذكر بعضُهُم أنها كبيرةٌ من الكبائر] اهـ.

وعليه: فلا يجوز تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها إلا لعذر معتبر؛ كالاستغراق في النوم قبل دخول الوقت، أو النسيان، أو لرخصة شرعية؛ كالجمع في السفر، ويستثنى من الجمع صلاةُ الصبح؛ لأنها لا تُجْمَع مع غيرها؛ فيجب على المصلي أداؤها في وقتها ما بين طلوع الفجر الصادق إلى طلوع الشمس.