ودعت مصر والعالم الإسلامي اليوم السبت القارئ الكبير الشيخ السيد سعيد، أحد أعلام تلاوة القرآن الكريم، والذي رحل عن عمر ناهز 81 عامًا، بعد معاناة طويلة مع مرض الفشل الكلوي.
وكانت أسرته قد أعلنت وفاته منذ قليل، لتطوي بذلك صفحة مشرقة من صفحات القرّاء الكبار الذين وهبوا حياتهم لخدمة كتاب الله.
من هو الشيخ السيد سعيد
الشيخ السيد سعيد، الذي لقّب بـ"سلطان القراء"، كان قد توقف عن التلاوة منذ عدة سنوات بسبب حالته الصحية، إذ كان يخضع لجلسات غسيل كلوي منتظمة 3 مرات أسبوعيًا.
وعلى مدار فترة مرضه، حظي باهتمام كبير من الدولة المصرية، حيث وجّه الرئيس عبد الفتاح السيسي بمتابعة حالته، وتكفلت وزارة الصحة بنقله عبر سيارات إسعاف مجهزة إلى المستشفيات العسكرية لإجراء الفحوصات والتحاليل الطبية بشكل دوري.
نقابة محفظي وقراء القرآن الكريم بجمهورية مصر العربية نعت الشيخ الجليل ببيان رسمي، قدّمت فيه خالص العزاء إلى الأمة الإسلامية، وسألت الله أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يسكنه فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
مولده
الشيخ السيد سعيد وُلد عام 1943 في قرية "ميت مرجا سلسيل" بمحافظة الدقهلية، ونشأ في أسرة فقيرة مكوّنة من 9 أبناء، وكان أصغر إخوته الذكور.
امتلك منذ صغره موهبة صوتية مميزة، وشجّعه والده على حفظ القرآن الكريم، فأتم حفظه كاملًا وهو في التاسعة من عمره، وبدأت رحلته مع التلاوة في كُتّاب القرية على يد الشيخ عبدالمحمود عثمان.
من كفر سليمان بمحافظة دمياط انطلقت شهرته، حيث لمع اسمه في طفولته وبدأ يُدعى لإحياء الليالي القرآنية في كل مكان بالمحافظة.
ورغم تركه الدراسة في المعهد الأزهري مبكرًا بسبب ظروف أسرته المادية، إلا أن طريقه في التلاوة كان واضحًا، وكرّس حياته للقرآن الكريم.
على يد الشيخ إبراهيم محمد غنيم، تعلّم القراءات وأقام معه 3 سنوات في قرية الكردي، فيما اكتسب المقامات الموسيقية بالسماع دون دراسة أكاديمية.
وكان معروفًا بتواضعه الشديد، حيث لم يكن يطلب أجرًا مقابل التلاوة، بل كان يقول: "أقرأ القرآن حبًا فيه، لا لطلب مال، فآيات الله لا تُشترى".
سافر الشيخ الراحل إلى العديد من دول العالم ليتلو القرآن، منها الإمارات، لبنان، جنوب أفريقيا، إيران، وسويسرا، وترك بصمة لا تُنسى في كل مكان وصل إليه صوته العذب.
بوفاته، فقدت مصر صوتًا من الأصوات النادرة في سماء التلاوة، وواحدًا من أصحاب المدرسة الأصيلة في الترتيل والتجويد، لكن إرثه القرآني سيظل خالدًا في أذهان المحبين وقلوب المستمعين.