بعد ساعات من فشل مشروع قانون حل الكنيست، شنت إسرائيل هجومًا استراتيجيًا على إيران، مما غير المشهد السياسي الداخلي بشكل ملحوظ، وخاصة فيما يتعلق بالأحزاب الحريدية (اليهودية المتشددة) وتهديداتها السابقة بإسقاط الحكومة بسبب أزمة التجنيد الإجباري للحريديم.
اندلعت الأزمة الأخيرة التي كادت تطيح بائتلاف بنيامين نتنياهو بسبب تأخر الحكومة في تمرير قانون ينظم إعفاء الحريديم من الخدمة العسكرية. وقد أدى ذلك إلى انقسام داخل الأحزاب الحريدية نفسها، حيث صوت بعض نواب حزب "أجودات يسرائيل" لصالح حل الكنيست، بينما عارضه نواب "ديجل هتوراه" و"شاس" بعد تفاهمات غير رسمية مع رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، يولي إدلشتاين.
لكن المشهد تغير جذريًا بعد الضربة الإسرائيلية لإيران، والتي جرت بتنسيق مسبق أبلغ به كل من إدلشتاين وزعيم "شاس" أرييه درعي. ومنذ ذلك الحين، التزم معظم النواب الحريديم الصمت، وتراجع التهديد المباشر بانسحابهم من الائتلاف، وفق تقرير نشرته صحيفة جيروزليم بوست العبرية.
وتعامل رئيس وزراء الاحتلال نتنياهو مع استقالة وزير الإسكان يتسحاق جولدكنوبف بهدوء، وعين الوزير حاييم كاتس مؤقتًا، في خطوة مشابهة لما فعله حين انسحب إيتمار بن غفير في يناير الماضي، إذ احتفظ بمناصب وزرائه إلى حين عودته في مارس.
لكن التهديد لم يختف تمامًا، بل تم تأجيله مؤقتًا. فمع حلول يوليو، يخطط الجيش الإسرائيلي لإرسال نحو 54 ألف أمر تجنيد جديد للحريديم، بالإضافة إلى تشديد إجراءات تطبيق القانون، وهو ما قد يخلق أزمة جديدة إذا لم يقر قانون التجنيد المعدل في الكنيست خلال الصيف.
في ظل أجواء التضامن الوطني التي تعيشها إسرائيل بعد الضربات الإيرانية، تدرك الأحزاب الحريدية أن إثارة قضية التجنيد الآن قد تفسر كخطوة أنانية وغير وطنية. لذا، فإن استمرار العمليات ضد إيران سيمنح الحكومة مزيدًا من الوقت و"هدنة داخلية"، لكنها هدنة مؤقتة.
فإذا خف التصعيد الإيراني خلال الأسبوعين القادمين، فقد تعود الحريديم إلى الضغط لتمرير قانون يضمن إعفاءهم، وقد يعيدون التهديد بالانسحاب في حال المماطلة.
رغم أن نتنياهو لا يزال يحتفظ بالأغلبية (61 مقعدًا) مع بقاء "شاس" في الحكومة، فإن الائتلاف سيكون أكثر هشاشة من أي وقت مضى، وقد يحتاج إلى دعم محتمل من حزب "الوحدة الوطنية" بقيادة جانتس وأيزنكوت.