بينما تتواصل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023، تسارعت الجهود السياسية والدبلوماسية في المنطقة، بقيادة مصر، للتوصل إلى هدنة توقف نزيف الدم الفلسطيني وتفتح الطريق نحو تهدئة شاملة.
وفي قلب هذه التحركات، تلعب القاهرة دورًا محوريًا إلى جانب الدوحة وواشنطن، في مفاوضات معقدة تُجرى حاليًا في العاصمة القطرية، وسط إشارات إسرائيلية إلى إمكانية إبداء مرونة غير معهودة في بعض الملفات العالقة.

تحركات مصرية على أعلى المستويات
من جانبه، أجرى رئيس المخابرات العامة المصرية، اللواء حسن محمود رشاد، سلسلة لقاءات رفيعة المستوى في الدوحة، شملت رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني، بالإضافة إلى وفود المفاوضات من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
وتأتي هذه اللقاءات في إطار مساعٍ مصرية-قطرية مكثفة لتذليل العقبات التي لا تزال تعيق التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وشددت المصادر على أن القاهرة والدوحة تتفقان على أهمية وقف الحرب، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية، إلى جانب التوصل إلى تفاهم بشأن الإفراج المتبادل عن الأسرى والمحتجزين.
جهد ثلاثي.. القاهرة والدوحة وواشنطن في خط المواجهة الدبلوماسية
يواصل الوسطاء المصريين والقطريين، بالتنسيق مع الولايات المتحدة، اتصالاتهم واجتماعاتهم مع مختلف الأطراف الفاعلة، في محاولة للدفع باتجاه تفاهمات شاملة تُفضي إلى تهدئة مستدامة، وتشير التطورات الأخيرة إلى توافق نسبي بين القوى الوسيطة على معايير إنجاح الهدنة، رغم تباين الأولويات بين الفصائل الفلسطينية وتل أبيب.
وتستضيف العاصمة القطرية الدوحة في الوقت الراهن جولة من المفاوضات غير المباشرة بين حركة حماس وإسرائيل، وتهدف هذه الجولة بالأساس إلى وضع حد للعمليات العسكرية، وبلورة صيغة اتفاق تعالج الجوانب الإنسانية والأمنية في آن واحد.
حصيلة الحرب.. أرقام مأساوية ومعاناة مستمرة
في غضون ذلك، تتواصل المأساة الإنسانية في قطاع غزة مع ارتفاع أعداد الضحايا بشكل يومي، فقد بلغ عدد الشهداء الفلسطينيين 57,680، فيما أُصيب أكثر من 137,409 آخرين منذ بدء العدوان الإسرائيلي في أكتوبر 2023، بحسب آخر الإحصائيات الصادرة عن الجهات الصحية في غزة.
ومع اشتداد الضربات الجوية والمدفعية واستمرار الحصار، تحذر منظمات إنسانية من تفاقم الكارثة، وسط نقص حاد في الأدوية والمواد الغذائية ووقود المستشفيات، إضافة إلى نزوح مئات الآلاف من منازلهم نحو مناطق أقل تعرضًا للقصف.
نتنياهو يلوّح بالمرونة.. تفاهمات محتملة على الطاولة
وفي تطور لافت، ذكرت هيئة البث الإسرائيلية نقلًا عن مصادر سياسية حضرت جلسة "الكابينت" الأمني المصغر، أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أبدى موقفًا أكثر مرونة من السابق فيما يتعلق بشروط التفاوض مع حركة حماس.
وبحسب ذات المصادر، فإن نتنياهو أعرب عن استعداده للنظر في التنازل عن السيطرة على محور "موراغ"، وهو الممر العسكري الذي يفصل بين خان يونس ورفح جنوب قطاع غزة، وهو بند حساس كانت إسرائيل ترفض حتى مناقشته في مراحل سابقة.
وقالت التقارير إن نتنياهو أبلغ أعضاء الكابينت أنه "عازم على التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار"، مضيفًا أنه منفتح على "حلول وسط"في سبيل إتمام صفقة تبادل أسرى مع حماس.
هل تقترب التهدئة؟
مع ارتفاع وتيرة الحراك الدبلوماسي، وانخراط أطراف إقليمية ودولية بشكل أكثر فاعلية، تبدو فرص التوصل إلى هدنة في غزة أكبر من أي وقت مضى، خاصة في ظل الإشارات الإيجابية التي خرجت من تل أبيب.
ومع ذلك، فإن التجارب السابقة تشير إلى أن الطريق لا يزال محفوفًا بالتعقيدات، في ظل غياب الثقة المتبادل وتضارب الحسابات السياسية والميدانية بين أطراف الصراع.