تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا مضمونه ما حكم كلام القائمين على المسجد أثناء خطبة الجمعة لتنظيم الناس؟ أحيانا تقتضي الحاجة في المسجد الكلام في أثناء خطبة الجمعة؛ لتنظيم حركة الناس في المسجد والأماكن التي يجلسون فيها ونحو ذلك، فهل يجوز للقائمين على المسجد الكلام وتوضيح ذلك أثناء خطبة الجمعة؟
وأجاب الدكتور نظير عياد مفتى الجمهورية عن السؤال قائلا:
إنه يجوز للقائمين على أمر المسجد الكلام في أثناء الخطبة ما دام كان هناك حاجة تدعو إلى ذلك، كتنظيم حركة النَّاس وأماكن الجلوس فيه، مع التنبيه على أنَّه إن كانت الإشارة تغني عن الحركة أو الكلام، فإنَّه يقتصر عليها جلبًا للثواب وزيادة في الأجر ومحافظة على السكينة والهدوء حتى يحصل الإنصات للمصلين.
حكم كلام العاملين على المسجد في أثناء خطبة الجمعة لتنظيم حركة الناس
وأضاف عبر موقع دار الإفتاء أن ما يفعله القائمون على المسجد من كلام أو إشارة أثناء الخطبة؛ لتنظيم حركة الناس في المسجد والأماكن التي يجلسون فيها عند الزحام أمر فيه مصلحة العامة وليس فيه حرمة ولا يبطل ثوابها.
والدليل على عدم بطلانها بالإشارة أيضًا: ما روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: دخل رجل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على المنبر يوم الجمعة فقال: يا رسول الله، متى الساعة؟ فأشار إليه الناس أن اسكت، فسأله ثلاث مرات، كل ذلك يشيرون إليه أن اسكت، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند الثالثة: «وَيْحَكَ! مَاذَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟» أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"، ولم ينكر صلى الله عليه وآله وسلم الإشارة منهم.
بل قد ذهب الفقهاء إلى وجوب الكلام أو الإشارة في أثنائها -سواء أكان من الخطيب أم من المأمومين-، إذا كانت هناك ضرورة لذلك أو حاجة، كالتحذير من الضرر أو الأذى الذي قد يصيب أحد المصلين أو غيرهم من المارة؛ لأنَّ الإنذار يجب لحق الآدمي والإنصات لحق الله تعالى ومبناه على المسامحة، فالصلاة تقطع لذلك.
قال الإمام زين الدين ابن نجيم المصري الحنفي في "البحر الرائق" (2/ 168، ط. دار الكتاب الإسلامي): [لو رأى رجلًا عند بئر فخاف وقوعه فيها أو رأى عقربًا تدب إلى إنسان، فإنه يجوز له أن يحذره وقت الخطبة؛ لأن ذلك يجب لحق آدمي، وهو محتاج إليه، والإنصات لحق الله تعالى ومبناه على المسامحة كما في "السراج الوهاج"] اهـ.
وقال الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (1/ 553، ط. دار الكتب العلمية): [فأمَّا إذا رأى أعمى يقع في بئر أو عقربًا تدب على إنسان فأنذره أو علم إنسانًا شيئًا من الخير أو نهاه عن منكر، فهذا ليس بحرام قطعًا بل قد يجب عليه، لكن يستحب أن يقتصر على الإشارة إن أغنت] اهـ.
وقال العلامة منصور البُهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (2/ 53) عن وجوب الكلام في أثناء الخطبة عند حصول ضرر أو أذى: [(ويجب) الكلام (لتحذير ضرير وغافل عن بئر)، وعن (هلكة، ومن يخاف عليه نارًا أو حية ونحوه) مما يقتله أو يضره؛ لإباحة قطع الصلاة لذلك] اهـ.
وبناء على ذلك فإن الأصل الإنصات والاستماع وعدم الكلام في أثناء خطبة الجمعة؛ لتحصيل كل كلمة تخرج من فم الخطيب، إلَّا أنَّه قد لا يحرم الكلام في أثنائها؛ لضرورة أن يكون فيها إزالة ضرر قد يصيب إنسانًا أو حاجة تحقق الأصل فيه، كتنظيم حركة النَّاس؛ لتحقيق أكثر استفادة يحصلها المُصلِّي من الخطيب.