تبادلت القوات التايلاندية والكمبودية إطلاق النار، اليوم الخميس، في مناطق حدودية متنازع عليها، في تصعيد عسكري خطير أسفر عن مقتل ما لا يقل عن تسعة مدنيين وإصابة العشرات، وسط انهيار متسارع في العلاقات الدبلوماسية بين الجارتين في جنوب شرق آسيا.
واتهمت كل من بانكوك وبنوم بنه الأخرى ببدء الاشتباكات التي وقعت في ست مناطق حدودية مختلفة، بينما أغلقت تايلاند جميع المعابر البرية مع كمبوديا، وسحبت سفيرها من بنوم بنه، فيما ردت كمبوديا بإجراء مماثل، في أحدث فصول نزاع يعود إلى عقود حول السيادة على مناطق أثرية حدودية.
مواجهات وعمليات قصف قرب معابد تاريخية
وذكرت وزارة الدفاع التايلاندية أن أعنف الاشتباكات وقعت في محافظة "سي سا كيت"، حيث لقي ستة أشخاص مصرعهم إثر قصف على محطة وقود، كما أُصيب 14 شخصًا آخرون في ثلاث محافظات حدودية.
وأعلنت بانكوك أن قواتها شنت غارات جوية، الخميس، استهدفت مواقع عسكرية كمبودية، في حين قالت وزارة الدفاع الكمبودية إن طائرات حربية تايلاندية ألقت قنابل قرب معبد "برياه فيهير" الأثري، المُتنازع عليه بين الجانبين.
وصرّح المتحدث باسم وزارة الدفاع التايلاندية، سوراسانت كونجسيري، بأن الاشتباك الأول بدأ صباح الخميس قرب معبد "تا موين توم"، الواقع بين مقاطعتي "سورين" التايلاندية و"أودار مينشي" الكمبودية. وقد نُشرت لقطات فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي تُظهر مدنيين تايلانديين يفرون من منازلهم إلى ملاجئ خرسانية هربًا من القصف.
اتهامات متبادلة واستخدام للطائرات دون طيار
وقالت السلطات التايلاندية إن جنودها رصدوا طائرةً مسيّرة قبل رؤية ستة جنود كمبوديين مسلحين يقتربون من موقع حدودي تايلاندي. وأضافت أن الجنود التايلانديين حاولوا نزع فتيل التوتر بالصراخ، لكن القوات الكمبودية فتحت النار أولًا.
في المقابل، قالت وزارة الدفاع الكمبودية إن تايلاند هي من استخدمت طائرة مسيّرة أولًا، ووصفت الاشتباك بأنه "ردّ دفاعي على خرق غير مبرر للحدود السيادية من جانب القوات التايلاندية".
وجاء هذا التصعيد بعد انفجار لغمٍ أرضي، أمس الأربعاء، قرب الحدود، أدى إلى إصابة خمسة جنود تايلانديين، فقد أحدهم ساقه. وتشير بانكوك إلى أن الألغام زُرعت حديثًا في طرقٍ جرى الاتفاق مسبقًا على خلوها من الألغام، مؤكدة أنها من نوع روسي لا يستخدمه الجيش التايلاندي. وردّت كمبوديا بأن هذه الاتهامات "لا أساس لها"، مشيرةً إلى وجود مئات الألغام من مخلفات الحروب السابقة.
وعلى خلفية تلك الحادثة، أعلنت تايلاند سحب سفيرها من كمبوديا وطرد السفير الكمبودي، وهو ما ردّت عليه بنوم بنه بطرد السفير التايلاندي واستدعاء طاقمها الدبلوماسي من بانكوك.
ويُذكر أن المنطقة الحدودية شهدت توترات متكررة خلال السنوات الماضية، خاصةً حول معبد "برياه فيهير" الأثري، الذي يبلغ عمره نحو ألف عام. وكانت محكمة العدل الدولية قد أقرت، في عام 1962، بسيادة كمبوديا على الموقع، وهو حكم لا تزال تايلاند تتحفظ عليه.
وفي عام 2011، اندلع قتال دموي في المنطقة نفسها، أسفر عن مقتل نحو 20 شخصًا، ما دفع كمبوديا للعودة إلى المحكمة الدولية، التي أكدت، في عام 2013، قرارها السابق، مما أثار موجة غضب جديدة في تايلاند.