في مشهد يعكس عمق العلاقات الثنائية بين مصر والبحرين، شهدت القاهرة انعقاد منتدى الأعمال المصري البحريني، الذي أسفر عن توقيع 22 مذكرة تفاهم واتفاقية تعاون، بينها 8 اتفاقيات رئيسية، بحضور رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي وولي عهد البحرين الأمير سلمان بن حمد آل خليفة. وتجاوزت قيمة المشروعات التي اتفق عليها الجانبان 600 مليون دولار، في خطوة تؤكد أن التعاون بين البلدين يتجه نحو مستوى أكثر شمولًا واستراتيجية، بعيدًا عن الطابع البروتوكولي التقليدي.
طفرة في حجم التبادل التجاري
تستهدف مصر والبحرين رفع حجم التبادل التجاري بينهما إلى 1.5 مليار دولار خلال عامين فقط، مقارنة بنحو 661 مليون دولار في عام 2024، أي بزيادة تصل إلى 127%، وفق ما نقلته وكالة "بلومبرج". ويشمل هذا النمو المرتقب تبادل المواد البترولية إلى جانب قطاعات أخرى، ما يعكس تنوع مجالات التعاون ورغبة الجانبين في تحقيق قفزة نوعية على صعيد التبادل التجاري.
استثمارات بحرينية متنوعة في السوق المصرية
كشف وزير الاستثمار، حسن الخطيب، أن حجم الاستثمارات البحرينية في مصر بلغ نحو 470 مليون دولار حتى نهاية 2024، موزعة على أكثر من 237 شركة تعمل في مجالات متعددة مثل الخدمات المالية والصناعة والسياحة والعقارات. ومع التوجه الجديد، تسعى القاهرة إلى جذب المزيد من الاستثمارات البحرينية في قطاعات واعدة، من بينها السياحة والعقارات، وتكنولوجيا المعلومات، والخدمات المالية غير المصرفية، فضلًا عن الزراعة والصناعة، والأسمدة والمنسوجات والأدوية.
أبرز الاتفاقيات الموقعة
من بين الاتفاقيات التي تم توقيعها خلال المنتدى، برزت مذكرة تفاهم بين شركة مصر للألومنيوم وشركة ألمنيوم البحرين لتقييم جدوى إنشاء مصنع لتكرير مادة الألومينا في مصر.
هذه الخطوة تمثل مشروعًا استراتيجيًا يمكن أن يعزز من موقع البلدين في سلاسل القيمة العالمية لصناعة الألومنيوم. كما تم توقيع عدة اتفاقيات أخرى تعكس تنوع مجالات التعاون، بما يضمن توزيع الاستثمارات على قطاعات مختلفة تدعم التنمية المستدامة.
تصريحات بحرينية تؤكد الرؤية المستقبلية
من جانبها، أوضحت نور بنت علي الخليف، وزيرة التنمية المستدامة والرئيسة التنفيذية لمجلس التنمية الاقتصادية البحريني، أن بلادها ترى فرصًا استثمارية واعدة في قطاعات الخدمات المالية والسياحة والصناعة داخل مصر. وأشارت إلى أن اللقاء المرتقب بين العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد يشهد توقيع المزيد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم لتعزيز مسار الشراكة الاقتصادية.
القطاع الخاص في قلب التعاون
يرى الدكتور هاني الشامي، عميد كلية إدارة الأعمال بجامعة المستقبل، أن النتائج التي خرج بها المنتدى تعكس وجود إرادة سياسية واضحة لتحويل العلاقات بين القاهرة والمنامة من مجرد تعاون دبلوماسي إلى شراكة اقتصادية حقيقية على أرض الواقع.
وأكد أن إشراك القطاع الخاص ليكون ركيزة أساسية في هذه الشراكة سيفتح آفاقًا واسعة لخلق فرص عمل جديدة، ويسهم في تعزيز النمو الاقتصادي في البلدين.
مصر بوابة للأسواق العالمية
أضاف الشامي أن فتح الباب أمام الاستثمارات البحرينية للاستفادة من شبكة الاتفاقيات التجارية الواسعة التي وقعتها مصر مع العديد من التكتلات الاقتصادية العالمية، يجعل من القاهرة بوابة استراتيجية للشركات البحرينية نحو أسواق أفريقيا وأوروبا وآسيا،وهو ما يتيح للمنامة تعزيز حضورها على الساحة الدولية عبر السوق المصرية.
مستقبل واعد للتكامل الاقتصادي
توقع الشامي أن تشهد الفترة المقبلة طفرة في حجم الاستثمارات والتبادل التجاري بين مصر والبحرين، خاصة في ظل التسهيلات التي أعلنتها الحكومة المصرية للمستثمرين البحرينيين.
واعتبر أن هذه الاتفاقيات ليست مجرد بروتوكولات، بل بداية لمرحلة جديدة من التعاون الاستراتيجي القائم على تبادل المصالح وتحقيق التنمية المشتركة.
تؤكد الاتفاقيات والمذكرات الموقعة بين مصر والبحرين أن العلاقات الثنائية دخلت مرحلة جديدة من التكامل الاقتصادي، تتجاوز حدود التعاون التقليدي إلى بناء شراكة استراتيجية شاملة. فبينما تستفيد البحرين من مكانة مصر كبوابة للأسواق العالمية، تعزز القاهرة من تدفق الاستثمارات الخليجية في قطاعات حيوية تدعم خططها للتنمية المستدامة. وبذلك، يبدو المستقبل مفتوحًا أمام المزيد من الإنجازات الاقتصادية المشتركة، التي من شأنها أن تعزز استقرار المنطقة وتدفع نحو نهضة تنموية حقيقية تخدم الشعبين الشقيقين.