اعتبرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، أن استقالة رئيس الوزراء الياباني شيجيرو إيشيبا، تعد أحد أبرز الشخصيات الإصلاحية في الحزب الليبرالي الديمقراطي ووزير الدفاع السابق، تُفاقم فترة غير عادية من الغموض وعدم اليقين السياسي في اليابان، إحدى أكثر الديمقراطيات استقرارًا في العالم، وحليفًا أمنيًا رئيسيًا للولايات المتحدة.
ورأت الصحيفة أن هذه الاستقالة تأتي في وقت حساس، حيث يواجه الحزب الحاكم ضغوطا متزايدة تتعلق بالفضائح السياسية وتراجع ثقة الشارع، ما يُثير تساؤلات حول مستقبل القيادة اليابانية واستقرار الحزب الذي حافظ على السلطة بشكل شبه متواصل منذ نحو سبعة عقود.
وأوضحت الصحيفة أن إيشيبا، أعلن اليوم أنه سيستقيل بعد أقل من عام في منصبه، عقب هزيمتين برلمانيتين ساحقتين كلفتا الحزب الحاكم، الذي حكم البلاد لفترة طويلة، أغلبيته الائتلافية في كلا المجلسين التشريعيين.
وقال إنه اتخذ هذا القرار؛ بعد انتهاء مفاوضات التعريفات الجمركية مع الولايات المتحدة، والتي وصفها مرارًا وتكرارًا بأنها "أزمة وطنية"، مجادلًا بضرورة معالجتها تحت إدارته.
ووقّعت الدولتان مذكرة تفاهم الأسبوع الماضي، كما صدر أمر تنفيذي أمريكي يُحدد الاستثمارات التي تعتزم اليابان القيام بها في الولايات المتحدة مقابل تخفيض الرسوم الجمركية.
وصرح إيشيبا، عقب توقيع هذه الاتفاقيات، بأنه يعتقد أن "اللحظة مناسبة.. للتنحي وتسليم زمام الأمور للزعيم القادم".
وقال إيشيبا- خلال مؤتمر صحفي اليوم الأحد-: "شعرتُ أن هذه المسألة قد وصلت إلى مرحلة مهمة، لطالما أكدتُ أنه لا ينبغي التشبث بالمنصب، وأن القرار الصحيح يجب أن يُتخذ في الوقت المناسب بعد الوفاء بمسئولياته".
وأعلن إيشيبا أنه سيتنحى عن منصبه كزعيم للحزب، وبالتالي كقائد للبلاد، وسيقرر حزبه الليبرالي الديمقراطي الآن موعد إجراء انتخابات لاختيار خليفته.
وأشارت الصحيفة إلى أن إيشيبا تولى السلطة في أكتوبر الماضي، واعدًا بمعالجة ارتفاع الأسعار وإصلاح حزبه الذي كان يعاني بعد فضيحة جمع تبرعات ولكن بعد فترة وجيزة من توليه القيادة، خسر الحزب أغلبيته المطلقة في مجلس النواب الأقوى في البرلمان لأول مرة منذ 15 عامًا.
وأضعفت هذه الخسارة مكانة إيشيبا بشكل كبير، ثم جاءت ضربة خسارة انتخابات مجلس الشيوخ في يوليو الماضي، تاركةً الحزب بدون أغلبية ائتلافية في أي من مجلسي البرلمان بعد أن حكم بشكل شبه مستمر منذ عام 1955، وفقا للصحيفة.
وتابعت الصحيفة أن إيشيبا قاوم الدعوات لاستقالته لكن الزخم بدأ يتزايد داخل بعض قطاعات الحزب للضغط من أجل إقالته.
وكان من المقرر أن يقرر الحزب الليبرالي الديمقراطي، غدا الإثنين، ما إذا كان سيُجري انتخابات خاصة لإقالة إيشيبا.
ولفتت الصحيفة أيضا إلى أن عدم الاستقرار السياسي يأتي في الوقت الذي تواجه فيه اليابان رئيسا أمريكيا متقلبا في مفاوضاتها التجارية.
وأعرب إيشيبا عن أسفه لعدم تمكنه من استعادة الثقة في الساحة السياسية، لا سيما فيما يتعلق بدور المال - في إشارة إلى فضيحة جمع التبرعات التي تورط فيها حزبه، معبرا عن قلقه بشأن مستقبل الحزب في ظل غياب إصلاح حقيقي.
وقال إيشيبا: "يجب على حزبنا الليبرالي الديمقراطي أن يتحمل المسئولية ويضع خطًا واضحًا، كما يجب ألا يكون الحزب الليبرالي الديمقراطي حزبًا يعمل فقط لتحقيق مكاسب آنية أو لتحقيق مصالح ذاتية".
واعتذر إيشيبا للأمة عن قراره بالاستقالة، قائلًا إنه سيقضي أيامه المتبقية كرئيس للوزراء في التركيز على القضايا التي تهم الناخبين.
وتابع إيشيبا قائلا: "أعتذر بشدة إلى شعب اليابان عن اضطراري للاستقالة بهذه الطريقة، أنا آسف حقًا".