قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

د.علي عبدالحكيم الطحاوي يكتب: مصر قلب المعادلة الإقليمية والدولية

د. علي عبدالحكيم الطحاوي
د. علي عبدالحكيم الطحاوي

أرى أن مصر في قلب المعادلة الإقليمية لأنها لم تكن يومًا دولة عادية في محيطها فهي بحكم التاريخ والجغرافيا والوزن البشري والسياسي قلب الأمة العربية وبوابة القارة الإفريقية وجسر التواصل بين الشرق والغرب.

وأرى أيضًا أن السنوات الأخيرة في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي أكدت أن القاهرة لم تعد فقط حاضرة بثقلها التاريخي بل عادت لتصبح صانعة للتوازنات وفاعلاً رئيسياً في رسم معادلات الإقليم والعالم .

لذلك الدور المصري في القمة العربية الإسلامية التي استضافتها قطر عكست بوضوح هذا الدور حيث مثل الموقف المصري نقطة التقاء بين العقلانية السياسية والالتزام القومي وكان ذلك واضح من خلال كلمة الرئيس السيسي عن أن القضية الفلسطينية أنها ستظل جوهر الأمن القومي العربي وأن مصر ماضية في جهودها لإيقاف نزيف الدم الفلسطيني عبر التحرك السياسي والدبلوماسي والإنساني .

لأن مصر منذ عقود لم تتوقف عن دعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني لكنها في السنوات الأخيرة كثفت مبادراتها ووساطاتها لتصبح طرفًا لا يمكن تجاوزه في أي ترتيبات تخص غزة أو مسار التسوية . 

لإن ما تقوم به مصر في هذا الملف يعكس ليس فقط التزامًا قومياً بل إدراكاً استراتيجياً بأن استقرار فلسطين هو حجر الزاوية في استقرار المنطقة كلها .

وفي نفس دور السياق نجد مصر في قلب المعادلة الدولية من خلال زيارة ملك إسبانيا إلى مصر لتضيف بعداً آخر إلى مكانة وقوة مصر دوليًا حيث أظهرت أن الدول الأوروبية تنظر إليها باعتبارها شريكاً استراتيجياً محوريًا في قضايا المتوسط والأمن والطاقة والهجرة .

لذا لم تعد مصر مجرد بوابة لإفريقيا أو قناة لوجستية عبر قناة السويس بل باتت مركز ثقل إقليمي يحظى باحترام دولي متزايد .

ونجد هذه الزيارة الملكية قد أبرزت كيف استطاعت مصر في عهد السيسي أن تعيد بناء جسور الثقة مع أوروبا على أسس من المصالح المشتركة والشراكات الاقتصادية، وفي الوقت نفسه التفاهم السياسي في مواجهة التحديات العالمية .

لأن القوة الحقيقية لمصر اليوم لا تكمن فقط في موقعها الجغرافي أو في تاريخها الحضاري بل في قدرتها على الجمع بين عناصر داخلية قوية ورؤية خارجية واضحة .

لذلك نرى جميعا الإصلاحات الاقتصادية، والمشروعات القومية العملاقة، وشبكات البنية التحتية غير المسبوقة، وتعزيز قدرات الجيش المصري، كلها عوامل صنعت نموذجًا لدولة صلبة وقوية من الداخل قادرة على أن تكون مؤثرة في محيطها الخارجي .

هذه القوة الداخلية منحت مصر ثقة في التحرك الخارجي وأعادت لها دور "المحور" الذي يرجع إليه الجميع عند الأزمات.

لقد أثبتت مصر أنها ليست مجرد دولة تدلي ببيانات أو تشارك في قمم بل دولة تبادر وتقترح وتتحرك .

لأن مصر اليوم هي التي تقود جهود المصالحة الفلسطينية، شاريك أساسي في إعادة إعمار غزة والحفاظ على سكان قطاع غزة وتدفع أيضًا نحو استقرار السودان وليبيا، وتتصدى لمحاولات تهديد الأمن القومي العربي في البحر الأحمر والبحر المتوسط .

ونجد مصر في الوقت نفسه هي التي تقيم شراكات متوازنة مع أوروبا والولايات المتحدة وروسيا والصين، دون أن تفرط في استقلال قرارها السياسي رغم الأحداث الجيوسياسية .

لذلك هذا الدور المركب الذي يجمع بين الالتزام العربي والإسلامي والانفتاح الدولي هو ما يجعل مصر اليوم قلب المعادلة الإقليمية والدولية . 

وكل هذا في وقت تعاني المنطقة من أزمات متلاحقة وصراعات مفتوحة تثبت مصر أنها قادرة على أن تكون صوت العقل والحكمة وصمام الأمان الذي يوازن بين المصالح ويبحث عن الحلول .

ما تحقق في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي هو إعادة بناء لمكانة مصر الإقليمية والدولية على أسس جديدة وتوازن بين القوة الصلبة للدولة بما تمتلكه من جيش قوي واقتصاد يتعافى والقوة الناعمة التي تمارسها عبر ثقافتها ودبلوماسيتها وحضارتها العريقة ، وهذه هي المعادلة التي تجعل من القاهرة اليوم ليس مجرد عاصمة عربية كبرى بل عاصمة للتوازنات وقلباً نابضاً للمنطقة والعالم .