قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

أمنحتب الثالث يعود للحياة.. فتح المقبرة الملكية بعد عشرين عاما من الترميم الدقيق

مقبرة الملك أمنحتب الثالث
مقبرة الملك أمنحتب الثالث

بعد أكثر من عقدين من العمل المتواصل والدراسة الدقيقة، التي تعاونت خلالها بعثات مصرية ودولية تحت إشراف منظمة اليونسكو، تشهد مدينة الأقصر حدثًا أثريًا استثنائيًا بإعادة افتتاح مقبرة الملك أمنحتب الثالث، أحد أعظم ملوك الأسرة الثامنة عشرة، الذي قاد مصر إلى واحدة من أزهى فتراتها حضارةً وفنًا.

يأتي هذا الافتتاح تتويجًا لجهود مضنية امتدت لأكثر من عشرين عامًا، خصصت لترميم الجدران والنقوش واستعادة الألوان الأصلية التي تعكس براعة الفنان المصري القديم.

ويعد هذا الحدث نقلة نوعية في مسيرة الحفاظ على التراث المصري، ليس فقط لما تمثله المقبرة من كنز أثري فريد يضم مشاهد نادرة توثق فلسفة الحكم والعقيدة في الدولة الحديثة، بل أيضًا لما يعكسه من نجاح تجربة التعاون الدولي في صون التراث الإنساني المشترك.

فالمقبرة التي كانت لسنوات طويلة مغلقة أمام الزوار بسبب تدهور حالتها، عادت اليوم لتفتح أبوابها.

حسين عبد البصير: مقبرة أمنحتب الثالث تعود للحياة بعد 20 عاما من الترميم

أكد الدكتور حسين عبد البصير، عالم الآثار أن مقبرة الملك أمنحتب الثالث تعرضت لتلف كبير على مدى سنوات طويلة، نتيجة عوامل متعددة مثل الرطوبة، والأملاح، وتكسر الصخور، وتلف بعض الرسوم والجدران.

وأوضح عبد البصير أن الترميم لم يكن مجرد عملية تنظيف أو تجميل، بل شمل إصلاحًا بنيويًا شاملًا للحفاظ على الاستقرار الإنشائي للمقبرة ومنع أي انهيارات مستقبلية، مشيرًا إلى أن المقبرة كبيرة الحجم وتضم غرفًا متعددة ورسومًا جدارية دقيقة تعد من أروع ما خلفته الحضارة المصرية القديمة.

وأضاف أن الفريق القائم على المشروع استخدم تقنيات حديثة في الترميم، من بينها المسح الثلاثي الأبعاد، ومراقبة الصخور، والحفاظ على ألوان الرسوم التي تأثرت بالعوامل الجوية على مر القرون.

وأشار إلى أن العمل تم على مراحل متقطعة بسبب طبيعة المشروع، إذ استلزم فترات توقف ثم إعادة انطلاق، نظرًا لأن التمويل والتنسيق مع الخبراء الأجانب ودراسة الوضع الإنشائي والبيئي احتاجت وقتًا طويلًا.

وبين عبد البصير أن المشروع جاء بقيادة أجنبية وبشراكة مع اليونسكو وجهات مصرية، ما تطلّب تنسيقًا دقيقًا والتزامًا بالمعايير الدولية والمحلية، خاصة أن الحفاظ على التراث العالمي يخضع لقوانين صارمة وإجراءات دقيقة.

وأوضح أن الاضطرابات السياسية والأمنية بعد ثورة 2011 اثرت على وتيرة العمل في كثير من المشروعات الأثرية، ومنها المقبرة، بسبب تراجع الاستقرار وتقلص التمويل والاهتمام السياحي مؤقتًا.

وأكد عبد البصير أن الفريق حرص على أن يكون افتتاح المقبرة آمنًا، وألا يؤدي الإقبال السياحي الكبير المتوقع إلى تعريضها لأي تلف جديد، مشيرًا إلى أن المشروع تضمن تجهيزات أمان وترتيبات تنظيمية دقيقة لضمان الحفاظ على المقبرة بعد فتحها للزوار.

وفيما يتعلق برمزية المقبرة التاريخية والثقافية، قال عبد البصير إن الملك أمنحتب الثالث يعد من أعظم فراعنة الأسرة الثامنة عشرة، ويمثل عصره ذروة الازدهار الفني والسياسي، موضحًا أن الرسوم والمناظر داخل المقبرة تعد من أرقى ما وصلنا من فنون ذلك العصر، وفتحها أمام الجمهور يمثل فرصة نادرة لرؤية هذا الإرث الإنساني الفريد عن قرب.

وأضاف أن الافتتاح يأتي في توقيت مناسب جدًا، بالتزامن مع استعداد مصر لافتتاح المتحف المصري الكبير، مما يخلق زخمًا ثقافيًا وسياحيًا عالميًا حول التراث المصري.

وشدد عبد البصير على أن إنجاز مشروع بهذا الحجم وبهذه الدقة يعكس كفاءة الدولة المصرية في مجال حفظ وصيانة التراث، ويؤكد أن مصر تستطيع منافسة كبرى المؤسسات الدولية في تنفيذ مشاريع ترميم عالية المستوى.

وختم حديثه قائلًا إن فتح المقبرة يمثل أيضًا فرصة علمية وبحثية كبيرة أمام علماء المصريات وخبراء الترميم، إذ يتيح لهم دراسة ميدانية أعمق، وربما اكتشاف تفاصيل جديدة لم ترصد من قبل داخل المقبرة الملكية.