عشت ما يناهز نصف قرن أتنفس القانون.. هذه العبارة قالها المستشار حنفي جبالي، رئيس البرلمان المصري، في آخر جلسات البرلمان، وهي تلخص مسيرته المهنية الطويلة. أكثر من مرة، وكل مرة عشر دقائق، صفق له النواب أثناء الكلمة تقديرًا لشخصه وتقديرًا لكفاءته القانونية والإنسانية والشخصية، وانضباطه وإدارته للبرلمان لخمس سنوات.
تابعت جلسات البرلمان، ورأيت عن قرب كيف يضبط إيقاع القاعة منذ لحظة دخوله، وكيف يدير النقاشات بثقة وهدوء واحترام للجميع. الأداء البرلماني في وجوده كان منظمًا وواضحًا، والجلسة تسير بإيقاع ثابت يعكس عقلًا قانونيًا يعرف قيمة الكلمة حين تصدر من منصة التشريع.
طريقة إدارته تؤكد أنه ينظر إلى القانون باعتباره مسؤولية وضميرًا، وليس مجرد مادة مكتوبة.
دائمًا يمنح النواب مساحة للتعبير بحرية، ثم يعيد تنظيم الحوار بجملة واضحة تعيد الجلسة إلى مسارها بكل احترام وهدوء. هذه القدرة على الجمع بين الحزم والاتزان هي ما جعلت حضوره مهنيًا وهادئًا وقويًا في الوقت نفسه.
المستشار حنفي جبالي شخصية مؤسسية. خبرته التي تمتد لخمسين عامًا في القضاء ثم العمل النيابي تمثل قيمة كبيرة، ونموذجًا لمسؤول يؤدي دوره بكل حب لبلده، وبكل وطنية وإخلاص.
يمتلك رصيدًا مهنيًا وإنسانيًا كبيرًا، رصيدًا مهمًا من الخبرة، ومن يتابع تجربته يعرف أن أثره في الحياة السياسية سيظل ممتدًا بما قدمه من استقرار ووضوح واحترام لقواعد النقاش العام.
على مدى خمس سنوات أحضر وأتابع عمل البرلمان من شرفة الصحافة، وأجد أن من حق هذه التجربة أن تُسجل، ومن حق صاحبها أن يُشكر على ما قدمه من انضباط واحترام للمؤسسة التشريعية. المستشار حنفي جبالي قدّم نموذجًا جميلًا.
كل التقدير لهذه التجربة الهادئة والواثقة، وكل الاعتزاز بشخصية تعمل بهدوء وثقة.
أعتقد أن خبرته هذه لا بد أن تتحول إلى كتب تشرح تجربته الشخصية والإنسانية، وبالتأكيد سنراه في موقع آخر تستفيد منه مصر.