لعل ما يطرح السؤال عن هل يجب بر الأب الظالم للأم؟، هو وضوح الأمر الرباني ببر الوالدين والإحسان إليهما في نصوص القرآن الكريم، فضلاً عن نصوص السُنة النبوية الشريفة، فيما أن هناك آباءً لا يعينوا أبنائهم على برهم، وهذا ما يطرح السؤال عن هل يجب بر الاب الظالم للأم؟، حيث قد يظن البعض أن قسوة الأب وظلمه قد يكون مبررًا لمقاطعته أو عقوقه، وهو ما يعد من كبائر الذنوب، لذا ينبغي معرفة حقيقة وحكم هل يجب بر الاب الظالم للأم؟.
هل يجب بر الأب الظالم
قالت دار الإفتاء المصرية ، إن الأمر ببر الوالدين والإحسان إليهما، وفعل ما يسرهما، وعدم الإساءة إليهما بالقول أو الفعل ورد في القرآن والسنة عامًّا غير مشروط بصلاحهما وحسن تصرفهما، فالوالدان لهما حق البر والإحسان في جميع الأحوال، ولا يسقط بإساءتهما على الإطلاق.
وأوضحت " الإفتاء" في إجابتها عن سؤال : هل يجب بر الاب الظالم للأم؟، أن الأب أو الأم لهما حق البر والإحسان في جميع الأحوال، ولا يسقط هذا الحق بإساءة أحدهما للآخر، أو سوء تصرفاته.
وأضافت أنه ينبغي على الأولاد حينئذ توجيه النصح إلى والدهم بالمعروف، وذلك النصح يستلزم الحكمة في الشكل واختيار التوقيت والأسلوب والألفاظ المناسبة؛ ليتحقق بذلك الغرض المطلوب من الإصلاح بينهما.
واستطردت: وحتى لا يؤدي خلاف ذلك إلى مفسدة أعظم، وفي كل الأحوال ينبغي على الزوجين تجنب وقوع الخلافات الزوجية بشكل عام وأمام أولادهما على وجه الخصوص.
عقوبة عقوق الأب
وأشارت إلى أنه نهى الله تعالى عن عقوق الوالدين، وجعل عواقبه شديدةً ووخيمةً؛ ففيه عقوبة في الدُّنيا قبل الآخرة؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قال: «بابانِ مُعجَّلانِ عُقوبتُهما في الدنيا: البَغْيُ، والعقُوقُ» رواه الحاكم في "المستدرك".
وأفادت بأن عقوق الوالدين مانعٌ من دخول الجنَّة؛ روى النسائي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قال: «ثلاثةٌ لا ينظرُ اللهُ عزَّ وجلَّ إليهم يومَ القيامةِ: العاقُّ لوالِدَيهِ، والمرأةُ المترجِّلةُ، والدَّيُّوثُ، وَثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ: الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ، وَالْمُدْمِنُ عَلَى الْخَمْرِ، وَالْمَنَّانُ بِمَا أَعْطَى».
ما هو العقوق
ونبهت إلى أنه قد بيَّن العلماء أن العقوق: هو كلُّ ما يؤذي الوالدين أو أحدهما غير معصية الله تعالى؛ قال العلامة ابن حجر الهيتمي في "الزواجر عن اقتراف الكبائر" (2/ 115، ط. دار الفكر): [والوجه الذي دلَّ عليه كلامهم أن ذلك كبيرة كما يعلم من ضابط العقوق الذي هو كبيرة، وهو أن يحصل منه لهما أو لأحدهما إيذاء ليس بالهين؛ أي عرفًا] اهـ.
واستندت لما قال الإمام ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري شرح صحيح البخاري" (10/ 406، ط. دار المعرفة، بيروت): [والعقوق -بضم العين المهملة- مشتقٌّ من العق؛ وهو القطع.
وتابعت: والمراد به صدور ما يتأذَّى به الوالد من ولده من قولٍ أو فعلٍ إلا في شرك أو معصية ما لم يتعنت الوالد، وضبطه ابن عطية بوجوب طاعتهما في المباحات فعلًا وتركًا، واستحبابها في المندوبات، وفروض الكفاية كذلك] اهـ.
ولفتت إلى ما قال العلامة المناوي في "التيسير بشرح الجامع الصغير" (1/ 251، ط. مكتبة الإمام الشافعي، الرياض): [والعقوق: ما يتأذى به من قول أو فعل غير محرم ما لم يتعنت الأصل] اهـ.